كاريكاتير

حتى يحكم الطاغية مدى الحياة.. المخابرات تتحرك لبدء حملة “تعديل الدستور”

حتى يحكم الطاغية مدى الحياة.. المخابرات تتحرك لبدء حملة “تعديل الدستور”

تبدأ الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة لنظام العسكر حملة الدعاية لإجراء تعديل دستورية تفضي إلى إزالة العقبات التي تقف أمام الجنرال لحكم البلاد مدى الحياة؛ على أن يتم ذلك بالتدج عبر الزعم بضرورة إتاحة فترة حكم ثالثة ليمتد حكمه إلى 12 سنة وبعد ذلك يتم تعديل أخر يزيح القيود بما يتيح له الحكم مدى الحياة ولفترات مفتوحة.

وظهرت خلال الأيام الأخيرة في بعض المصالح الحكومية بمحافظات الوجه البحري دعوات للتوقيع الجماعي على استمارات للمطالبة بتعديل الدستور، بما يسمح بإعادة انتخاب الجنرال عبد الفتاح السيسي مرة أخرى على الأقل بعد نهاية ولايته الثانية عام 2022، وذلك عبر إلغاء القيد الدستوري على الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وعدم زيادة مدة الفترة الرئاسية الواحدة على 4 سنوات.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا مختلفة لتلك الاستمارات، تختلف عن بعضها في التصميم الخارجي، لكنها تتفق في المضمون، ما يؤكد قيام أجهزة بتحريك هذه المبادرة تمهيدا لأوامر سوف تصدر للبرلمان بمناقشة الطرح باعتباره مطلبا شعبيا، كما تستهدف الحملة تلميع صورة السيسي بعد القرارات الاقتصادية الصعبة التي استهل بها ولايته الثانية.

Image processed by CodeCarvings Piczard ### FREE Community Edition ### on 2017-08-24 05:41:19Z | |

وسوف تطلق الأجهزة الأمنية خلال الأيام والأسابيع المقبلة، حملة تُدعى “الشعب يطالب بتعديل المادة 140 من الدستور”، للبدء في جمْع توقيعات شعبية عليها، على غرار حملتيْ “عشان تبنيها”، و”من أجل مصر”، اللتين تم إطلاقهما من جانب أجهزة مخابرات وأمن السيسي قبيل مسرحية الانتخابات الرئاسية، بهدف جمع توقيعات شعبية لحثّ السيسي على الترشح.

وتنص المادة 140 من الدستور على أنه “يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوماً على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة”.

وبحسب مصادر مطلعة فإن “حملة الشعب يريد تعديل المادة 140 من الدستور” ليست الوحيدة في هذا السياق، قائلة إن “هناك العديد من الحملات لها الهدف نفسه يجري في الوقت الراهن الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على هيكلها، وسيتم الإعلان عنها تباعاً عبر وسائل الإعلام”.

التعديلات المرتقبة لن تقتصر على تعديل المادة “140” الخاصة بمدة الرئاسة، بل ستمتد إلى أيضاً لإزالة أي عوائق تحول دون ممارسة الجنرال سلطة مباشرة على جميع سلطات ومرافق الدولة، وأبرزها السلطة القضائية. يُضاف إلى ذلك حذف بعض الضمانات التي يمنحها الدستور الحالي لوسائل الإعلام والصحافيين، وإعادة صياغة المواد المنظمة لميزانية الدولة بما يزيل القيود الدستورية لزيادة نصيب التعليم والصحة منها.

ودليل آخر على بدء الحملة هو ما كشفت عن مصادر بوزارة العدل أن قطاع التشريع بالوزارة، بالتعاون مع وزارة الشؤون النيابية، يعكف على إعداد تصور بالمواد الدستورية المرشحة للتعديل، بناء على مطالبات النواب المؤيدين للسيسي من ناحية، وبناء على الصعوبات التي ظهرت للسلطة التنفيذية عند تطبيق بعض المواد من ناحية أخرى.

دور الأمن الوطني

وكشفت مصادر سياسية مطلعة في حزبي “مستقبل وطن” و”المؤتمر، المواليين للسيسي، أن جهاز الأمن الوطني في وزارة الداخلية أصدر تعليماته لأحزاب الأكثرية النيابية “دعم مصر” بإطلاق هذه المبادرة بهدف إشعار الرأي العام بأن التعديل الدستوري ضرورة لاستكمال برامج السيسي ومشروعاته المزعومة. إضافة إلى اختبار قوة الأحزاب الداعمة للسيسي لاختيار الهياكل والكوادر التي ستبقى في إطار الخطة الجديدة لإنشاء ظهير سياسي واسع للجنرال وتقليص عدد الأحزاب، بهدف حسم المنافسة المستعرة حالياً بين قيادات الأحزاب الصغيرة على المناصب القيادية المنتظرة في الحزب الكبير.

وبحسب مخططات الأجهزة الأمنية فإن “السنة الأولى للولاية الثانية للسيسي ستكون عام التمهيد، وتهيئة الشارع للتعديل المرتقب، مع الدفع بعدد من المواد الأخرى في الدستور. و رجحت أن يأتي التعديل في السنة الثانية من ولاية الجنرال، وبالتحديد مع اقتراب انتهاء مدة مجلس النواب المقدرة بخمس سنوات بدأت في 2015.

وبحسب مصادر صحيفة “العربي الجديد” فإن “فترة ما قبل انتهاء مدة مجلس النواب هي الأنسب لتمرير تلك التعديلات، خصوصاً أن الغالبية العظمى من النواب ستسعى لتقديم فروض الولاء والطاعة لإعادة انتخابها مرة أخرى”. مع العلم أن البرلمان الحالي تم تشكيله عبر الأجهزة السيادية، وفي مقدمتها المخابرات العامة والمخابرات الحربية، والأمن الوطني. وأشرفت تلك الأجهزة على إدارة العملية الانتخابية من الألف إلى الياء.

وكان آخر تلك الأصوات الداعية لهذه التعديلات، خالد صلاح رئيس تحرير موقع وصحيفة اليوم السابع، التابعة لمجموعة “إيجل كابيتال” المملوكة لجهاز المخابرات العامة. ودعا صلاح مطلع الأسبوع في مقال له للبدء في حوار مجتمعي من أجل تعديل عدد من مواد الدستور، قائلاً “الدستور المصري يحتاج لإعادة نظر بكل تأكيد، والمشرّعون البرلمانيون حالياً يعرفون ذلك عن ظهر قلب، وممارسو العمل العام والقيادات التنفيذية يعرفون كذلك أن بعض المواد خرجت بشغف وحماس، دون إدراك لأثرها السياسي والاقتصادي، أو مدى ملاءمتها للواقع في مصر”.

وأضاف صلاح: “لا ينبغي أن نخجل من ذلك، أو يرهبنا رد الفعل إلى الحد الذي نلتزم فيه الصمت أمام استمرار نصوص لا تحقق المصلحة العليا للبلد، ولا ينبغي أن نؤجل الأمر أكثر من ذلك”.