مقاول “خط بارليف” يشتري مصنعًا في دمياط.. هل مصر مُحتلة؟

حلقة جديدة في مسلسل التنازل عن ثوابت السيادة المصرية على أراضيها وبيع أصول الموارد للعرب والأجانب، ولكن هذه المرة سيتم البيع لصالح الأعداء الصهاينة وليس للسعودية والإمارات كالمعتاد. وقبل ستة أيام كشفت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، عن أن شركة “ديليك دريلينج” الصهيونية التي يملكها “إسحاق تشوفا”، مقاول خط بارليف، تبحث إمكانية شراء حصة في شركة إسالة الغاز المصرية “سيجاس”.

الوكالة قالت إنه إذا قامت الشركة الإسرائيلية بشرائها، فستكون هذه أقوى إشارة حتى الآن على أن الصهاينة والعسكر تخطّيا التعاون الأمني في اتجاه العلاقات الاقتصادية العميقة، التي تعني تمكين الصهاينة من مفاصل مصر.

وبحسب الوكالة، فإن الشركة ذكرت في تقريرها السنوي الذي نشر قبل أسبوع، أن شراء قطعة من مرافق إدكو أو دمياط، التي تديرها شركة رويال داتش شل، وشركة يونيون فينوسا الإسبانية على التوالي، هي من بين الطرق المختلفة الممكنة للصفقة المصرية، فيما تطرح خيارات أخرى تتمثل في شرائها من المصانع بدلا من حصص الأسهم، أو تسجيل خدمات تسييل الغاز الخاصة بها، والسؤال المهم: من هو مالك الشركة الإسرائيلية؟

فيديو مُضمّن

السلطة الخامسة@dw_Sulta5

بنى خط بارليف والآن يريد شراء مصنع في دمياط. #السلطة5@dw_arabic٢١٤٩:٣٢ م – ٢٥ مارس ٢٠١٩١٩٦ من الأشخاص يتحدثون عن ذلكالمعلومات والخصوصية لإعلانات تويتر

واجهة جيش الاحتلال

إنه المقاول إسحاق تشوفا، ولد في 7 من يوليو 1948، وهو رجل أعمال وملياردير صهيوني، وهو رئيس مجموعة إل-عاد، صاحبة فندق بلازا في نيويورك، وهو أيضا صاحب مجموعة ديليك، في 2012 كان مدرجا على قائمة فوربس لأغنى 8 يهود في كيان العدو الصهيوني.

وقُدرت ثروته الشخصية في مارس 2013 بمبلغ 1.9 مليار دولار، بعد انخفاضها من 3.5 مليار دولار في 2008. ووُلد تشوفا في ليبيا لعائلة يهودية هاجرت إلى فلسطين المحتلة، وبدأ العمل في الإنشاءات والزراعة، وبعد انتهائه من الخدمة العسكرية، بدأ العمل كمقاول لصالح وزارة الحرب الصهيونية، في بناء التحصينات على طول خط بارليف بالقرب من قناة السويس، بعد احتلال إسرائيل لشبه جزيرة سيناء في حرب 1967.

في السبعينيات أصبح مطورا للضواحي منخفضة الدخل الموجودة في مسقط رأسه نتانيا، بدأ مشروعاته التجارية الكبرى عام 1998، أثناء تخطيطه للسيطرة على مؤسسة النفط الإسرائيلية، ديليك، من مؤسسة ديسكاونت للاستثمارات المملوكة لعائلة ركاناتي؛ ثم قام بتطويرها لتصبح مجموعة ديليك من أكبر الشركات العالمية في مجال الطاقة.

في 3 ديسمبر 2014، قام تشوفا بشراء حصة شركة وودسايد الأسترالية (30%) في حقل لفياثان بمبلغ 170 مليون دولار، وفي 24 من مارس 2019، تواردت أنباء عن عرض الملياردير الصهيوني إسحاق تشوفا، وصاحب مجموعة ديليك، شراء حصة في شركة سيجاز لإسالة الغاز المصرية من أجل توسيع نطاق صادراته، ولكن ما مدى خطورة الصفقة على الأمن القومي المصري؟

خطورة أمنية

وتؤكد قرارات جنرال إسرائيل السفيه السيسي، أن تنازلاته السياسية والاقتصادية للكيانات والدول الداعمة له، تحديدا عن قطاعات ومرافق، لطالما اعتبرها المصريون “لا تُشترى” أو “ذات طابع سيادي”، تحوّلت إلى مسلسل معتاد، لا يؤدي فقط إلى استمرار تقزيم دور مصر الإقليمي، بل أيضًا ينال من حقوق الأجيال المقبلة في الإرث والموارد.

وشهد عهد السفيه السيسي لأول مرة تنازل مصر طوعًا عن جزء من أراضيها، متمثلاً في جزيرتي تيران وصنافير، اللتين منحهما للسعودية بإجراءات متتالية منذ إبريل 2016 وحتى أغسطس 2017، مقابل بعض الهبات والقروض، وبزعم تمكين مصر من التنقيب عن الثروات الطبيعية في مكامنها المحتملة بالبحر الأحمر، الأمر الذي لم يحدث حتى الآن، مقابل إعلان السعودية ضم الجزيرتين لمشروع “نيوم” الاستثماري والسياحي، فضلاً عن تمهيد الطريق لعلاقات جيرة غير مسبوقة بين السعودية والاحتلال الصهيوني، لكن الثمن كان خسارة مصر لسيطرتها التامة على مضيق تيران، الممر الملاحي الوحيد في خليج العقبة، والذي كان الهدف الاستراتيجي لحروب عديدة خاضتها مصر مع كيان العدو الصهيوني.

ومعقبًا على ذلك، قال نايل الشافعي، الاستشاري للعديد من الهيئات الدولية والعالمية: إن إسحاق تشوفا، المقاول الذي بنى خط بارليف، هو واجهة للجيش الصهيوني، وأضاف عبر صفحته على “فيسبوك” “احترسوا من فصل ساحل الدلتا عن مصر”.

وأشار الشافعي إلى أن حقلي لفياثان وأفروديت القبرصي، اللذين تحتلهما إسرائيل، يُتوقع أن يجلب كل منهما نحو 10 مليارات دولار سنويا، أي بإجمالي 20 مليار دولار، وللسنوات العشر القادمة لا وسيلة لبيعه إلا لمصر أو عبر الإسالة في مصر، وهذا كله سيتم في الجميل ودمياط وإدكو.

وتوقع الشافعي أن تفرض إجراءات أمنية على ساحل الدلتا، من الجميل شرقا إلى إدكو غربا، أشد من إجراءات تأمين شرم الشيخ، مضيفا “لكني أتوقع أن ذلك لن يكفي إسرائيل، التي ستسعى لخلق كيان شبه منفصل أو منفصل لساحل الدلتا، لتأمينه ولضمان عدم مطالبة مصر في المستقبل بحقوقها البحرية”.