وليد شرابي:الإنقلاب العسكري يريد تحميل خصومه السياسيين مسئولية حادث مقتل النائب العام

حول مقتل المستشار هشام بركات
تابعت الحادث المؤسف لمقتل المستشار هشام بركات ،وما لحقه من أحداث ،وفي هذا الإطار يجب التأكيد على عدة أمور
أولاً : قبل أن يجرى أي تحقيق في الجريمة إستبق قائد الإنقلاب العسكري التحقيقات بتحميل خصومه السياسيين مسئولية هذا الحادث الأليم ،وذلك أثناء المشهد الجنائزي للفقيد ،وهو ما فضح رغبته الكامنة في إستثمار دم المستشار هشام بركات لتحقيق أكبر قدر ممكن من التنكيل بخصومه السياسيين حتى وإن كان فاقداً لأي دليل يدينهم.
ثانياً : كان من المؤسف في تاريخ القضاء المصري ما أقدم عليه قائد الإنقلاب العسكري أثناء جنازة المستشار هشام بركات من تدخل سافر في القضايا الخاصة بخصومه السياسيين بل وتوبيخه لرموز القضاء المصري عبر وسائل الإعلام لعدم إسراعهم – كما يدعي – بالفصل في قضايا خصومه السياسيين!
إلا أن ما جعل المشهد القضائي أكثر قتامه هو أن تلك الرموز القضائية لم تستشعر حرجاً من هذا التدخل في عملها بل وقبلت على نفسها أن توبخ من قبل قائد الإنقلاب العسكري!
كل ذلك لابد أن يلقي بظلال من الشك والريبة حول طبيعة الدور الذي تؤديه تلك المؤسسة مع سلطة الإنقلاب العسكري ،وكيف تم توظيفها لا لتحقيق عدالة ولكن لإنفاذ أهواء قائد الإنقلاب بإسم القانون.
فلا يمكن لأحد أن يتصور بعد هذا المشهد أن سلطات التحقيق قادرة على مباشرة تحقيقات مجردة بعيداً عن هوى السلطة العسكرية الحاكمة ،أو أن السلطة القضائية قادرة على إنتاج عدالة غائبة عن ألاف القضايا المعروضة على هؤلاء القضاة ،ومنها قضية إغتيال المستشار هشام بركات.
ثالثاً : إن الإختفاء القسري أو الإحتجاز بدون وجه حق هو عمل غير مشروع جرمته نص المادة 280 من قانون العقوبات المصري ،وبالتالي فإن الدليل المستمد من هذه الجريمة هو في حقيقته دليل باطل ومنعدم الأثر حتى وإن كان هذا الدليل هو إعتراف متهم أو أكثر بأنهم إرتكبوا جريمة ما ،وهو ما يعني أن الإعترافات التي أذيعت مؤخرا لمتهمين بإدعاء أنهم نفذوا هذه الجريمة هي إعترافات باطلة ومنعدمة الأثر القانوني ،ولا يمكن لقضاء عادل أن يرتكن إليها كدليل على صحة الإتهامات المنسوبة للمتهمين ،وذلك لتعرض المتهمين للإختفاء القسري وجريمة الإحتجاز بدون وجه حق أثناء إنتزاع تلك الإعترافات منهم.
رابعاً : إن العدالة التي ننشدها جميعا تقتضي القصاص العادل لدم المستشار هشام بركات من الفاعل الحقيقي للجريمة ،ولكن كيف لنا أن ننسى الاف حالات القتل التي وقعت مؤخرا في مصر ولم تجد قصاصاً عادلاً ،ولم يحاكم القتلة بالرغم من سهولة معرفتهم والوصول إليهم.
فمن الذي قتل الرعايا الأجانب في مصر من السائحين المكسيكيين ،وضحايا الطائرة الروسية ،والفتى الإيطالي الذي قتل مؤخرا تحت وطأة التعذيب ؟
من قتل ألاف الضحايا من المصريين داخل السجون وخارجها بسبب تعبيرهم عن رأيهم؟
إن غض الطرف عن القتلة الذين ارتكبوا هذه الجرائم ،وخضوع السلطة القضائية لهوى قائد الإنقلاب العسكري في التنكيل بمعارضيه يقدح في مصداقية المؤسسة القضائية ،وطريقة أداء دورها التي لم تعد تحرص من خلاله سوى على استرضاء السلطة العسكرية المتحكمة في مصر.
خامساً : إن المقاومة الفلسطينية هي شرف الأمة ومصدر عزتها وكرامتها ،وإستمرار المساس بها وتشويهها من قبل سلطة الإنقلاب العسكري ،والزج برموز المقاومة في قضايا جنائية مصرية أمر لا يخدم في حقيقته الا أعداء الأمة الذين انكشف وبوضوح أنهم رعاة هذا الإنقلاب العسكري.
المستشار / وليد شرابي
نائب رئيس المجلس الثوري المصري

المجلس الثوري