يوم الملحمة

أصعب موقف لك فى حياتك على الإطلاق
أن توقن أو يغلب على ظنك أنك مقتول لا محالة أنت وأولادك
الكبرى 10 سنوات والصغرى 6 أشهر
مع الزوجة والأخت التى معها أبناؤها الثلاثة وزوج أختك
إنه يوم الحشر تماما
الناس تجرى فى كل اتجاه بلا هدى
الغاز خنق الأولاد
أيقنت بالهلاك….
ماذا أفعل ؟؟؟؟؟؟
هل يعرفنا أحد إذا متنا ؟؟؟
هل سيتعرف الأهل على جثثنا لنوارى الثرى مع أهلينا؟؟؟
بدأت أصعب عمل فى حياتى !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
أمسكت بالقلم وبدأت أكتب اسم كل واحد على لحم يده وكذلك الهاتف والعنوان
إنه الشعور الأعنف على الإطلاق أن تكون أمنيتك أن يتعرف ذووك
على الجثث فقط!!!!!!!!!!!!!!!!
الأولاد يكادون يموتون وسط الميدان
العيون تقرحت والحلوق اشتعلت
الولد بدأ يقىء
أدخلت الولد داخل التيشيرت
أدخلت الأم الرضيعة تحت الخمار
أصيبت الرضيعة بالإغماء أو النعاس أو …..
كل 5 دقائق أمسك بيديها وأحركها حتى أعلم أهى حية أم ميتة؟؟؟
النار تقابلنا من شارع الطيران
النار وصلت سور المخابرات
بيننا وبين النار عشر خطوات
بدأ لهيبها يلفح الأسرة كاملة
النار أمامنا والغاز من خلفنا
والمروحيات من فوقنا
مدنيون عزل أمام جيش مدجج بكل سلاح
وهنا فجأة عندما بلغت الروح الحلقوم
قرب التاسعة أوالعاشرة صباحا لا أدري ..فقد خرجنا خارج نطاق الزمن …
ظهر فارس همام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كأنه ملك من السماء أو منقذ من الأرض
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أحد شباب التأمين !!!!!!!!!!!!
أخذ بيدى ودفعنى ناحية باب المسجد المغلق بالسلاسل الحديدية
قلت له إنه مغلق
فقال : لا عليك
فنادى زملاءه ففتحوا البوابة
ودخلنا المسجد!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
أول ما قابلنا هو المستشفى الميداني على اليسار
انعطفنا يمينا داخل المسجد
أعداد مهولة من النساء والأطفال والجرحى والشهداء
أسرعت ناحية الشهداء الممدين على الأرض …
فإذا بواحد منهم قلبه يخفق فأسرعت إلى الطبيب لإنقاذه
فأحضر قربة مطاطية وظل يعمل له تنفسا صناعيا …ثم يتوقف ..
ثم نظر إلي الطبيب وقال خلاص يا أستاذ هو ميت !!!!!!!!
لا أنسى وجوههم المبتسة المشرقة وهم بلباس الاعتصام …
ترنج ..تي شيرت …..جلباب ….
لا أنسى أخا طبيبا بيطريا وهو جريح بالمسجد ويصرخ من الألم ..
وقد وضع قطنا في فمه يعض عليه …..فلما سألت قيل لي :
يعض عليه من الألم كي لا تتهشم اسنانه من الألم ..
جاء أب بطفل رضيع فقد أمه يصرخ من الجوع يريد أن يرضع ..
وقد رفض كل المرضعات …لا يريد إلا أمه …
أشارت امرأة أن تغطي إحدى المرضعات وجهها وترضع الطفل …
فغطت زوجتي وجهها وحاوت أن ترضعه فأبى وظل يصرخ من الجوع
ولم أعلم عنه شيئا بعد ذلك
أبواب المسجد مغلقة كي لا يدخل الغاز فيقتل الأطفال
لا يوجد خرم إبره للخروج
في الداخل حرارة رهيبة من تنفس الأعداد الرهيبة …
في الخارج رصاص ودم وغاز يكفي الكرة الأرضية
بعد الظهر …
خرجت إلى مكان الخيمة والمطبخ …
الخيمة محترقة بكافة ملابسنا
المطبخ كفئت قدوره ورمي الطعام المعد من المساء على الأرض
رائحة النار والغاز تحرق الانوف والعيون
رأيت مشاهد لم تخطر على قلب بشر
الشهداء المصابون يتحدثون وينطقون الشهادة …بنصف رأس
أو بنصف جسد …كل الإصابات التي رأيتها (كلها ) في الرأس والصدر
بلا استثناء
أشد ما شد أزري …
نساء المنصة …نعم نساء المنصة …الأخوات المرابطات أمام المنصة .
يهتفن ويزمجرن كالرعد ….يقاومن الطائرات والمدرعات و….
بهتافهن
وبحصوات يقذفن بها هذا المجرم الأثيم ..إرادة حديدية ..
بسالة منقطعة النظير لا خوف على حياة
المنية ………………………لا الدنية
علمت وأيقنت يومها أن امرأة واحدة قد تساوي آلاف الذكور !!!!!
دخلت المسجد لأطمئن على الأولاد
فإذا بالدكتور صلاح سلطان يدخل المسجد هاتفا والمسجد يرتج بترديد هتافه
بعد انصرافه بلحظات دخل الدكتور البلتاجي بوجه مختلف صائحا …
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
عليها نحيا وعليه نموت
وعليها نلقى الله
ولم نعلم باستشهاد حبيبته أسماء …
وإذا بالرصاص ينهال على نوافذ المسجد
ويضج النساء والأطفال بالفزع …إنها لحظة النهاية …
البلطجية يحاولون تكسير ابواب المسجد …..
الفزع …..والهول الرهيب يحدق بالمسجد
الوقت قارب المغرب
وإذا بشباب التأمين ( أعزهم وحفظهم الله ) يأمروننا بالخروج من المسجد
إنه صورة مصغرة من الحشر
الناس حفاة …..كلٌ يحمل أطفاله ….أو مصابه ….أو شهيده ……
لا إله إلا الله
لم أدر بما حولي ….
ولكنني فوجئت بامراة خلفي معها قارورة ماء
تقذفها وتقوا يا كفرة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فنظرت فإذا بجندي ملثم فارع الطول ورأيت ( لأول مرة) صفين من الجنود
أمام بوابة مستشفى رابعة وخرجنا ناحية مسجد الإيمان
لتبدأ رحلة البحث عن ملاذ آمن وقد دخل المساء
وتقطعت السبل …بالجيش والشرطة والبلطجية و ….
ولا مواصلات بكافة أنواعها وأصبحنا كالتائهين في فلاة !!!!!!
حتى أذن الله بالفرج .
منقول – ابوهريرة