علاقة الصادقين بدعوتهم


يحرص الصادقون على دعوتهم، ويعملون فيها كأصحاب يعملون لها لا أُجراء مستخدمين فيها، وهذا الشعور نحو الدعوة ليس شعور مصلحة واستحواذ، ولكنه شعور عطاء وإنجاز، شعور يدفع صاحبه إلى بذل كل غالٍ وثمين من أجل رفعة دعوته والحفاظ عليها وحمل لواءها في العالمين.

وحال صاحب الدعوة مع دعوته، هو حال المجاهد الذى صوره الإمام حسن البنّا فى إحدى مقالته، والتى حدد فيها ملامح المجاهدين من أصحاب الدعوات، وكيف هو حالهم مع دعوتهم ورسالتهم، وكيف همّهم وما يشغل نفوسهم على الطريق، فقال – رحمه الله – :

«أستطيع أن أتصور المجاهد شخصاً قد أعد عدته، وأخذ أهبته، وملك عليه الفكر فيما هو فيه نواحى نفسه وجوانب قلبه، فهو دائم التفكير، عظيم الإهتمام، على قدم الاستعداد أبداً، إن دعي أجاب وإن نودي لبى، غدوه ورواحه، وحديثه وكلامه، وجده ولعبه لا يتعدى الميدان الذى أعد نفسه له، ولا يتناول سوى المهمة التى وقف عليها حياته وإرادته، يجاهد فى سبيلها، تقرأ فى قسمات وجهه، وترى فى بريق عينيه، وتسمع من فلتات لسانه، ما يدلك على ما يضطرم فى قلبه من جوى لاصق وألم دفين، وما تفيض به نفسه من عزمة صادقة وهمة عالية وغاية بعيدة».(*)

يقول المربي الأستاذ محمد العدوي – رحمه الله – موجهًا ومرشدًا لصاحب الدعوة: –

«أنت وحدك الذي تحدد علاقتك بالدعوة، هل أنت صاحب البيت أم تسكن فيه بالإيجار إلى حين؟ فصاحب البيت يحرص على سلامته وصيانته والمحافظة عليه مهما كلفه ذلك، أما المستأجر فإن فعل فبالقدر الذي يحقق له راحته ورغباته حال سُكناه وفقط».

ومن الأسئلة التي يجب أن تشغل بال صاحب الدعوة:
أين أنا من دعوتي؟ وأين دعوتي مني؟ هل أعطيها ما تستحق من الوقت والجهد والفكر والمال و..؟. هل تحتل دعوتى أول اهتماماتي وتأتى في مقدمة أولوياتي؟. هل أحمل همَّها وأنشغل بها؟. هل أحرص على مبائها وأحافظ على ثوابتها؟. هل أقدم مصلحة دعوتى على مصالحي الشخصية؟. وهل لدعوتى رأي فى حسم قرارتي المصيرية؟ … وغيرها من الأسئلة، التى تُحدد طبيعة علاقتى بالدعوة، هل هي علاقة (ملك) أم علاقة (إيجار)؟!.

فمالك الشيء يخالف عليه، ويحافظ عليه، ويتعب من أجله، ويحرص دائماّ على حمايته وصيانته، ويفكر فى زيادته ونمائه، وتطويره وتحسينه.