الرابط المختصرمتعلقات
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام+–
واضحاً وجليّاً جاء البعد الديني اليهودي والمسيحية الصهيونية في خطاب دونالد ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال وهما يحتفلان بالإعلان عن “صفقة القرن”.
ورغم أن الاثنين حاولا إضفاء طابع التسوية السياسية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلا أن روح التعاليم الدينية اليهودية ومسيحية ترامب الصهيونية قفزت فوق عبارات الاثنين المتبادلة.
القدس موحدة ويهودية الدولة ووصف حرم المسجد الأقصى بجبل الهيكل والحديث عن النبي يعقوب ومدينة الخليل وربطها بأبي الأنبياء إبراهيم من روح الديانة اليهودية التي يترجمها الاحتلال بعباءة سياسية يدعمها الاستيطان في مواقع محددة.
ولا يزال نتنياهو رغم ملفات الفساد وإجراء جولتين انتخابيتين في عام واحد يحظى بدعم اليمين المتطرّف في حين ينتمي ترمب لتيار المسيحية الصهيونية ويدعم إدارته بعدد كبير من الصهاينة لم تشهده إدارة من قبله.
خطاب ديني
أعاد نتنياهو الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي إلى أصله؛ فالروح اليهودية والتطرّف اليميني تسلل صراحة فوق صفحة التسوية الجديدة المصممة من التوراة والإنجيل خاصّة (ترامب-نتنياهو).
يؤكد د. جمال عمرو، الخبير في شئون القدس والاستيطان، أنَّ المشروع الصهيوني أسس دولة “إسرائيل” بصيغة علمانية ككيان سياسي في عهد قادته الأوائل لتسويق مشروع دولة ديمقراطية تقوم على حرية الأديان والوطن للجميع.
ويضيف: “البعد الديني كان واضحاً من يومها الأول حين أسموها إسرائيل وظلوا يرددون: فارقتني يميني إن نسيتك يا أورشليم، لكن خطاب ترمب-نتنياهو الأخير حسم الصراع بأنه ديني وليس سياسيا”.
ويحاول ترمب ونتنياهو كسب الرأي اليميني في “إسرائيل” والولايات المتحدة؛ فهو طريقهما للبقاء في السلطة والحكم وإنفاذ مخططاتهما السياسية.
يقول د. ناجي البطة، الخبير في الشئون الإسرائيلية: إن نتنياهو تكلّم عن جذور البعد الديني اليهودي حين تناول عودة الشتات اليهودي لفلسطين في الإنجيل مخاطباً الطائفة الإنجيلية في الولايات المتحدة التي تملك المال والنفوذ.
وتجمع ترمب ونتنياهو مصلحة مشتركة في كسب ودّ الصهيونية المسيحية صاحبة القرار الأكبر في أمريكا لما يترتب عليه من دعم لهما في انتخاباتهما القادمة وهما يواجهان تهم فساد وسوء ممارسة السلطة.
يقول الخبير البطة: “الخطاب كان دينياً وليس أيديولوجياً. ترمب ونتنياهو هدفهما ديني في تثبيت وجود اليهود في فلسطين، وكأن خطابهما متفق عليه والمنفعة متبادلة الآن في ظل مواجهتهما العزل والفساد”.
أكثر من حظي بالمدح والثناء في الخطاب هو “فريدمان” سفير أمريكا في “إسرائيل” و”كوشنير” صهر الرئيس الأمريكي اللذان يعملان من منطلقات دينية يهودية بحتة.
محطات يهودية
إثارة شجون اليمين والصهيونية كان واضحاً عند الحديث عن القدس موحدة وجبل الهيكل والأرض المحتلة غرب نهر الأردن ومدينة الخليل وعلاقتها بنبي الله إبراهيم وحرمان الفلسطينيين من حق العودة وتعزيز يهودية الدولة.
يقول د. عمرو: إن الخطاب تطرّق صراحةً إلى حق اليهود في أرض فلسطين غربي نهر الأردن حينما نتكلم عن مصادرة منطقة غور الأردن.
ويتابع: “ظهر في الخطاب أن نتنياهو سيّد ترمب من جهة دينية؛ لأن التوراة سبقت الإنجيل، والتوراة مرجعية المسيحية الصهيونية. تحدث عن وصف حرم الأقصى بأنه المعبد مع التلميح لإمكانية السماح للمسلمين بالوصول ليصلوا في الأقصى”.
القدس جاءت على لسان الاثنين موحّدة غير قابلة للتقسيم في حين اشترط الخطاب اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة؛ لأن المسيحية الصهيونية التي يعتنقها ترمب تؤمن بوحدة المسيرة بين الإنجيل والتوراة.
ويشير د.عمرو إلى أن كلمات نتنياهو تطرقت لنبي الله يعقوب، متحدثاً عن أماكن لا تقبل الوجود الفلسطيني وهي تحمل الروح اليهودية مثل الخليل ومستوطنات الضفة.
خطاب نتنياهو يعيد للذاكرة تفاصيل انفصال أبرز قادة الحركة الصهيونية (جابوتنسكي) الذي انفصل عن أبرز مؤسسي “إسرائيل” عام 1925م؛ لأن اليمين الصهيوني لا يعترف بأي وجود عربي غرب نهر الأردن.
ويؤكد د.البطة أن الحديث عن إمكانية تبادل أراض ينبع من روح رؤية (جابوتنسكي)، وأن مخطط التبادل يستهدف سكان المثلث والشمال للحفاظ على الكتلة البشرية اليهودية خالصة في أرض “إسرائيل”.
ويتابع: “صفقة القرن مشروع صادم؛ فهو ديني يدعو للتطهير العرقي وتبادل الأرض والسكان وتغيير ديمغرافي، أما الخريطة التي نشرت فيظهر فوقها كتلتان منفصلتان عن غزة في سيناء على حدود سايكس بيكو كوطن بديل لتوطين لاجئي لبنان”.
وتعرض صفقة (ترمب) خمسين مليار دولار لدفع التسوية، حيث تصادر الضفة والقدس لمصلحة الاحتلال بتمويل عربي، وهي سابقة تتجاوز الحقوق الوطنية جملةً.