أتسب محمداً وأنا على دينه !!!؟


خرج حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه من داره، متوشحا قوسه، ميمّما وجهه شطر الفلاة ليمارس هوايته المحببة، ورياضته الأثيرة، الصيد (صيد الأسود)، وكان صاحب مهارة فائقة فيه، وقضى هناك بعض يومه، ولما عاد من قنصه، ذهب كعادته إلى الكعبة ليطوف بها قبل أن يقفل راجعا إلى داره. وقريبا من الكعبة، لقته خادمة لعبد الله بن جدعان، ولم تكد تبصره حتى قالت له: “يا أبا عمارة، لو رأيت ما لاقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام، وجده جالسا هناك، فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره”، ومضت تشرح له ما صنع أبو جهل برسول الله، واستمع حمزة جيدا لقولها، ثم أطرق لحظة، ثم مد يمينه إلى قوسه فثبتها فوق كتفه، ثم انطلق في خطى سريعة حازمة صوب الكعبة راجيا أن يلتقي عندها بأبي جهل، فإن هو لم يجده هناك، فسيتابع البحث عنه في كل مكان حتى يلاقيه، ولكنه لا يكاد يبلغ الكعبة، حتى يبصر أبا جهل في فنائها يتوسط نفرا من سادة قريش.
وفي هدوء رهيب، تقدّم حمزة من أبي جهل، ثم استلّ قوسه وهوى به على رأس أبي جهل فشجّه وأدماه، وقبل أن يفيق الجالسون من الدهشة، صاح حمزة في أبي جهل: “أتشتم محمدا، وأنا على دينه، أقول ما يقول؟! ألا فردّ ذلك عليّ إن استطعت”، وفي لحظة نسي الجالسون جميعا الإهانة التي نزلت بزعيمهم أبي جهل والدم الذي ينزف من رأسه، وشغلتهم تلك الكلمة التي حاقت بهم كالصاعقة، الكلمة التي أعلن بها حمزة أنه على دين محمد يرى ما يراه، ويقول ما يقوله.
أحمزة يسلم؟
أجل أسلم حمزة، وأعلن على الملأ الأمر الذي كان يطوي عليه صدره، وترك الجمع الذاهل يجترّ خيبة أمله، وأبا جهل يلعق دماءه النازفة من رأسه المشجوج، ومدّ حمزة يمينه مرّة أخرى إلى قوسه فثبتها فوق كتفه، واستقبل الطريق إلى داره في خطواته الثابتة، وبأسه الشديد.