بقلم: صادق أمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
رمضان شهر الخير والبركات؛ فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، رمضان موسم من مواسم الطاعات التي يكرم الله سبحانه وتعالى به عباده؛ فالمسافر يستعد لسفره بتجهيز حقائبه وأغراضه، والطالب يستعد للاختبارات بالمذاكرة، والموظف يستعد لوظيفته بالدورات التدريبية؛ لذا فعلى الإنسان المسلم العابد لله أن يسعى ويجهز نفسه بكل جهد وإخلاص إلى استقبال شهر رمضان أحسن استقبال؛ فهناك الكثير من الخطوات العملية التي يستطيع الإنسان بها أن يستغل مواسم الطاعات، قال تعالى: ﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ (المطففين: من الآية 26).
1- الدعاء: الدعاء مفتاح الرحمة، ورمضان شهر الرحمات؛ فبالدعاء تمتلك مفتاح رمضان؛ بأن يبلغك الله رمضان وأنت في صحة وعافية حتى تنشط في عبادة الله، من صيام وقيام وتلاوة للقرآن وذكر لله رب العالمين؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه إذا دخل رجب قال: “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان” (رواه الإمام أحمد والطبراني).
2- الصيام: قد يستغرب البعض كيف يكون الاستعداد لشهر الصيام بالصيام، ولكن هذا ليس بالغريب؛ فالطالب عندما يستعد للاختبارات بالمذاكرة، والاختبار يكون في هذه المعلومات التي ذاكرها، ومن هنا كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما يخبرنا أسامة بن زيد رضي الله عنه حينما قال: قلت يا رسول الله.. لَمْ أرك تَصوم من شهر من الشهور ما تصوم في شعبان؟ قال: “ذلك شهر يغفل الناس عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأُحب أن يُرفع عملي وأنا صائم” (صحيح، الترغيب والترهيب).
3- سلامة الصدر: إنّ آفة الآفات التي يشهدها المسلمون اليوم الشحناء بين المسلمين، وفي شعبان، في هذا الشهر العظيم، يجب على المسلم أن يطهر قلبه من كل آفة؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: “يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلاّ مشرك أو مشاحن” (صحيح، الترغيب والترهيب).
4- تصحيح العلاقة مع الله عز وجل: قبل الدخول في شهر رمضان على المسلم أن يصلح العلاقة مع الله عز وجل؛ وذلك من خلال الاهتمام بالواجبات، وتجديد العهد مع الله عز وجل، والمواظبة على أداء صلاة الفجر في جماعة، وقيام الليل والتعاهد على قراءة ورد من القرآن يوميًّا، ومن هنا يدخل المؤمن رمضان، وقد صحَّحت العلاقة بينه وبين ربه، فيثيبه الله بالتثبيت على هذه الأعمال ضمن هذا الشهر المبارك.
5- ترويض النفس على التحلي بالأخلاق الحميدة: من أهم الشروط لقبول الصيام في شهر رمضان الابتعاد عن قول الزور والعمل به، والتحلي بالأخلاق الطيبة بحفظ اللسان؛ فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الناصح الأمين: “مَنْ لَمْ يَدَع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامه وشرابه”؛ فقبل البدء في صيام هذا الشهر العظيم ينبغي على المسلم أن يروض نفسه على الالتزام بما أمر به رب العباد.
6- العزم والتخطيط المسبق: يلتقي المفكرون على أن التخطيط الجيد لأي عمل يضمن له قدرًا كبيرًا من النجاح، ويجنبه التخبط والعشوائية والفشل في مراحل تنفيذه، وللاستفادة من نفحات شهر رمضان المبارك لا بد لنا من وضع برنامج لاستغلال شهر رمضان في الطاعات والعبادات، فكما نخطط تخطيطًا دقيقًا لأمور الدنيا فإن الأمر عينه ينطبق على شئون الآخرة.
هناك الكثير من القضايا التي يستطيع الإنسان وضعها نصب عينيه، في سبيل الاستعداد المتميز لاستقبال شهر رمضان، ولكن المهم أن يدرك الإنسان عِظم هذا الشهر، وما يتضمنه من الخير الكثير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الكَيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله” (رواه البيهقي والترمذي وابن ماجه).
فهذا هو ديننا، وهذا إسلامنا، وستذكرون ما أقول لكم، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله.