ماذا يعنى انسحاب ترامب من الاتفاق النووى الإيرانى؟

 

ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في كلمة ألقاها قبل ساعة من كتابة هذه السطور، الاتفاق النووي الذي شاركت فيه أمريكا والاتحاد الأوروبي، إيران قبل 4 سنوات، وهاجم “ترامب” النظام الإيراني واعتبره ممولا لمنظومة الإرهاب الدولية.

واعتبر الرئيس الأمريكي أن “الاتفاق النووي سمح لإيران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم”، و”فشل في السيطرة على نشاط إيران في تطوير الأسلحة البالستية”، غير أنه أكد أن “الاتفاق سمح لطهران بالاستمرار بتخصيب اليورانيوم والوصول لحافة امتلاك سلاح نووي!. ووقع الرئيس على قرار فرض عقوبات على إيران عقب إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي.

ووفق مراقبين، فإن الأمور في الشرق الأوسط وفق ما يريده “نتنياهو- ترامب” تتجه لتضخيم إيران من أجل ابتزاز دول الخليج، ففي الأسبوع الأخير من أبريل الماضي قال ترامب: إنه يريد من دول الخليج 7 تريليونات مقابل حمايتهم، وانزعجت بعض الدول واعتبرته ابتزازا قذرا، ثم ظهر نتنياهو في أول مايو يشرح كيف استولى على وثائق تثبت أن لدى إيران سلاحا نوويا، وأن “إسرائيل” لديها استعداد لتوجيه ضربة ثلاثية لإيران.

ثم ظهر اليوم مجددا رئيس وزراء الاحتلال، ليعلن أن تل أبيب ستمنع إيران من الوجود عسكريا في سوريا، ويشكر ترامب على ما وصفه بالقرار التاريخي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.

أرجوحة العالم

ومواقف علنية تثبت أن الغرب كتلة واحدة، يقسمون أنفسهم قسمين في التعامل مع منطقتنا، وهو ما كشفت عنه صحيفة “نيويورك تايمز”، بالكشف عن قرارات ترامب بشأن إيران، وقالت إن واشنطن تستعد لإعادة فرض جميع العقوبات على إيران، والتي رفعت بموجب الاتفاق النووي، وأن ترامب أبلغ ماكرون أنه سينسحب من الاتفاق النووي مع إيران، غير أن المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية وآخر باسم الرئاسة الفرنسية، نفيا قبل كلمة ترامب ما ذكرته الصحيفة!.

لذلك فإن أول ردود الفعل التي ينظر لها في التعامل مع إيران– أكبر مكون ومنافس شيعي في المنطقة – كانت من الاتحاد الأوروبي الذي ظهر بموقف الرافض، وقال إن “الاتفاق النووي مع ايران أحد الإنجازات الكبرى للدبلوماسية الدولية وسنحافظ عليه”، وقال “الاتحاد”: “لن نلتزم بقرار ترامب”، ونقلت وكالة “تاسك” عن رئيس الاتحاد الأوروبي أنه سيتحرك سويا ضد سياسات ترامب بشأن التجارة والاتفاق النووي مع إيران.

فيما قال نائب الرئيس الأمريكي جون بولتون: إن الاتفاق يسري على كل الاتفاقيات الجديدة، كما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية– بحسب موقع الحرة على تويتر- أنها تمنح الشركات الأوروبية بين 90 و 180 يوما لوقف أنشطتها في #إيران.

الفرحة السعودية

ادعت الفضائيات السعودية والموالية لها من دول حصار قطر، أن جولة محمد بن سلمان بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قد أثمرت، وأن ولي العهد السعودي وعد بنقل المعركة لداخل إيران فأوفى.

وعليه أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا أيدت فيه ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، ورحبت بالخطوات التي أعلنها الرئيس الأمريكي، وتؤيد ما تضمنه الإعلان من إعادة فرض للعقوبات الاقتصادية على إيران، والتي سبق وأن تم تعليقها بموجب الاتفاق النووي.

وهاجم البيان السعودي ما قال إنه استغلال العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة، بما في ذلك حزب الله وميليشيا الحوثي.

وكانت السعودية قد أيدت الاتفاق النووي بين إيران ودول مجموعة (٥ + ١)، وقال بيان خارجية السعودية إن ذلك كان مبنيا على قناعتها التامة بضرورة العمل على كل ما من شأنه الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة والعالم.

تباين مواقف

واعتبر النائب السلفي وليد الطبطبائي، أن الاتفاق النووي الإيراني هو ترياق الحياة للنظام الإيراني، وإلغاؤه سيكون كارثة اقتصادية على إيران، وقد بدت آثار الكارثة قبيل القرار بهبوط غير مسبوق بقيمة العملة الإيرانية، ولذا فإن إعلان ترامب إلغاء الاتفاق سيعجل من نهاية نظام الملالي.

وفي وصول للحد الأقصى للتوقع، قال الأردني الدكتور نصير العمري: إن “إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاقية النووية وفرض عقوبات جديدة سيكون بداية العد التنازلي للمواجهة العسكرية مع ايران. أتوقع أن يكون هناك تسخينا على الجبهات في سوريا والعراق واليمن وإسرائيل خلال الأسابيع القادمة، كرد إيراني على العقوبات والحصار. ينطلق قطار حرب جديدة في المنطقة بعد قليل”.

غير أن الصحفي القطري جابر الحرمي رأى أن ترامب اتخذ قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران لأمرين: إلهاء دول المنطقة لتمرير قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس دون ضجة، والهروب من أزمة داخلية وملاحقات مولر عبر خلق أزمة خارجية.

موقف إيران

الرئيس الإيراني حسن روحاني قال: “ماضون بالتشاور مع الدول التي وقعت مع دولة إيران”. وأشار إلى أنه وجه وزارة الخارجية الإيرانية لإجراء محادثات مع موسكو والصين والدول الأوروبية.

وطمأن شعبه قائلا: “سيكون هناك هدوء واستقرار في الأسواق وتأمين للعملات الصعبة التي يحتاجها الشعب”.

واعتبر أنه بهذا الانسحاب فإن أمريكا تقر بأنها دولة لا تحترم الاتفاقات الدولية، لا سيما وأن وكالة الطاقة الذرية أثبتت أن إيران ملتزمة بالاتفاق النووي، واليوم نشهد تلك الخطوة من الدولة التي لا تحترم المواثيق الدولية.