حدث في 23 رمضان
مولد أحمد بن طولون:
الأمير أحمد بن طولون (220 – 270هـ/ 20 سبتمبر 835 – مارس 884م) أمير مصر، ومؤسس الدولة الطولونية في مصر والشام، ولد سنة 835 ميلادية، كان والده من أتراك القبجاق، عُني به أبوه عناية فائقة؛ فعلّمه الفنون العسكرية، وتلقى الفقه والحديث، وتردد على حلقات العلماء ينهل منها، ثم رحل إلى طرسوس بعد أن تولى بعض أمورها بناءً على رغبته؛ ليكون على مقربة من علمائها، الذين اشتهروا بالفقه والحديث والتفسير، وبعد رجوعه صار موضع ثقة الخلفاء العباسيين لعلمه وشجاعته، والتحق بخدمة الخليفة “المستعين بالله” في 248 – 252هـ، وصار موقع ثقته وتقديره.
وقد كان من عادة الولاة الكبار، الذين يعينهم الخليفة للأقاليم الخاضعة له: أن يبقوا في عاصمة الخلافة؛ لينعموا بالجاه والسلطان، والقرب من مناطق السيادة والنفوذ، وفي الوقت نفسه ينيبون عنهم في حكم تلك الولايات من يثقون فيهم من أتباعهم وأقاربهم، ويجدون فيهم المهارة والكفاءة، وكانت مصر في تلك الفترة تحت ولاية القائد التركي “باكباك” زوج أم أحمد بن طولون، فأناب عنه وفقًا لهذه العادة ابن زوجته “أحمد” في حكم مصر، وما أن نزل مصر حتى واجهتْه مصاعب عديدة، ومشكلات مستعصية، وشغله أصحاب المصالح بإشعال ثورات تصرفه عما جاء من أجله، لكن ابن طولون لم يكن كمَن سبقه من الولاة، فسرعان ما اشتد نفوذه، وأخمد الفتن التي اشتعلت بكل حزم، وأجبر ولاة الأقاليم على الرضوخ له وتنفيذ أوامره، وكانوا من قبل يستهينون بالولاة، ولا يعبؤون بقراراتهم، استخفافًا بهم، ويعملون ما يحلو لهم.
وازدادت قدم ابن طولون رسوخًا، وقويَ سلطانه بعد أن أسندت ولاية مصر إلى “يارجوخ” والد زوجة ابن طولون، فعمل على تثبيت صهره، وزاده نفوذًا بأن أضاف إليه حكم الإسكندرية، ولم يكتفِ ابن طولون بما حقق من نفوذ في مصر، فتطلع إلى أن تكون أعمال الخراج في يده، وكان عامل الخراج يُعيَّن من قِبَل الخليفة العباسي، ولم يكن لوالي مصر سلطان عليه، غير أن أحمد بن طولون نجح في أن يستصدر من الخليفة “المعتمد على الله” قرارًا بأن يضيف إليه أعمال الخراج، فجمع بهذا بين السلطتين المالية والسياسية، وقويت شوكته، وعظم سلطانه، وكان أول عمل قام به أن ألغى المكوس والضرائب التي أثقل بها عامل الخراج السابق كاهل الشعب.
كان أحمد بن طولون رجل دولة من الطراز الأول، فعُنيَ بشؤون دولته، وما يتصل بها من مناحي الحياة، ولم تشغله طموحاته في التوسع وزيادة رقعة دولته عن جوانب الإصلاح، والعناية بما يحقق الحياة الكريمة لرعيته؛ ولذا شملت إصلاحاته وإسهاماته شؤون دولته المختلفة، وكان أول ما عُني به إنشاء عاصمة جديدة لدولته شمالي “الفسطاط” عُرِفت بـ”القطائع”، وقد بناها على غرار نظام مدينة “سامراء” عاصمة الخلافة العباسية، واختار مكانها على جبل “يشكر” بين الفسطاط وتلال المقطم، وبنى بها قصرًا للإمارة، وجعل أمامه ميدانًا فسيحًا يستعرض فيه جيوشه الجرارة، ويطمئن على تسليحها وإعداده، ثم اختطّ حول القصر ثكنات حاشيته وقواده وجنوده، وجعل لكل فئة من جنوده قطعة خاصة بهم، فللجنود من السودان قطعة، وللأتراك قطعة، وكذلك فعل مع أرباب الحرف والصناعات؛ ومن هنا جاءت تسمية المدينة الجديدة بـ”القطائع”، وهي العاصمة الثالثة لمصر بعد الفسطاط والعسكر، وأنشأ في وسط المدينة مسجده المعروف باسمه إلى اليوم “مسجد أحمد بن طولون”، وهو من أكبر المساجد، وتبلغ سعته 8487 مترًا مربعًا، ولا يزال شاهدًا على ما بلغته الدولة الطولونية من رقي وازدهار في فنون العمارة، ويعد من أقدم الأبنية الإسلامية التي بقيت على ما كانت عليه، وأنشأ ابن طولون “بيمارستانًا” لمعالجة المرضى مجانًا دون تمييز بينهم، حيث يلقون عناية فائقة، وتقدَّم لهم الأدوية، ويُستبقَى منهم من يحتاج إلى رعاية ومتابعة داخل البيمارستان، ولم يكن المرضى يدخلون بثيابهم العادية؛ وإنما كانت تقدم لهم ثياب خاصة، كما هي الحال الآن، وكان المريض يودع ما معه من مال وحاجات عند أمين البيمارستان، ثم يلحق بالمكان المخصص له، إلى أن يتم شفاؤه فيسترد ما أودعه، وكان ابن طولون يتفقد المرضى، ويتابع أعمال الأطباء.
بعد عقد صلح بين ابن طولون والموفق، وحلول الصلح بينهما، زحف ابن طولون ليقمع الفتنة التي شبت في طرسوس، فلما وصل إلى هناك، وكان الوقت شتاء والثلج كثيرًا، لم يعُقْه ذلك عن نصب المجانيق على سور طرسوس لإخماد الثورة، لكنه مرض ولم يستطع الاستمرار في الحصار، فأسرع بالعودة إلى مصر، حيث لقي ربه في (10 من ذي القعدة 270هـ – ذكر أعلى أنه: مارس 884م).
رحيل السلطان محمد الخامس رشاد:
السلطان محمد الخامس رشاد بن عبدالمجيد الأول بن محمود الثاني بن عبدالحميد الأول بن أحمد الثالث بن محمد الرابع بن إبراهيم الأول بن أحمد الأول بن محمد الثالث بن مراد الثالث بن سليم الثاني بن سليمان القانوني بن سليم الأول بن بايزيد الثاني بن محمد الفاتح بن مراد الثاني بن محمد الأول جلبي بن بايزيد الأول بن مراد الأول بن أورخان غازي بن عثمان بن أرطغل.
هو السلطان الخامس والثلاثون للدولة العثمانية، تولى الحكم بعد خلع أخيه عبدالحميد الثاني 1909، وكان عمره 65 عامًا، وهو شقيق كل من السلطان مراد الخامس وعبدالحميد الثاني ومحمد السادس، وعمه السلطان عبدالعزيز الأول، وابن عمه السلطان عبدالمجيد الثاني، توفي في 3 يوليو – 1918 وعمره 74 سنة.
امتاز حكمه بسيطرة حزب الاتحاد والترقي، وانهزام تركيا في الحرب العالمية الأولى، تولى مُحَمَّد رشاد السلطة بعد أخيه عبدالمجيد الثاني، والذي عزل لمقاومته الكثير من الأفكار والمخططات اليهودية – الأوروبية، وعلى الأخص قضية توطين اليهود في فلسطين، كان مُحَمّد رشاد رجلاً مثقفًا ثقافةً إسلامية، ألم بالأدب الفارسي، واهتم بدراسة التاريخ الإسلامي عامة، والتاريخ العثماني خاصة، عارض السلطان مُحَمّد رشاد رغبةَ حزب الاتحاد والترقي في دخول الحرب العالمية الأولى إلى جانب ألمانيا، لكنه وافق مضطرًّا، وأعلن الجهاد الإسلامي بصفته خليفة للمسلمين، ودعا المسلمين كافة لدعم الدولة العثمانية، وحينما توفي في رمضان كانت معظم الدول الإسلامية قد سقطت في أيدي الحلفاء إنكلترا وفرنسا.