تزوج سيدنا إبراهيم -عليه السلام- السيدة سارة، وكان للسيدة سارة خادمة اسمها هاجر، أهداها ملك مصر لسارة، فتزوج إبراهيم -عليه السلام- هاجر وأنجبت له طفل صغير، أسموه إسماعيل -عليه السلام- الذى من نسله سيدنا -محمد صلى الله عليه وسلم- لكن السيدة سارة كانت تغار من هاجر، بسبب أنها أنجنبت طفل، فأمر الله تعالى إبراهيم -عليه السلام- أن يخرج هاجر وإسماعيل من أرض الشام، وذهب بالسيدة هاجر وإسماعيل -عليه السلام- إلى أرض مكة، ووضعهما هناك في وادٍ. وكان ذلك الوادي لا يوجد فيه زرع ولا ماء، وتركهما إبراهيم -عليه السلام- ومعهما صرة فيها تمر وسقاء، ثم ذهب إبراهيم -عليه السلام- فنادت عليه السيدة هاجر، لكن لم يجبها، فذهبت وراءه السيدة هاجر وقالت له: إلى من تتركنا، الله أمرك بذلك؟
حينها قال إبراهيم -عليه السلام- نعم، فقالت السيدة هاجر: لا يضيعنا الله تعالى، ثم رجعت إلى طفلها إسماعيل -عليه السلام-، ثم توارى عنهما سيدنا إبراهيم -عليه السلام- ودعا الله تعالى لهم
كانت هاجر في مكة المكرمة وحيدةً مع ابنها إسماعيل، وليس معها إلا شيء من الماء والتمر فكانت كلما أرضعت ابنها شربت من الماء، وبقيت تأكل وتشرب من الذي تحمله معها حتى نفذ، وعطشت هي وابنها ولم تجد ما تأكله أو تشربه، فلمّا رأت ابنها يبكي من شدة جوعه وعطشه حتى بدأ يتلوى من ذلك، كرهت أن تراه بذلك المظهر فبدأت تبحث عن طعام لهم وتبحث عن أناس يغيثونهم أملًا منها أن تجد ما يُنجيها هي وابنها من الهلاك.
فكان جبل الصفا أقرب الجبال إليها فذهبت إليها وبدأت تنظر إلى الوادي علها ترى أحدًا، فلم تجد أحدًا فعادت من الصفا حتى وصلت منتصف الوادي فكانت ترفع درعها، وتسعى سعيًا حتى جاوزت الوادي ووصلت المروة فوقفت عليها وبحثت عن أحد تراه أو يساعدها فلم تجد، فبقيت تذهب وترجع بين الصفا والمروة على هذا الحال سبع مرات، وكأنها تسعى بحثًا منها عن أحد يساعدهم، وهذا هو سبب وجود شعيرة السعي بين الصفا والمروة.
فلما وصلت المروة سمعت صوتًا فسكتت لتسمعه جيدًا وركضت إلى ناحية إسماعيل، فوجدت ملكًا من الملائكة عند بئر زمزم يبحث بجناحه، حتى خرج الماء، فبدأت تجمعه في يدها وتضع في سقائها الذي تحمله، والماء يخرج بكثرة؛ فشربت من ماء زمزم، وأرضعت ابنها، وبشرها الملك ألا تخاف على نفسها وولدها من الضياع في بيت الله؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يضيع أهله، كما بشرها بأن ابنها إسماعيل -عليه السلام- سيرفع قواعد هذا البيت هو وأبيه .