تربية

استقيموا ولا تركنوا

أخواننا و أخواتنا

أيها الإخوان تمر  الظروف و تتعاقب الأحدث  و ثبت الأيام أن الثورة لا تستسلم أبدا و تبقى حتى تظفر بالنصر و الثورة تعني الحياة و الحياة تعني الثورة و تنتصر مهما طال الزمن لأنها ثورة حق و أن ارادة الأحرار لا تعرف الإنكسار و لكنها جولات  تخضع لمشيئة الله في الوقت الذي يشاء  و الشكل الذي يريد  ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ﴾  (المائدة 52)

أيها الإخوان يقول الإمام البنا رحمه الله: “أحب أن تعلم يا أخي أننا لسنا يائسين من أنفسنا، وأننا نأمل خيراً كثيراً، ونعتقد أنه لا يحول بيننا وبين النجاح إلا هذا اليأس، فإذا قوي الأمل في نفوسنا فسنصل إلى خير كثير إن شاء الله تعالى، لهذا نحن لسنا يائسين، ولا يتطرق اليأس إلى قلوبنا والحمد لله. وكل ما حولنا يبشر بالأمل رغم تشاؤم المتشائمين، إنك إذا دخلت على مريض فوجدته تدرج من كلام إلى صمت، ومن حركة إلى سكون شعرت بقرب نهايته وعسر شفائه واستفحال دائه، فإذا انعكس الأمر وأخذ يتدرج من صمت إلى كلام  ومن همود إلى حركة شعرت بقرب شفائه وتقدمه في طريق الصحة والعافية.

ولقد أتى على هذه الأمم الشرقية حين من الدهر جمدت فيه حتى ملكها الجمود، وسكنت حتى أعياها السكون، ولكنها الآن تغلي غلياناً بيقظة شاملة في كل مناحي الحياة، وتضطرم اضطراماً بالمشاعر الحية القوية والأحاسيس العنيفة. و لولا ثقل القيود من جهة، والفوضى في التوجيه من جهة أخرى لكان لهذه اليقظة أروع الآثار،

ولن تظل هذه القيود قيوداً أبد الدهر فإنما الدهر قلب، وما بين طرفة عين و انتباهتها يغير الله من حال إلى حال، و لن يظل الحائر حائراً فإنما بعد الحيرة هدى و بعد الفوضى استقرار، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

لهذا لسنا يائسين أبداً, وآيات الله تبارك وتعالى وأحاديث رسوله صلى اله عليه وسلم وسنته تعالى في تربية الأمم وإنهاض الشعوب بعد أن تشرف على الفناء, و ما قصه علينا في كتابه, كل ذلك ينادينا بالأمل الواسع, و يرشدنا إلى طريق النهوض وإنك  لتقرأ قوله تعالي: ﴿طسم* تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ* نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾(القصص:1-6).  تقرأ هذه الآية الكريمة فترى كيف يطغى الباطل في صولته، و يعتز بقوته، و يطمئن إلى جبروته، و يغفل عن عين الحق التي ترقبه، حتى إذا فرح بما أوتي أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، و أبت إرادة الله إلا أن تنتصر للمظلومين، و تأخذ بناصر المهضومين المستضعفين؛ فإذا الباطل منهار من أساسه، وإذا الحق قائم البنيان متين الأركان، وإذا أهله هم الغالبون، وليس بعد هذه الآية الكريمة وأمثالها من آيات كتاب الله عذر في اليأس والقنوط لأمة من أمم الإسلام تؤمن بالله ورسوله وكتابه …

لمثل هذا يا أخي وهو كثير في دين الله لم ييأس الإخوان المسلمون من أن ينزل نصر الله على هذه الأمم رغم ما يبدو أمامها من عقبات، وعلى ضوء هذا الأمل يعملون عمل الآمِلِ المجد و الله المستعان””(رسالة إلي أي شيء ندعو الناس، بتصرف).

أخي الحبيب: كن متفائلاً، لا تقنط ولا تستكين، واملأ قلبك بالأمل، واعمر فؤادك باليقين،  وعش في حدود يومك، ولا تفسده بجراحات الماضي وهموم المستقبل، وانظر دائماً للأمام، وانطلق قُدُمَاً، ولا تكثر الالتفات إلي الخلف، وأبصر النصف المملوء من الكوب، واخلع عنك منظارك الأسود، وعدد نجاحاتك واعمل علي ترسيخها وتطويرها، ولا تقف مكتوفاً أمام بعض الإخفاقات فهي ليست نهاية العالم، ولا خسارة الأبد، فما دام المُصَابُ بعيداً عن الدين والخلق والمروءة فلا تقلق؛ وما دمت ثابتاً علي مبادئك فلا تحزن، فما عدا ذلك  فهو عارية مسترجعة، ومصاب هين مهما كان، والأيام دول، والكل أغيار، والدهر قُلَّب، والحياة يوم لك ويوم عليك، ودوام الحال من المحال﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾(آل عمران: من الآية 140). فما دمت متمسكاً بحقك، وفياً لبيعتك فحق لك أن تستبشر

ثقوا  بربك  واستفرغوا  وسعك:

أيها الإخوان ثقوا بربك و وعده و وعيده و هي من قمم الإيمان  و اعملوا واستفراغوا وسعكم وهو مكون أساسي من مكونات الإيمان مع اليقين والتصديق والإقرار والتسليم، و من سنن الله تعالي أنه لا يخذل من وثق به و يكافئ من أخذ بالأسباب واستفرغ وسعه، ولا يجامل أحداً في ذلك و المطلوب استفراغ الوسع  والعمل بالأسباب المتاحة مهما كانت العقبات والظروف والصعوبات النفسية والعملية. ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (التوبة: 41).

أيها الإخوان  الثقة بالله لا تعني ترك الأسباب، والتعلل بالشدائد والاستكانة للواقع غير مقبول في ديننا؛ فالتدافع بين الحق والباطل هو السنة الماضية إلي يوم القيامة وهو السبب الأساسي لحفظ الدين وحفظ النفس وحفظ المال وحفظ العرض وتحقيق مقاصد الشرع الحنيف﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج: من الآية 40).

و للباطل صولة و للحق دولة  و من صولة الباطل  ينتفش   هو و قادته فيزدادون في ظلمهم ، و غيهم و هو أساس الإنهيار ، ويزداد أهل الحق صبراً حتى يصلون الى الاستيئاس و هم ، ولا يَرَوْن أي نور في الأفق ومع ذلك لا يلينون أبداً عن التمسك بالحق ، فيزداد الأذى ويزداد ، حتى ننادي  ﴿إني مغلوب فانتصر ﴾ عندها فقط يأتي النصر بطريقة غير متوقعة ،وينجو بعض المؤمنين ، ويمحق الله عز وجل الباطل وأهله !!! ﴿حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ  الْمُجْرِمِينَ﴾  (يوسف  (الآية: ١١٠)

أيها الإخوان لن تنكسر دعوتنا : رغم ما حدث ومهما تجاوز الظالمون و دعوة الله منتصرة ، رغم كل العقبات والمحن ، و مادام بها رجال كأمثالكم مؤمنين عاملين صابرين مجاهدين رغم المحن و مادم فيها صابرون ثاتبون رغم المحاكم الظالمة و الإعتقالات المجرمة ،  و مادامت تروى بدماء شهداء طاهرين مخلصين  و مادام بها أخوات فضليات من أسر المعتقلين ، يواجهن تلك الأحكام – رغم الدموع المنهمرة – برباطة جأش ، ونفوس تسمو سمواً يليق بهذه الدعوة ، فتنطق  تُربِّي أبناءها ،وزوجةٍ صامدةٍ تشد من أزرِ زوجها  وهُنَّ عليها صابرات محتسبات  و مادام في دعوتنا رجال وشباب مجاهدون  واقفين خلف قيادتهم في صف واحدة على قلب رجل واحد ناصحين ،مساندين ومؤازرين  و ما دام فينا ثقة ويقين في أن وعد الله آت

أيها الإخوان المسلمون، ثقوا أنكم منصورون و كونوا على يقين ما استفرغتم الوسع و بذلتم الجهد و أخذتم بالأسباب و  اثبتوا على دعوتكم ومبادئكم ومنهجكم و ضاعفوا حركتكم ونشاطكم، و ستنبت بكم الدعوة رجالاْ ورجالاً حتى يتحقق النصر للإسلام – بإذن الله – ، وعليكم بالاستمرار فى الابتهال والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يكشف الغمة عن هذه الأمة، وأن يحرر المظلومين ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” والله معكم ولن يتركم أعمالكم، وسيكتب النصر للمؤمنين ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا﴾ (النساء: من الآية 51)،  والله أكبر ولله الحمد.

واجبات عملية:

  • قم بدورك في بث الأمل في المحبطين من حولك، وحدد لنفسك عدداً ممن تعرفه منهم واجتهد في تغيير حالتهم النفسية وأفكارهم السلبية.
  • تعهد واعمل لإعادة واحد من إخوانك المتسربين إلي الصف، وإعادة واحد من إخوانك المتكاسلين إلي سابق نشاطه.
  • حدث زوجتك وأولادك ومعارفك عن الثقة في نصر الله و أهمية الثقة و الإستقامة و عدم الركون و الإستكانة وأن النصر آت لا محالة مهما كان الواقع مظلماً.
  • حدد العقبات التي تعرقل أداءك لواجباتك الدعوية وتخلص منها علي عجل.
  • تحدث مع الناس و مع أسرتك خاصة الشباب عن الأمل و أزرعه فيهم (الوعي ) وحدد لنفسك عددا يوميا
  • قدم فكرة إيجابة لتحسين العمل سواء في محيط الدعوة أو الأسرة أو العمل المجتمعي