نساء خالدات : مارية بنت شمعون القبطية

هي من جواري رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي مارية بنت شمعون القبطية، جاءت من أرض مصر من قرية حَفن، وقد وضع معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- الخراج عن هذه القرية في أيام توليه؛ إكرامًا لمارية القبطية لكونها حملت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. ماذا أهدى المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ لما عاد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من الحديبية في السنة السادسة للهجرة من شهر ذي القعدة، أرسل حاطب بن أبي بلتعة إلى والي الإسكندرية؛ وهو المقوقس القبطي، وبعث معه كتابًا يدعوه فيه إلى الدخول في الإسلام وعبادة الله -تعالى- وحده، فلما وصل الكتاب إلى المقوقس وقرأ ما فيه قال خيرًا، ثم أخذ الكتاب ووضعه في حُقٍّ من عاج ووضع ختمه عليه، وأعطاه لجارية عنده، ثم كتب إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- جوابًا على كتابه، وبعث به إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وأهدى إليه جاريتين وهما مارية القبطية وأختها سيرين، كما أهدى إليه حماره يعفور وبغلته دُلدُل، غير أنّ المقوقس لم يُسلم. هل أسلمت مارية القبطية؟ لما حضرت مارية القبطية إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنزلها هي وأختها سيرين عند أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها، فدخل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فعرض عليهما الإسلام فأسلمت مارية القبطية وأختها معها رضي الله عنهما. ‏ هل تزوج النبي مارية القبطية؟ لم يتزوج رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من مارية القبطية وإنما وطئها بملك اليمين، يعني أنّه لم يتزوجها وإنّما صارت سريّة له، وحوّلها إلى مكان له بالعالية، كان من أموال بني النضير، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يأتيها هناك. ‏ ولادة مارية لإبراهيم ‏ولدت مارية القبطية لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بغلام وأسماه رسول الله إبراهيم، وقد عقّ عنه رسول الله في اليوم السابع لولادته بشاه، كما حلق رأسه وتصدق بوزن شعره الذي حلقه فضة للفقراء والمساكين، ودفن شعره في الأرض. وقد كانت ولادة إبراهيم في شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة، وتنافست نساء الأنصار على إرضاعه، حتى اختار له رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أم بردة بنت المنذر فأرضعته، كما جاء أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قد أعتق ماريا لما ولدت له ابنه إبراهيم ولم يبلغ إبراهيم -عليه السلام- العامين حتى نزل به مرضٌ شديد لم ينفع معه التداوي، ويوم أن فاضت روح إبراهيم إلى ربه جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- مستندًا على عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- لشدّة ما نزل به، وأخذ الصغير من حجر والدته وعيناه تفيضان بالدموع، فقال عبد الرحمن بن عوف: “وأَنْتَ يا رَسولَ اللهِ؟ فَقالَ: يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ”. هل تعدّ مارية القبطية من أمهات المؤمنين؟ إنّ الثابت والذي عليه أهل العلم أنّ مارية -رضي الله عنها- لا تعدّ في أزواج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنما هي من سراريه، فرسول الله قد اتخذ من الإماء أربع من بينهنّ مارية القبطية رضي الله عنها، وأمهات المؤمنين هنّ فقط زوجات رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}. ‏والجارية التي تنجب من سيّدها تُسمّى أمّ ولده، وكذلك كانت ماريّة رضي الله عنها. توفيت مارية القبطية -رضي الله عنها- في شهر محرم من سنة ست عشرة من الهجرة، وكانت وفاتها في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد صلى عليها عمر -رضي الله عنه- بنفسه، وكان يجمع الناس لحضور جنازتها، ودفنت -رضي الله عنها- في البقيع. #نساء_خالدات