عنان يحتضر.. هل طبق السيسي طريقة عبد الناصر في اغتيال عامر؟

سيطر الغموض على مشهد اغتيال المشير عبد الحكيم عامر، أصغر وزير حربية في مصر، وامتد هذا الغموض إلى يومنا هذا، وعلى نفس المنوال يمتد الغموض إلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، الفريق سامي عنان، بعدما تداولت أنباء عن دخوله العناية المركزة وسط تدهور حالته الصحية، فهل يفعلها السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، ويغتال واحداً من أفراد عصابة الانقلاب، كما فعلها عبد الناصر عندما اغتال رفيق انقلاب 1952 عبد الحكيم عامر بالسم؟

عامر كان أحد تنظيم الضباط الأحرار الذي قاد الثورة على الملك فاروق آخر ملوك مصر، في ثورة 23 يوليو 1952، وكان أحد المقربين للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث تولى منصب القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال الفترة من إبريل 1954 حتى التاسع عشر من يونيو 1967، عقب هزيمة يونيو.

وتوفي عامر في 13 ديسمبر 1967 أي بعد ستة أشهر من الاعتراف بهزيمة مصر في حرب يونيو، وقبلها كان عامر قيد الإقامة الجبرية. وأثارت وفاة عامر جدلا واسعا لازال مستمرا حتى يومنا هذا، فبينما تقول أسرة المشير أنه قتل، يذهب العديد ممن كانوا قريبين من الأحداث وقتها إلى أن عامر انتحر، ويؤكدون على الرواية الرسمية التي اعتمدت على تقرير للطب الشرعي يشير إلى أن سبب وفاة عامر هو انتحاره.

ومن عامر إلى عنان حيث كشف الإعلامي والمحامي الدولي محمود رفعت أن رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، سامي عنان، قد دخل العناية المركزة وسط تدهور حالته الصحية، وأورد رفعت الخبر عبر صفحته في موقع “تويتر” ورصدتها “الحرية والعدالة” قائلاً: “لكل فرد في الجيش المصري، الفريق سامي عنان بالعناية المركزة وحالته خطرة حيث تدهورت صحته بشكل مفاجئ مع ظهور أورام ومياه على الرئة”.

وأضاف المحامي الدولي أنه “يرجح تعرض رئيس أركان جيش مصر للاغتيال”، في إشارة إلى دخول عنان في حالة صحية متدهورة، كما صرح في تغريدته أن الفاعلين هم “الثلاثي عبد الفتاح السيسي وابنه محمود وعباس كامل”، مؤكداً أنه “سيطلع المجتمع الدولي على الجريمة ولو حدث للفريق مكروه لن يصمت”.

وأعادت حالة الفريق سامي عنان ومحاولات السفيه السيسي لقتله، رواية أسرة المشير عامر والتي تؤكد على أنه تعرض لاغتيال وأن المشير لم يقدم على الانتحار، وفي 2007 قالت الممثلة برلنتي عبد الحميد، زوجة المشير في هذا الوقت، إن زوجها أبلغها قبل موته عن مخاوفه من تعرضه للقتل، وأكدت على أن عامر مات مسموما.

وكذلك أكد جمال عامر، نجل المشير في أكثر من حديث أن والده مات مقتولا، وحمل جمال عبد الناصر المسؤولية عن قتله ككبش فداء بسبب هزيمة يونيو، وقال جمال إنه طالب أكثر من مرة بإعادة فتح التحقيق في القضية، وإعادة تشريح جثة والده إلا أن سلطات العسكر قبل ثورة 25 يناير كان تقابل طلبه بالرفض.

ويكتنف الغموض مصير الفريق سامي عنان، رئيس الأركان الأسبق، الذي اعتقل فور ترشيح نفسه في مسرحية انتخابات الرئاسة، أمام السفيه السيسي، ولم تستطع أسرة عنان أو حملته الانتخابية التواصل معه منذ مثوله أمام النيابة العسكرية على خلفية اتهام قيادة الجيش له بالتحريض على القوات المسلحة وبمخالفة القانون إثر إعلانه ترشحه للانتخابات الرئاسية.

وقال سمير نجل عنان وقتها إن والده لم يتصل بالعائلة منذ احتجازه، وقال محمود رفعت منسق حملة عنان خارج مصر “تم اختطاف الفريق سامي عنان لجهة غير معلومة، حيث تم إخراج محاميه من غرفة التحقيقات بالنيابة العسكرية واحتجازه لمدة ساعتين بغرفة أخرى”.

وأضاف “بعدها أخبروه أن الفريق عنان ذهب إلى المنزل، بينما تم إخفاؤه، وأسرته غير قادرة على التواصل معه”، وذكر رفعت في وقت لاحق أن قوات اقتحمت منزل عنان وعبثت بممتلكاته وأخذت بعضها، “ويبدو أنه تم اعتقال أفراد من أسرته”، من هنا بدأ الصراع بين عنان والسفيه السيسي، مكرراً ما حدث بين عبد الناصر وقائد جيشه عبد الحكيم عامر، حيث كان الصراع على السلطة بين الرئيس والمشير ساخنًا؛ فناصر هو زعيم الأمة المؤيد بجماهيرية الشعوب، وعامر هو قائد الجيش المؤيد بجماهيرية ضباطه، وهنا مكمن الخطر الذي كان يستشعره عبد الناصر، انقلاب المشير والجيش عليه، فكان لابد من التخلص منه قبل احتمالية حدوث هذا الانقلاب.

بدأ الأمر عندما أراد عامر أن يهيمن على كل شيء، ويجمع كل السلطات في يديه، مطمئنًا إلى أن صداقته بعبد الناصر ستظل درع الحماية الدائمة، وأن مناصبه ستجعله مركزًا للقوى لا يمكن الإطاحة به، كما أن المحيطين به بثوا في نفسه الحقد، وأقنعوه بأنه لا يجب أن يكون الرجل الثاني، بل الأجدر به أن يكون الأول، بحجة أنه يفعل كل شيء ويحمي البلاد، بينما يحتكر عبد الناصر وحده المجد والزعامة وحب الجماهير، فهل يعيد تاريخ عصابة الانقلاب العسكري نفسه ويقتل عنان بالسم؟