هموم مصرية : مدارسنا.. من 70 عاماً

. وبدأ موسم العودة إلى المدارس، أو كاد.. ولكن هل جرى الإعداد جيداً، والاستعداد لهذه العودة.. حتى ينطلق التلاميذ-  بحب كبير-  ليدخلوا الفصول.. وهل تعرف حقيقة كيف يكون الاستعداد.. أقول ذلك بسبب ظهور العديد من المدارس فى حالة شديدة السوء.. من كل النواحى.. إذ دورات المياه تحتاج الى عملية «نسف» شامل لها  والأعمال الصحية.. الشوارع- والحارات-   ربما أنظف منها لقضاء الحاجة..  حتى إننا نسينا المسمى الطبيعى لدورات المياه، وهو «بيت الراحة».. ومقاعد التلاميذ.. هل تمت عملية إصلاح التالف منها.. وهى لا تحتاج إلا إلى مجرد نجار عنده ضمير.. وماذا عن النوافذ بزجاجها المكسور.. وخشب الشيش الذى لا يحمى التلاميذ.. بل والسبورة وتوابعها..، ولا نصل الى المعامل والمدرجات وقاعات المكتبة!!

almstba.com_1348130963_265

<< وفى زماننا كانت عمليات إعداد المدرسة لاستقبال التلاميذ تتم قبل أن يبدأ العام الدراسى. كانت فرق الصيانة تنطلق-   بضمير-   لتصلح  كل شىء.. فرق السباكة تدخل الحمامات.. لتقوم بواجبها. وأكاد قسم أن هذه الفرق مع فرق تنظيف الحمامات كانت تترك هذه الحمامات فى نظافة ما يسمى الآن فنادق النجوم الخمسة.. هكذا كانت حمامات  فى الأربعينيات.. وهكذا كانت حمامات مدرسة دمياط الثانوية أيضاً.. بل لا أغالى إذا وصفت أيضاً حمامات مدرسة جامع البحر الأولية فى النصف الأول من الأربعينيات بأنها أيضاً كانت حمامات فنادق درجة أولى!! ولمن لا يعلم كانت إدارة هذه المدارس تخصص لهذه الحمامات فرقاً لتنظيفها مرتين فى اليوم.. لتضمن الإدارة نظافتها الكاملة.. وقبل أن يبدأ اليوم المدرسى.

<< وكانت مقاعد الدراسة «التخت» نظيفة.. سليمة.. لا تحتاج  من الطالب أن يمسحها بمنديل!! وكانت فرق النظافة تكنس الفصول بأرضيتها الخشبية وترشها بالماء وتغسل زجاج النوافذ لأن هناك من كان يراقب ويعاقب.. أما معامل الكيمياء والطبيعة.. فكان يتم إعدادها  ومدها بغاز الاستصباح اللازم للتجارب، ويتم توفير أدوات التجارب، وحتى الضفادع مع التأمين الكامل.

ويا سلام على مدرجات الدراسة فى دمياط الثانوية.. ولا  مدرجات جامعة القاهرة فى عز  مجدها.. وكذلك قاعة السينما، حيث تعرض علينا الأفلام التعليمية والشرائح الملونة.. بصفة دورية.. أما قاعات الرسم والأشغال فحدث ولا حرج «جو يشرح النفس.. ويرد الروح» يخلق جواً يسمح بالإبداع.. حتى قاعة الموسيقى.. يا سلام. أما قاعة الألعاب الرياضية «الجيمانزيوم» فكانت لا  تفرق كثيراً عما نجده الآن فى أكبر الأندية!! وكذلك قاعات الهوايات من أشغال يدوية وصنع الصابون والفازلين والزيوت العطرية.. وحتى حصص الأشغال  والزراعة.. ولكل ذلك كنا نتعجل-   فعلاً-   بداية العام الدراسى.

<< ومطعم المدرسة.. حيث كانت تقدم لنا وجبات غذائية ساخنة: لحومًا وطيورًا وأرزًا وخضارًا وخبزًا وفواكه.. وكان عملية «تبييض» نحاس المطعم تبدأ  قبل بداية العام بأسبوعين على الأقل.. لكى يُصبح  مطعم المدرسة جاهزاً لتقديم وجباته من اليوم  الأول.. لعودة الدراسة.

وكانت المدرسة توفر لنا وتقوم بتوزيع كل ما تحتاجه العملية التعليمية من كتب وقواميس وأطالس وكراريس وأفلام ومساطر ومثلثات.. حتى أسنان القلم الريشة.. والدواية والحبر، فلماذا لا نحب المدرسة؟!

<< وإذا كان صعباً-   ومستحيلاً-   تقديم المدرسة الآن لكل ذلك.. فلا أقل من أن نعتنى بما يجلس عليه التلميذ. وبنظافة الفصل والحمامات.. أم أن هذه عمليات يصعب أن توفرها إدارة المدرسة.

حقاً مازلت أحن لمدرستى فى دمياط وأحرص على زيارتها كلما سافرت الى هناك.