كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة قبل الهجرة يتجهون في صلاتهم إلى الكعبة منذ أن فرضت الصلاة في رحلة الإسراء والمعراج، وعندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمره الله تعالى بالتوجه في صلاته إلى المسجد الأقصى واستمر على ذلك ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا ثم أمره الله تعالى أن يتجه مرة أخرى في صلاته إلى الكعبة، وقد تحدث القرآن الكريم عن تحويل القبلة في تسع آيات من سورة البقرة في مستهل الجزء الثاني هي قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (البقرة: 142 – 150).
وتأمُّل هذه الآيات الكريمة، وكيفية معالجة القرآن الكريم لهذه الحادثة وآثارها في نفوس المسلمين؛ يفتح عيوننا ويرشدنا إلى الكثير من الدروس التي ننتفع بها في حياتنا، ومن هذه الدروس ما يلي:
أولاً- الدعاية السوداء وسيلة السفهاء:
فقد استغل اليهود هذه الحادثة في إثارة الفتنة، وبذر الخلاف، وبلبلة الأفكار، وإلقاء الشكوك والريب في النفوس التي لم تتشرب بعد حقيقة الإسلام، ولم تستقر فيها قيمه، وهذه هي طريقة السفهاء في كل زمان ومكان، نفس العقول الكليلة، والنفوس العليلة، والقلوب المريضة، والأفكار السوداء، فرغم أن أهل الكتاب يعلمون الحق، ويوقنون أن ما يقومون به دعاية سوداء؛ إلا أنهم استمروا في مخططهم بهدف الكيد للعقيدة الإسلامية، عن طريق زعزعة إيمان العامة، والتأثير على البسطاء، وبلبلة أفكارهم وتشكيكهم في دينهم؛ وتأمل يا أخي الحبيب قول الله تعالى عنهم: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ﴾ وقوله سبحانه عنهم كذلك: ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. فهم ليسوا صادقين مع أنفسهم، ولا مع ربهم، ولا مع الناس، ولا يحركهم إلا الهوى والغرض، ولا يدفعهم إلا الحقد والحسد، وسلاحهم المكر والدس، والكذب والخداع، وهم يمارسون كل أساليب الدعاية السوداء، وهي نفس الأدوات التي يستخدمها أعداء المشروع الإسلامي اليوم في تشويه الإسلام ورموزه وحملة رايته؛ فيرمون الإسلام بالعنف والإرهاب، وهم يعلمون تمام العلم أن الإسلام دين السلام والحرية، وأن الناس نعموا في ظله بالأمن والطمأنينة، والعدالة والحرية، كما لم ينعموا من قبل ولا من بعد، ويروجون أن الإسلام مضى عصره، وولى زمانه، وأنه لا يصلح للحضارة الحديثة؛ وهم يعلمون أنه وحده دون غيره المؤهل لوراثة حضارتهم المتداعية التي قرضها الظلم، وهد ركنها القهر والاستغلال، وتكاد تودي بها أمراض السرف والترف والتحلل والمجون؛ فاعملوا أيها الأحباب ولا تلتفتوا إلى أصحاب الدعاية السوداء والقلوب السوداء، ووثقوا صلتكم بالمجتمع وضاعفوا جهودكم في توعيته وإنارة عقله ولبه بحقائق الإسلام الناصعة، وأنواره الساطعة.
ثانياً- المبادرة وسرعة الاستجابة سمة جيل الرواد:
فقد أظهرت هذه الحادثة كما أظهر كثير غيرها سرعة الاستجابة والمبادرة عند هذا الجيل الرائد من أصحاب محمد، صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانوا عمليين ولم يكونوا نظريين ولا جدليين، وتأمل معي أيها الأخ الحبيب ما رواه البراء بن عازب رضي اللّه عنه قال: “أول ما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة نزل على أجداده أو قال أخواله من الأنصار، وأنه صلى قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهرًا وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلى أولَ صلاةٍ صلاها صلاةَ العصر، وصلى معه قومٌ؛ فخرج رجلٌ ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون؛ فقال: أشهد باللّه لقد صليتُ مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قِبَلَ الكعبة، فداروا كما هم قِبَلَ البيت؛ وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلى قِبَلَ بيت المقدس، فلما وَلَّى وجهه قِبَلَ البيت أنكروا ذلك، فنزلت: ﴿قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ … ﴾. فقال السفهاء وهم اليهود: ﴿ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها﴾” (رواه مالك والشيخان والترمذي)؛ فلم ينتظر هؤلاء الصحابة الكرام حتى يتموا صلاتهم ثم يتحققوا من الخبر أو يراجعوا فيه، ولكنهم بادروا إلى التنفيذ والعمل؛ ولم يكن هذا سلوكًا طارئًاً، ولا موقفًا عارضًاً، لكنه كان سمة هذا الجيل؛ ويمكنك أخي الحبيب أن تستدعي معي موقف الصحابة حين نزل قول الله تعالي: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (المائدة: 90) وتتذكر معي كيف أسرع هؤلاء الرواد إلى إراقة الخمور المخزونة في بيوتهم حتى سالت بها طرقات المدينة، ولم ينتفعوا منها بشيء حتى ببيعها؛ فقد اجتنبوها كل الاجتناب حتى كسروا آنيتها؛ ووضعوا بذلك خطًا فاصلاً بين حياتهم السابقة التي ألفوها، وحياتهم الجديدة التي رسمها لهم هذا التكليف الرباني؛ ولك أن تستدعي معي موقفهم في غزوة خيبر وقد أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريم الحُمُر الأهلية، فكفأوا القدور وما بها من طعام أوشك على النضج وقد غزت روائحه الأنوف فتحركت لها البطون الجائعة، وهم في غزوة وليس لديهم طعام إلا ما سكبوه؛ ولكنها المبادرة وسرعة الاستجابة لتنفيذ أوامر الله تعالى، ولم تكن هذه السمة قاصرة على الرجال دون النساء، ولك أيها الحبيب أن تستدعي موقف الصحابيات الرائدات عندما نزلت آية الحجاب؛ وقرأ الأزواج على زوجاتهم، والآباء على بناتهم، والإخوة على أخواتهم قول الله تعالى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ (النور: من الآية 31).
تروي السيدة عائشة رضي الله عنها هذا الموقف فتقول: “رحم الله نساء الأنصار عندما أنزل الله آية الحجاب قمن إلى مروطهن القديمة فشققنها فاعتجرن بها، وأصبحن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن على رؤوسهن الغربان”؛ فإذا أردتم، أيها الأحباب، أن تكونوا روادًا لأمتكم فكونوا مثلهم عمليين لا جدليين، وكونوا أصحاب مبادرة، وأكثروا من العمل وتنافسوا فيه، وقللوا من الكلام إلا ما ينبني عليه عمل، وثقوا أن الله تعالى سيعطيكم ما أعطاهم من القبول والرضا والنصر والتمكين إن نهجتم نهجهم ونسجتم على منوالهم.
وتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ***** إن التشبه بالرجال فلاح
ثالثاً- التربية علىالإخلاص لله والتجرد لعقيدة الإسلام:
وتتجلى هذه التربية القرآنية في تحويل القبلة؛ فقد كان المسلمون يعظمون الكعبة قبل أن تستضيء نفوسهم بأنوار الإسلام؛ ولما فرضت الصلاة كانت قبلة المسلمين إلى الكعبة المشرفة وهي البيت الذي اعتادوا أن يعظموه قبل الإسلام فلم يكن ذلك غريبًا عليهم، ولا ثقيلاً على نفوسهم، فأراد الله تعالى أن يخلص إيمانهم من كل شائبة، وأن يجرد عقيدتهم من كل أثر أو إيحاء سابق، فأمرهم أن يتوجهوا في صلاتهم إلى المسجد الأقصى وتركهم في هذا الاختبار ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا حتى يستقر لديهم أن التعظيم إنما يكون لأمر الله تعالي، لا لبيت ولا لجهة، وقد كان هذا الاختبار شديدًا، وكانت هذه التربية شاقة ولكنها عظيمة الأثر ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ﴾ فعندما استقرت هذه العقيدة في قلوبهم، واستقر هذا المعنى في عقولهم، أقر الله تعالى عيونهم بما يحبون فأمرهم بأن يعودوا للتوجه إلى الكعبة في صلاتهم: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾. فانتهجوا أيها الأحباب هذه التربية، وليكن الإخلاص لكم شعارًا، والتجرد لكم دثارًا، وتجردوا لفكرتكم، وارتبطوا بالمبادئ لا بالأشخاص، واعرفوا الرجال بالحق، ولا تعرفوا الحق بالرجال، واعرفوا الحق تعرفوا أهله، ودوروا مع الحق حيث دار.
رابعاً- القبلة الواحدة نداء دائم للأمة كي تتوحد:
إن أمة التوحيد هي أولى الورى بوحدة الصف وجمع الكلمة؛ وهذه القبلة الواحدة التي يتجه إليها المسلمون في صلاتهم مهما نأت بهم الديار وتباعدت بهم الأقطار تهتف بهم أن يتوحدوا، فيا للعجب توحدنا القبلة وتفرقنا المصالح والأهواء؛ فيا أبناء الإسلام في كل مكان استمعوا إلى نداء ربكم سبحانه: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (آل عمران: 103) واستمعوا إلى نداء ربكم يحذركم من الفرقة والتنازع والشقاق: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: 46).
إن مقاومة مشروعات أعداء الإسلام تتطلب تكاتف جهود أبناء الأمة الإسلامية جميعًا، فإذا كان الأعداء يواجهوننا متحدين متكتلين فكيف نواجههم متفرقين متشرذمين؟!
فلا بد لأبناء الأمة الإسلامية في كل مكان أن يحس بعضهم بآلام بعض، وأن يضمد بعضهم جراح بعض، وأن يعيش بعضهم قضايا بعض، ويحمل بعضهم هموم بعض؛ ليكونوا بحق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالحمى والسهر”.
خامساً- القبلة الأولي تستصرخ الأمة كي تتحرر:
فتذكروا أيها الأحباب أن المسجد الأقصى كان قبلة المسلمين في وقت من الأوقات، وأنه شهد مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ومعراجه، وشهد إمامته للأنبياء، ومكانته في الإسلام لا تقل عن مكانة أخويه، وفي الحديث: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا”.
والمسجد الأقصى اليوم في قبضة اليهود الغاصبين، وتحريره واجب على كل مسلم، وهو يتعرض يوميًا للتدنيس من قبل اليهود، ومحاولات تهويده وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا بين المسلمين واليهود ما زالت مستمرة كخطوة تمهيدية لهدمه وإزالته بالكلية وإقامة الهيكل المزعوم مكانه؛ وهم يقيسون ردود فعل المسلمين بعد كل خطوة يخطونها، فإذا أظهر المسلمون يقظة ووعيًا وتمسكًا بمقدساتهم فإن محاولات اليهود ستبوء بالفشل حتى يأتي اليوم الذي تتحرر فيه كل أراضي المسلمين من كل سلطان أجنبي وتتوافد أفواج المسلمين للصلاة في ساحات الأقصى: وما ذلك على الله بعزيز ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (الإسراء: 51).
والله أكبر ولله الحمد
جماعة الإخوان المسلمين