زراعة الانقلاب تستورد أكبر شحنة “قمح مسرطن” للمصريين رغم التحذيرات الصحية

في صمت ووسط تكتم شديدين، بدأت سلطات الحجر الزراعي والموانئ المصرية،تفريغ أكبر شحنة قمح من الخارج بلغت 8 ملايين طن قمح.

وكشف الدكتور أحمد العطار، رئيس الحجر الزراعي بـوزارة الزراعة، عن استيراد مصر كميات قمح بلغت 8 ملايين و190 ألف، 138 طنا.

وقال العطار في تصريحات صحفية، إن كافة الموانئ تستقبل الشحنات المستوردة..

فى حين كشف مصدر بوزارة الزراعة رفض ذكر إسمه ،إن الشحنات التى وصلت إلى مصر جميعها مصابة” بفطر الإرجوت المسرطن” والذى يسبب أمراضا قاتلة حال استخدامه بشريا.

مسرطن

كانت وكالة رويترز،قد فجرت مفاجاة حول تصديق وزير الزراعة السابق على الموافقة على دخول القمح التي تحتوي “فطر الإرجوت” الشائع.

وأضافت رويترز أنها اطلعت على وثيقة تحمل عنوان ”قرار وزاري رقم 7“ تؤكد الأمر وسيتم استقبالها برغم وجود حكم قضائي صادر يحظر واردات القمح التي تحتوي على أي نسبة من فطر الإرجوت.

وكشفت مصادر مطلعة في ميناء سفاجا ،عن بدء السماح بدخول شحنة قمح روسي وأمريكى وأوكرانى ضمن الشحنات الواردة به نسبة مرتفعة من فطر الإرجوت سجلت في المتوسط 0.06% وهي أعلى من المعدل والمواصفات المصرية التي تعتمد معايير منظمة الكودكس ( دستور الغذاء العالمي- الذي يوصي بأن تكون النسبة 0.05%).

إصرار عجيب

ووسط تكتم شديد ،جاءت قرارات حكومة العسكر بالموافقة على دخول شحنات قمح الإرجوت،برغم صدور قرار بحظرها يكشف استمرار مافيا تجار السموم للبطون المصرية،بالتعاون مع قيادات عسكرية مشاركة فى تلك الجريمة.

وفى مارس الماضى،شكلت النيابة العامة لجنة، لبحث الموضوع ضمت أساتذة من المتخصصين فى علم أمراض النبات، وهم الدكتور إبراهيم صادق عليوة أستاذ أمراض النبات بجامعة عين شمس، والدكتور مصطفى حلمى حمزة أستاذ أمراض النبات بكلية الزراعة بجامعة عين شمس، والدكتورة نزيهة محمد حسنين أستاذ الفطريات وأمراض النبات بقسم الميكروبيولوجى بجامعة عين شمس.
وانتهى تقرير النيابة العامة إلى احتواء شحنات القمح المستوردة من فرنسا وأوكرانيا وأمريكا على فطر الإرجوت المسرطن بنسبة مرتفعة تمثل خطراً على حياة النبات والحيوان والإنسان.

وجاء قرار القضاء الإداري بمجلس الدولة ليتوافق مع تقرير النيابة العامة حيث قرر الأول بمنع دخول شحنات قمح الإرجوت، وأكدت بطلان قرار مجلس الوزراء الصادر بجلسة 21 سبتمبر 2016، فيما تضمنه من السماح بدخول الأقماح المستوردة المصابة بالفطر القاتل.

وأوصت لجنة النيابة، بحتمية تنفيذ القرار رقم 906 لسنة 2012 الخاص بقواعد الحجر الزراعي المصري والذي تنص على ضرورة الخلو المطلق للبذور وأعضاء التكاثر الخضري للنبات من الإمراض والفيروسات وتنفيذ ما جاء فى محضر إعمال لجنة الحجر الزراعي فئ أغسطس عام 2015، والذى اوصت خلاله اللجنة برفض دخول أى أقماح مصابة بـفطر الإرجوت المميت.

وحذر التقرير، من أن دخول الفطر إلى مصر يعرض محاصيل القمح والشوفان والشعير للإصابة، ويكبد الدولة خسائر تصل نسبتها إلى 10٪ من المحصول المصاب إلى جانب تعرض الإنسان للإصابة بالتسمم والغرغرينا والفشل الكلوي وإجهاض الحوامل والموت بـالسرطان بعد فترة من تراكم فطر الإرجوت على جدار الخلايا فى جسم الإنسان ليحولها إلى خلايا سرطانية مدمرة.كما أوضح التقرير، أن أعراض التسمم تظهر واضحة على جميع حيوانات التربية الريفية وخاصة المواشي “الأبقار والجاموس”، والتي تكون شديدة الحساسية للتسمم بـفطر الإرجوت.

أباطرة الجيش

وكان المتحدث باسم وزارة الزراعة، عيد حواش، قد كشف في سبتمبر 2016، عن طلب وزير الزراعة من الجنرال عبد الفتاح السيسي،قيام جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة باستيراد المقح.
وتتحدث تقارير إعلامية عن امتداد إمبراطورية الجيش الاقتصادية لاستيراد القمح، وشراء شركات تابعة للمخابرات الحربية صفقات القمح الروسي على أنه إحدى أدوات التقارب مع الروس، ورغبة المخابرات العامة باستيراد القمح الفرنسي، عبر شركاتها “مالتي ترايد” و”ميديتريد” و”مطاحن الأصدقاء”، وشركة “وكلاكس” لصاحبها رئيس اتحاد الغرف التجارية أحمد الوكيل، والتي كان يعمل بها وزير التموين المقال في أغسطس 2016، على وقع ملف فساد القمح، خالد حنفي.

15 مليون طن

صدام أبو حسين نقيب الفلاحين، قال إن مصر تحتاج إلى 15 مليون طن من القمح سنويا للاستهلاك المحلى، ننتج منها 9 ملايين طن فقط، بواقع 18 إردبا للفدان الواحد.

وزعم “حسين” فى تصريحات صحفية، نستورد معظم الأقماح من روسيا وأمريكا وأوكرنيا،وأن مصر مجبرة على أن تستورد القمح على الرغم من وجود الإرجوت به، بالإضافة إلى أن أسعار القمح العالمية الجيدة مرتفعة للغاية، “والحكومة بتدور على الأرخص” وتتغاضى عن بعض المعايير فى الشحنات القادمة من الخارج، على الرغم من أن هذه الدول تفرض إجراءات قاسية على المنتجات المصرية.

وسبق الأمر موافقة مصر العسكر على استيراد شحنة من القمح الفرنسي التى تبلغ 59 ألف طن الأشهر الماضية ، برغم تأكيدات بيئية أظهرت أنها ملوثة ببذور خشخاش الضار.

وفى محاولة لإبقاء الأمر وديا، قال الدكتور حامد عبدالدايم، المتحدث باسم وزارة الزراعة، فى تصريحات صحفية، أن النتائج المعملية أظهرت، ونستطيع أن نؤكد وجود بذور خشخاش ضارة، لافتا إلى أن القضية ستحال على الأرجح إلى النائب العام!

“القمح المسرطن”

وتصاعدت السنوات الأخيرة، أزمة إرجوت القمح المستورد المُصاب بفطر يتسبب فى موت الإنسان، وسط تضارب قرارات الحكومة بين الموافقة على دخول الشحنات وحظرها منذ مارس الماضى، وانتهى بقرار من القضاء الإداري بمنع دخوله.

وقد وافق العسكر على دخول المحصول المصاب بالفطر، وفق المواصفات المصرية التى تم تعديلها لتناسب قرار رئيس الوزراء من صفر إرجوت إلى 0.05%، على الرغم من تقرير اللجنة العلمية التى شكلتها النيابة العامة.

وأوصت لجنة النيابة، بحتمية تنفيذ القرار رقم 906 لسنة 2012 الخاص بقواعد الحجر الزراعي المصري والذي تنص على ضرورة الخلو المطلق للبذور وأعضاء التكاثر الخضري للنبات من الإمراض والفيروسات وتنفيذ ما جاء فى محضر إعمال لجنة الحجر الزراعي فئ أغسطس عام 2015، والذى اوصت خلاله اللجنة برفض دخول أى أقماح مصابة بفطر الإرجوت المميت.

وتعود أزمة القمح المصاب بفطر الإرجوت المسرطن، إلى فبراير الماضي، بعدما رفض إبراهيم إمبابى- رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي،أنذاك دخول الشحنات،وهو مادفع دولة العسكر لتغيره،حيث تقرر تعيين نجلاء موسى بلابل رئيسا للإدارة بدلا من إمبابي .

قمح وقمع الفلاحين

وتعالت أصوات المزارعين المصريين من إنتهاك حكومة الانقلاب أدميتهم بعد تعمد تخفيض سعر توريد القمح بـ٦٠٠ جنيه للإردب.

ورفضت مؤخرا النقابة العامة للفلاحين الزراعيين برئاسة النقيب العام الحاج عماد أبوحسين، قرار بتحديد سعر توريد القمح بـ٦٠٠ جنيه للإردب، أى ما يعادل ٤٠٠٠ جنيه للطن..

فيما أوضح الحاج النوبى أبواللوز، الأمين العام للفلاحين، أن حصول الحكومة على القمح المحلي أفضل من المستورد بمراحل، ويوفر عملة صعبة للدولة المصرية.

واعترف نائب الانقلاب رائف تمراز وكيل لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، إن الحكومة فشلت في إدارة منظومة القمح في الآونة الأخيرة.

وأوضح “تمراز” في تصريحات له، أن طن الردة المستخرج من القمح وهو ما يستخدم كعلف للمواشي سعره يشتريه الفلاح من الحكومة بمبلغ 4200 جنيه، بينما تقوم الحكومة بشراء طن القمح من الفلاح 3700 جنيه، لذلك يقوم الفلاح بتقديم القمح أعلاف للماشية بدلًا من شراءها من الحكومة بأسعار أغلى.

هجرة المزارعين

من جانبه، أكد المهندس حمدى عاصي، رئيس قطاع الخدمات الزراعية الأسبق بوزارة الزراعة، أن أزمة الاكتفاء الذاتى من القمح تستوجب أولا أن تتغير عقيدة الدولة للزراعة بدلا من الاستيراد.

ولفت عاصي فى تصريحات صحفية ، إلى أن الدولة لا تعامل الفلاح بالشكل الذي يليق بالمهمة الثقيلة الملقاة على عاتقه بتحقيق الأمن الغذائي، فكل مزارعى القمح يحققون خسائر كبيرة، بسبب عملية النقل وتسليم المحصول.

وأكد أن تخلي وزارة الزراعة عن دورها في تحديد الأسعار، وتركها القرار لوزارة التموين يساعد على هجرة المزارعين لزراعة القمح؛ وإذا شعر الفلاح أن هناك أسعارًا تحقق له ربحية جيدة، ومساندة في توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار جيدة فسنرى زراعة 5 ملايين فدان بالقمح في الموسم الشتوي،وهذا بالطبع لن يحدث.