سؤال : كيف أدخل إلى القرآن، والذنوب تتلبس بي، والهوى يخنقني، والأمراض تملأ قلبي ؟

شبهات وردود :
د. مجدي الهلالي

سؤال : كيف أدخل إلى القرآن، والذنوب تتلبس بي، والهوى يخنقني، والأمراض تملأ قلبي ؟ أليس من الضروري أن أتطهر من هذا كله أولا قبل الدخول لعالم القرآن ؟۱
الجواب :
أولا : إن كان الأمر كذلك، فما هو دور القرآن إذن؟!!، ألم يصفه الله عز وجل بأنه دواء، وأنه (شفاء لما في الصدور) [یونس:۵۷] .. فمن خصائص المعجزة القرآنية أنها دواء لأمراض القلوب، ومطهرة للذنوب، وطاردة للهوى (أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا) [الرعد:۱۷] … القرآن غيث للقلب، كما أن الماء غيث للأرض… ومهما أجدبت الأرض فإن استمرار تعرضها للماء يجعلها تنبت الزرع … نعم، الإنبات يكون في البداية ضعيفا لكن شيئا فشيئا يزداد ويزداد : (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) [الحديد:۱۷] . وفي هذا المعنى يقول مالك بن دینار: إن القرآن ربيع المؤمن، كما أن الغيث ربيع الأرض، فقد ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحش، فتكون فيه الحبة، فلا يمنعها نتن موضعها أن تهتز وتخضر . ثانيا : هل هذا ما حدث مع الصحابة ؟ !! هل طلب منهم تطهير قلوبهم أولا قبل التعامل مع القرآن.؟!! أم أنهم تعاملوا معه مباشرة، فقام القرآن بتطهير قلوبهم، وإنبات الإيمان فيها، وطرد الهوى منها شيئا فشيئا. ثالثا : ومتى يظن المرء أنه قد أصلح نفسه وطهر قلبه ؟ !.. إنه إن ظن ذلك فقد خسر خسرانا عظيما، كيف لا وعلى المسلم أن يديم إساءة الظن بنفسه، وأن يجاهد هواه حتى يأتيه الموت .. سئلت السيدة عائشة: متى يكون الرجل مسيئا؟ قالت: إذا ظن أنه محسن .. ومعنی ذلك أننا إن سلمنا بما يطرحه السائل فلن نتعامل مع القرآن طيلة حياتنا.
أخي القارئ:
أقبل على القرآن ولا تخف، واترك زمامك له فسيقوم بأداء دوره الذي يعرفه جيدا في تطهير قلبك وتنويره، وملئه بالإيمان، شريطة أن تقبل عليه إقبال الملهوف، الباحث عن النور والإيمان، وأن تعطيه الكثير من وقتك، وألا تستعجل الثمرة فحتما ستظهر لو داومت على تعريض قلبك للقرآن من خلال الفهم والتأثر والتباكي مع القراءة .. يقول حذيفة: اقرؤوا القرآن بحزن، ولا تجفوا عنه، وتعاهدوه، ورتلوه ترتیلا .