انحياز ترامب للصهاينة.. أثبت أن حماس على حقّ وخيار المفاوضات باطل!

‎بواسطة سيد توكل :

الغرور عدوّ صاحبه ولو كان صاحبه رئيس أقوى دولة في العالم، فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبسبب انحيازه للاحتلال الصهيوني أعطى من حيث لا يدري شرعية للمقاومة الفلسطينية المسلحة، وأثبت أن حماس على حقّ، وخيار المفاوضات باطل، فالشرعية التي يريدها لسلطة احتلالٍ وجهها الآخر شرعية للمقاومة المسلحة والعمليات الاستشهادية لتحرير فلسطين.

ومنذ تولّي الإدارة الأمريكية دفّة السياسة الخارجية، اتسم سلوكها السياسي بالغموض حيال طرح خطة السلام هذه تحديدا، حيث عمدت إلى كشف متدرج لتفاصيل الخطة، ساعية لخلق بيئة مواتية، قبل الإعلان الرسمي، عبر فرض مجموعة وقائع على الأرض تجاه القضايا الأساسية، والتي تُعرف بقضايا الحل النهائي، كالقدس، واللاجئين، وحدود الدولة الفلسطينية، والسيادة، وغيرها.

وهو ما رسم صورة مسبقة لشكل المقاربة الأمريكية، وطريقة تفكير إدارة ترامب تجاه القضية الفلسطينية، والتي اتسمت بالتماهي التام مع رؤية اليمين الصهيوني بترويجها، وتعاملها مع القضية الفلسطينية باعتبارها مسألة “إنسانية” بدلا من كونها قضية سياسية حقوقية.

مواجهة وإسقاط

واعتبر القيادي البارز في “حماس”، محمود الزهار، أن توحد الشعب الفلسطيني حول خيار “مقاومة الاحتلال الإسرائيلي” سيحقق نتائج عملية على صعيد مواجهة وإسقاط “صفقة القرن” الأمريكية المزعومة.

وقال الزهار، إنه “لم يبقَ أمام الشعب الفلسطيني إلا خيار المقاومة، أملا في أن تتغير هذه الظروف في أقرب وقت”. وأضاف أن العبء الأكبر في مواجهة صفقة السلام الأمريكية المزعومة يقع على الفلسطينيين، لا سيما في القدس والضفة الغربية المحتلة وغزة، “من خلال توحدهم حول خيار مقاومة الاحتلال، بعد فشل كل مزاعم التسوية وعملية السلام”.

ودعا الزهار إلى رفع يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن “المقاومة” في الضفة الغربية، معتبرًا أن ذلك سيحقق نتائج عملية على صعيد مواجهة وإسقاط الصفقة الأمريكية.

وشدد على أن الصفقة المزعومة تمس بالثوابت والحقوق التاريخية الفلسطينية، ويجب أن لا يدفع الشعب الفلسطيني من ثوابته ومقدساته ثمنا للأزمات الداخلية والانتخابية لترامب ونتنياهو.

وقال القيادي في “حماس”، إن “هذه الصفقة مرفوضة، وسيفشلها الشعب الفلسطيني”، ورأى أن الصفقة لن تضيف شيئا على أرض الواقع؛ فإسرائيل تستولي حاليا على القدس والضفة الغربية ومنطقة الأغوار وتمارس سلطتها فيها.

وعقب الإعلان عن صفقة القرن، نشر البيت الأبيض رؤيته المُفصّلة في 181 صفحة، مجزّأة إلى جزأين، أولهما يتصل بالإطار السياسي في 22 قسما، مع ملاحق تُوضِّح الشكل المستقبلي لخريطة الدولة الفلسطينية، والجزء الآخر هو الإطار الاقتصادي الذي نُشر سابقا.

وبمزيد من التدقيق في المضمون، تظهر الخطة تجاوزًا واضحًا للمرجعيات السياسية التقليدية لمسار التسوية، كقرارات الأمم المتحدة، واتفاق أوسلو، ومبادرة السلام العربية، والاتفاقيات الأخرى المبرمة بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يشكل انقلابا أمريكيا تجاه حل الدولتين، وعلى السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية منذ عقود.

وهو ما يشير، بحسب عدد من المراقبين،  إلى اعتباره انقلابا دوليا في آليات التعاطي مع القضايا النزاعية، لتتحول من السعي- ولو ظاهرا- إلى التعامل معها وفق المنطق التفاوضي باتجاه مسار الفرض أحادي الجانب.

إعادة ترسيم

وتنص الخطة الأمريكية بصورة واضحة على أن تكون القدس عاصمة للكيان الصهيوني، موحدة ودون تقسيم، في حين تكون عاصمة الدولة الفلسطينية في ضواحي مدينة القدس، مع وعود ببناء الولايات المتحدة سفارة لها فيها.

كما تستند الخطة إلى نقل مدن وقرى المثلث التي يسكنها فلسطينيون داخل أراضي 48 إلى سيطرة الدولة الفلسطينية، وتأمل الخطة “في إمكانية أن يتوافق الأطراف على إعادة ترسيم حدود إسرائيل بما يقود إلى أن تكون هذه المجتمعات جزءا من الدولة الفلسطينية”.

بالإضافة إلى اقتطاع المستوطنات الصهيونية داخل الضفة الغربية وضمها إلى الكيان الإسرائيلي، كما أن ربط الضفة والقطاع سيتم عبر خطوط نقل تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، مما يجعل من أراضي الدولة الفلسطينية أشبه بجزر من يابس غير متصلة جغرافيا.

والسؤال: كيف يمكن للفلسطينيين أن يراهنوا على موقف عربي مساند، وقد انتقل الموقف العربي الرسمي من الدعم الخطابي للقضية الفلسطينية إلى مرحلة التواطؤ الممنهج والواضح مع دولة الاحتلال والولايات المتحدة ضد الفلسطينيين؟

وأي عبث أن يبني الفلسطيني موقفه للمواجهة على توقع دعم عربي رسمي، وقد وافقت مصر والسعودية والإمارات والبحرين حتى الآن على الصفقة، وإن كانت أحيانا بعبارات فضفاضة، ولا نعلم كم دولة عربية ستضاف لهذه القائمة مع نشر المقال؟

ثمة تأييد شعبي إسلامي عربي كبير للقضية الفلسطينية، وهو تأييد جذري لم يتأثر كثيرا بالخطاب التطبيعي المتصهين الذي يسود المنطقة مذ سنوات، إذ إن هذا الخطاب لم يتمكن من تغيير الوعي الشعبي تجاه فلسطين إلا باستثناءات نادرة.

ولكن هذا الدعم الشعبي لن يستطيع تقديم الكثير في ظل نظم حكم استبدادية، ترى في الارتماء بالحضن الصهيوني أسهل الطرق للوصول إلى قلب ترامب والحصول على دعمه.

الحل الوحيد المتاح أمام الشعب الفلسطيني هو قلب الطاولة تماما على الصفقة، والتراجع عن مسار أوسلو الكارثي، والعمل التدريجي على حل السلطة التي باتت عبئا على النضال الفلسطيني وكنزا استراتيجيا للاحتلال.

ولكن هذا الخيار لا يمكن أن يحدث إلا إذا توافقت حركتا فتح وحماس على إنهاء مهزلة السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء، والعودة بالصراع لمعادلته الأصلية: شعب تحت الاحتلال يقاوم المحتل، وهي المعادلة التي اختلت منذ توقيع أوسلو، وحرفت الصراع ليصبح خلافا شكليا بين كيانين جارين.