إن الأصول العشرين التي كتبها الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعتبر من أجمع ما كتبه، لأنها احتوت على ما يجب على المسلم أن يعتقده ويأخذ به في سلوكه وتنظيم علاقاته بخالقه وبالآخرين من بني الإنسان، وقد آثرنا شرحها بإيجاز لتكون مفهومة بقدر أكبر مما هي عليه الآن، ويلاحظ على هذه الأصول أنها شدّدت على ما لا يجوز الخلاف فيه من أمور العقيدة، وكما جاءت في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة، حتى يقف المسلم عندها، ولا يتجاوزها بالزيادة والنقصان، كما بين المرشد رحمه الله في هذه الأصول الأمور التي يجوز الخلاف فيها حتى لا يستغرب الأخ من وقوع مثل هذا الخلاف، وإن كان له أن يتحرى عن الأولى والأكثر صواباً.
إن المرشد رحمه الله كان موفقاً في كتاباته إلى الحق، ولا معصوم من الخطأ إلا رسول الله ﷺ ، ولذلك نوصي الإخوان دائماً بقراءة ما كتبه وإعادة قراءة ما قرءوه منها، فإن في تكراره ترسيخاً للمعاني التي أرادها المرشد رحمه الله تعالى في نفوسهم على أن يعلم الإخوان أن ما كان يريده المرشد رحمه الله ويؤكد عليه هو العمل بما يعلمه المسلم من معاني الإسلام، وبناء النفس في ضوء هذه المعاني، وهذا النهج الذي تستقيم به النفوس وهو ما كان يتبعه الصحابة الكرام رضي الله عنهم فكانوا يعملون بما يعلمون …
وفّق الله الإخوان إلى ما يحبه ويرضاه وأمدهم بعونه حتى يقوموا بخدمة دينه، رحم الله مرشدنا بنى نفوسناً كثيرة على الهدى والصلاح وحب التضحية والجهاد.
والله أكبر ولله الحمد
الأصل الثاني
والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام، ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف، ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات .
الشرح: لا خلاف بين المسلمين في أن القران الكريم المصدر الأول للأحكام وأنه حجة على المسلمين، وأن السنة النبوية متممة للقران وشارحه له، وواجبة الاتباع كالقرآن، والقرآن والسنة كلاهما وحي إلهي، ولكن القرآن لفظه ومعناه وحيّ ألهي، والسنة معناها وحي إلهي أما ألفاظها فمن الرسول الكريم، ولما كان القران الكريم نزل بلسان عربي مبين فقد اقتضى ذلك لمن يريد التعرف على الأحكام من نصوصه أن يعرف قواعد اللغة العربية وأساليبها في التعبير، كما أن على من يريد التعرف على أحكامه أن يعرف أموراً أخرى منها الناسخ والمنسوخ وأسباب نزول الآيات وحكمة التشريع وغير ذلك من العلوم القرآنية، حيث إن هذه المعرفة ليست واحدة عند جميع المسلمين فإن المسلم يفهم من القران بقدر ما عنده من هذه المعرفة، وما لم يستطع معرفته من القران الكريم سأل عنه أهل العلم .
وأما السُّنَّةُ النبوية فمعرفتها تتوقف على معرفة السند والمتن، أما السند: فيُراد به معرفة أحوال الرواة من جهة مدى الوثوق برواياتهم لتعرف مدى صحة الحديث، ويكفي المسلم الآن أن يتعرف على صحة الحديث في ضوء ما قرره علماء الحديث وأصحاب الخبرة في الجرح والتعديل، وقد جمع علماء المسلمين الأحاديث الصحيحة في دواوين خاصة، كما بينه غيرهم على الأحاديث المكذوبة والضعيفة، فإذا عرف المسلم ذلك باطلاعه على هذه الدواوين وما قرره علماء الحديث بشأن ما فيها من صحيح أو ضعيف عرف عند ذلك الأحاديث الموثوقة التي يعمل بها، هذا وإن مجاميع الحديث الصحيح هي: صحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وأعلاها جميعاً صحيح البخاري، فقد أجمع أهل العلم على أن صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله جل جلاله، ويليه في المرتبة صحيح مسلم، ويلي هذين الكتابين كتب السنن الأربعة التي ذكرناها، وعلى هذا فأحاديث البخاري ومسلم صحيحة وأن رواتها موثوقون، فيكفي المسلم أن يعمل بهذه الأحاديث وهو مطمئن .
أما معرفة المتْن: فيُراد به معرفه معنى الحديث والأحكام التي اشتمل عليها، ويرجع في معرفة ذلك إلى فقهاء الحديث وعلمائه، وإذا لم يكن المسلم من أصحاب الفقه في الحديث والعلم به، توجد جملة صالحة تعنى بفقه الحديث، منها: نيل الأوطار للشوكاني، وسبل السلام للصنعاني، وعمدة الأحكام لابن دقيق العيد .