4 أسباب وراء انتشار معدلات الجريمة في المجتمع.. فتش عن الفقر والدراما

لا يكاد يمر يوم دون حدوث عشرات الجرائم بل مئات الجرائم يوميا، بالطبع لا يصل منها إلى الإعلام إلا القليل، لكن المؤكد وفق الأرقام الرسمية أن معدلات الجريمة في مصر ارتفعت بوتيرة كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يعزوه خبراء ومحللون إلى عدة أسباب، أهمها الفقر الذي تسبب فيه النظام العسكري بقراراته العشوائية وسياساته التي تنحاز للأثرياء على حساب الفقراء، إضافة إلى أسباب أخرى نتناولها في هذا التقرير الذي يسلط الضوء على أسباب تفشي الجريمة في المجتمع المصري.

وأظهرت تقارير أمنية ومؤشرات دولية، أن معدلات الجريمة في مصر تضاعفت بشدة، حيث احتلت مصر المركز الثالث عربيًا في تقرير مؤشر الجريمة العالمي لعام 2016. كما أكدت تقارير أعدتها وزارة الداخلية التابعة للعسكر، أن جرائم القتل العمد ارتفعت بنسبة 130%، والسرقة بالإكراه زادت بنسبة 350%، بينما ارتفعت سرقة السيارات إلى 500%.

وكشفت كذلك عن أن عدد المجرمين “البلطجية” في مصر ارتفع إلى 92 ألفًا وعدد “المسجلين خطر” ارتفع بنسبة 55%، وجرائم الخطف من أجل الفدية ارتفع من 107 حالات إلى 400 حالة في 2016، كما ارتفعت معدلات السرقة 4 أضعاف من 5 آلاف سرقة إلى أكثر من 21 ألف حالة.

الانقلاب وتفشي ثقافة العنف

أول الأسباب هو تفشي ثقافة العنف، لا سيما وأن نظام 30 يونيو العسكري تأسس على العنف وسفك الدماء واغتصاب الحكم عبر انقلاب عسكري دموي، سفك في سبيل نجاحه دماء الآلاف من أطهر وأنبل شباب مصر، واعتقل مئات الآلاف، ولا يزال حتى اليوم يمارس أبشع صور التعذيب والاغتيال والإخفاء القسري.

وقد شاهد الشعب هذه المجازر الدموية في رابعة والنهضة وغيرها بثا مباشرا على الهواء، ورأي كيف تعاملت عصابات النظام مع أكبر حزب سياسي في البلاد، هذه المشاهد الدموية انطبعت في نفوس الملايين الذين شاهدوها وكرست ثقافة العنف والمليشاوية، فكثرت جرائم القتل والسرقة والاغتصاب لأتفه الأسباب.

بلا شك فإن مشهد الانقلاب والمجازر التي ارتكبتها المؤسسة العسكرية والأمنية أفرزت سلوكيات ترى في العنف سبيلا وحيدا لتحقيق الأهداف سواء بالسطو على الحكم أو الثروة أو اغتصاب حقوق الآخرين، وهو ما يفسر تزايد معدلات الجريمة خلال سنوات ما بعد الانقلاب بصورة كبيرة.

الدراما ومشاهد العنف

السبب الثاني، الدور السلبي للدراما وأفلام السينما، حيث يرجع أطباء نفسيون سبب تفشي الجريمة وتزايد معدلاتها إلى انتشار ثقافة العنف في المجتمع عبر بعض وسائل الإعلام والدراما، وغياب دور وزارة الثقافة، بجانب الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

وقال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي بطب قصر العيني، في تصريحات صحفية: إن انتشار الفضائيات والبرامج والأفلام التي تحث دائمًا على العنف، كان له دور كبير في نشر تلك الثقافات والأمراض النفسية بين المواطنين، مطالبًا بإعادة النظر فيما يُنشر ويبث عبر وسائل الإعلام لتخفيف حالة العبء التي يعاني منها الكثير من المصريين.

الفقر والغلاء

ويعزو محللون أسباب تفشي الجرائم وتزايد معدلاتها إلى الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتزايد معدلات الفقر، مؤكدين أن العلاقة طردية بين الفقر والجريمة فكلما انتشر الفقر تفشت الجرائم والعكس صحيح. وبحسب مراقبين فإن قرارات تعويم العملة ورفع أسعار الوقود 4 مرات في 4 سنوات فقط، وما ترتب على ذلك من موجات متلاحقة لم تتوقف من الغلاء الفاحش الذي طال جميع السلع والخدمات، كلها عوامل أفضت إلى انتشار الجريمة في أشكال مختلفة ربما كانت بسبب الخلافات على مصاريف المنزل، أو عدم قدرة العائل على توفير الضروريات لأفراد أسرته، أو عدم قدرة الأسرة على تزويج ابنها أو ابنتها، أو غير ذلك من صور الأزمات الاجتماعية الناتجة عن الوضع الاقتصادي المتدهور، وسقوط عدة ملايين من المواطنين تحت خط الفقر.

غياب الوزاع الديني

والسبب الرابع وراء تفشي الجرائم هو غياب الوازع الديني، حيث تسببت الحرب التي يشنها نظام العسكر الموالي لأمريكا وإسرائيل على الحركات الإسلامية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، وغيرها مثل الجماعة الإسلامية ومئات الدعاة المؤثرين في التيار السلفي الموالي لشرعية الرئيس محمد مرسي، في تغييب الآلاف من الدعاة المؤثرين في المجتمع، وبقيت المنابر يعلوها موظفون في وزارة الأوقاف قليل منهم يجيد الدعوة وكثير منهم لا يستحق الصعود على المنبر لأسباب علمية وأخلاقية وسلوكية، ففقدت المنابر كثيرا من رونقها ودورها المؤثر، ما أدى إلى تراجع الوزاع الديني عند المواطنين، وهو ما أدى بالتبعية إلى انتشار الجريمة وزيادة معدلاتها. يضاف إلى ذلك فقدان الثقة في معظم الدعاة على خلفية الحرب الإعلامية المشتعلة بين الموالين للنظام العسكري والإعلام الموالي للثورة، ما أفقد كثيرا من المواطنين بوصلة الهداية وباتوا تائهين بلا مرشدين يدلونهم على طريق الحق والصواب والإيمان الصحيح الذي يقوم على عقل يأبى الخرافة وقلب يأبى الرذيلة، كما قال الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله.