تسريبات تركية جديدة تؤكد تورط دحلان والإمارات في جريمة قتل خاشقجي

تركيا بدأت الدخول في مرحلة هجوم جديدة، بفضح تورط الإمارات في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وذلك من خلال رجلها محمد دحلان؛ حيث كشفت صحيفة “يني شفق” التركية، اليوم الأحد 18 نوفمبر 2018، نقلا عن مصادر رفيعة المستوى، أن اسم محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، ارتبط بقضية مقتل خاشقجي، بعد ثبوت قدوم 4 من فريقه الأمني من لبنان إلى إسطنبول، كانت مهمتهم هي العمل على طمس أدلة قتل خاشقجي في القنصلية السعودية.

وبحسب المصادر، فإن السلطات الأمنية التركية تمتلك فيديوهات لهؤلاء، لافتة إلى أن دحلان هو اليد المنفذة لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وكان له دور فاعل في تفاصيل مقتل خاشقجي، حيث وصل أربعة أشخاص يتبعون فريقه الأمني قبل يوم واحد من ارتكاب جريمة قتل خاشقجي في الثاني من شهر أكتوبر الماضي، ودخل الفريق مقر القنصلية، وبقوا في إسطنبول لمدة ثلاثة أيام، وكانوا مكلفين بمهمة طمس آثار جريمة قتل خاشقجي.

وكشفت المصادر التركية أن هؤلاء الأشخاص الأربعة دخلوا تركيا بجوازات سفر مزورة، ونقلوا إلى مقر القنصلية السعودية في إسطنبول آلات تقنية وبعض المواد الكيميائية، وبعد أن نفذوا مهمتهم بطمس الأدلة، غادروا تركيا في الرابع من الشهر الماضي.

وذكرت الصحيفة أن الاستخبارات التركية تمتلك صورا لهم وهم في موقع الحادث، كما أنها توصلت إلى أسماء الفريق وتفاصيل متعلقة بأنشطته.

قاتل مأجور

كانت السلطات التركية قد ألمحت، عقب الجريمة، إلى أن هناك مشاركين غير سعوديين في قتل خاشقجي، وأن الطائرات التي أقلّت فريق الاغتيال هبطت في دول أخرى قبل توجُّهها إلى المملكة العربية السعودية.

المصادر التركية أشارت إلى الدور القذر الذي يقوم به دحلان كقاتل مأجور تتردد أنباء عن تورطه في كثير من الجرائم القذرة باليمن ودول أخرى بالمنطقة، كاشفة أنه يدير فريقا مأجورا للقتل، عناصره أمريكية الجنسية، ويمول ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عملياته القذرة.

وكانت تركيا قد فجرت، أمس، دليلا جديدا على تورط محمد بن سلمان في اغتيال خاشقجي، بالكشف عن حقنه بإبرة في بطنه بعد قتله مباشرة من أجل تجلط الدم “تجمده”؛ لعدم ترك آثار للدماء أثناء تقطيع الجثمان، ما يؤكد أن قرار القتل كان في الرياض لا في القنصلية. كما أن تركيا كانت قد كشفت عن تسريب جديد يكشف عن اتفاق فريق القتل وتحديد مهمة كل منهم قبل دخول خاشقجي القنصلية، وهي الأدلة التي تعصف بالرواية السعودية التي تستخدم جميع الأكاذيب من أجل تبرئة ولي العهد عن الجريمة المروعة.

ترامب وجريمة خاشقجي

من جانبه أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن بلاده تمتلك تسجيلات مقتل خاشقجي لكنه لا يريد الاستماع إليها؛ معللا ذلك بأنه “تسجيل معاناة.. تسجيل مروع”.

وقال ترامب، في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”: “لدينا التسجيل، لا أريد الاستماع إليه، ليس لدي أي سبب للاستماع إليه”، موضحا أنه لا يريد الاستماع إليه لأنه “تسجيل معاناة، تسجيل مروع”. وأضاف: “لقد أطلعوني بشكل كامل على محتواه، ليس لدي أي سبب للاستماع إليه، وسألت الناس إذا كان يجب الاستماع إليه، وأخبروني أنه لا يجب ولا يوجد سبب للاستماع إليه”. وتابع ترامب بالقول: “أعلم جيدا كل شيء حدث في التسجيل دون الاستماع إليه، إنه عنيف جدا، إنه وحشي، إنه مروع”.

لكن الرئيس الأمريكي في المقابل، قد قال إن ولي العهد السعودي أخبره “5” مرات أنه ليس متورطا في القتل! واعتبر عقوبات الخارجية على 17 متورطا  في الجريمة صارمة، لكنه في الوقت نفسه قال: لدينا حليف وأريد أن أحافظ على العلاقة مع حليف كان جيدا جدا في كثير من النواحي”.

“ابن سلمان”

ولا تزال تداعيات التقييم- الذي أصدرته وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي آي إيه)، والذي يخلص إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من أصدر الأوامر بقتل خاشقجي- تتواصل وتلقي بظلالها على الساحة السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، وسط تقارير عن فجوة واضحة بين موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جانب، والـ(سي آي إيه) والكونجرس والصحافة الأمريكية من جانب الآخر.

وكان ترامب قد وصف، السبت 17 نوفمبر، تقييم الوكالة بأنه” سابق لأوانه جدا”، قائلا إنه سيتلقى تقريرا كاملا بشأن القضية الثلاثاء 20 نوفمبر. وأضاف الرئيس الأمريكي الذي كان يتحدث خلال زيارة لولاية كاليفورنيا أن هذه الجريمة “كان يجب ألا تحدث مطلقا”. غير أنه لم يحدد من الذي يعد التقرير الذي تحدث عنه، رغم قوله إن النتيجة التي توصلت لها وكالة الاستخبارات الأمريكية “ممكنة”.

ويبدو موقف الرئيس الأمريكي في دفاعه المتواصل عن ولي العهد السعودي، غير متسق تماما مع ما تقوله وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كما يبدو غير متسق ومتعارض مع ما يردده أعضاء بالكونجرس الأمريكي، وكذلك ما تنشره الصحافة الأمريكية، وهو ما يضع الرئيس بمفرده في مواجهة معظم مؤسسات صنع القرار في الولايات المتحدة، ويطرح تساؤلات حول إمكانية استمراره في الدفاع عن ولي العهد السعودي، بحسب شبكة بي بي سي البريطانية.

وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، بوب كوركر، قد علّق على تقييم وكالة الاستخبارات الأمريكية بالقول، إن “بن سلمان” هو من أمر بقتل خاشقجي وعلى ترامب التحرك قبل إعدام المنفذين، وأضاف: “كل شيء يشير إلى أن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان هو من أمر بقتل جمال خاشقجي”.

من جانبه دعا السيناتور الأمريكي “ريتشارد بلومنثال” أيضا إلى إزاحة محمد بن سلمان ومعاقبته، وقال في تغريدة له على “تويتر”: “يجب أن تكون هناك عواقب وعقوبات لقتل خاشقجي، ويجب محاكمة بن سلمان وإزاحته بشكل نهائي، بدلاً من الاستمرار في التستر بتمكين من ترامب”، مشددا على ضرورة أن يقبل الرئيس الأمريكي بما توصلت إليه وكالة الاستخبارات الأمريكية.

أكاذيب

من جانبها قالت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، في افتتاحيتها الأحد 18 نوفمبر، إن الرئيس الأمريكي “يدافع عن أكاذيب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”، رغم تقييم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب يعتزم دعم ابن سلمان رغم تقييم الوكالة بشأن من قتل خاشقجي، وذلك “لأنه لا يريد أن يقول إن إدارته أخطأت في تقديرها بشأن بن سلمان”.

وفي ظل هذا الاستقطاب الواضح بين موقف الرئيس ومواقف عدة مؤسسات أمريكية فيما يتعلق بالقضية، يطرح مراقبون تساؤلات بشأن مدى امكانية استمرار ترامب في نهجه المدافع عن ولي العهد السعودي، وفي الوقت الذي يقدر فيه هؤلاء المراقبون كم الضغوط التي تمارس على الرئيس، من قبل المؤسسات الأمريكية في هذه القضية، فإنهم يرون أيضا أن ترامب يعول كثيرا على ولي العهد السعودي في تمرير ما بات يعرف بصفقة القرن، لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنه لن يتخلى عن محمد بن سلمان بسهولة، وسيظل يدافع عنه حتى اللحظة الأخيرة.

وكان عدة كتاب وأعضاء أمريكيين بالكونجرس قد دعوا العائلة المالكة في السعودية إلى أخذ زمام المبادرة بعزل ولي العهد السعودي وإحلاله بشخصية تحظى بتوافق أكبر داخل العائلة وكذلك بقبول دولي. فإلى أي مدى يظل ترامب يدافع عن “بن سلمان”؟ وهل سيتمكن ترامب من فرض رؤيته أم أن المؤسسات الأمريكية المدعومة إعلاميا ستجبر ترامب على التخلي عن بن سلمان؟ وما مسار العلاقة إذا أصر ترامب على مواقفه؟ وهل ستتمكن الأسرة المالكة من الإطاحة بولي العهد والتوافق على شخصية مقبولة دوليا ومحليا؟ تبقى الإجابة على هذه التساؤلات مفتوحة على كل الاحتمالات وما يحمله المستقبل من سيناريوهات متباينة واحتمالات متعددة، لكن الحقيقة أن ابن سلمان والنظام السعودي وقع في ورطة كبيرة كلها خسائر.