هل بنى السيسي سجونًا جديدة لاستيعاب سجناء الجرائم الإلكترونية؟

قبل أكثر من سنة، أطلقت سلطات الانقلاب الموجة الأولى لحجب المواقع الإلكترونية في مصر، حينها استيقظ مستخدمو الإنترنت على أنباء حجب أكثر من أربعين موقعا إلكترونيا، تزايد عددها بعد ذلك حتى تجاوز 500 موقع، ثم سئِم الجميع من إحصاء وعدّ المواقع المحجوبة التي تنوعت بين مواقع إخبارية وثقافية إلى تقنية ودينية وسياسية، كما تعددت هويات المواقع المحجوبة، من مواقع مصرية لأخرى عربية، وأمريكية وعالمية.

بعض هذه المواقع مثل “مدى مصر” لجأ إلى المسار القانوني المتوافر، خصوصا أن أوضاعهم القانونية متماشية مع القوانين المصرية، وخلال أكثر من عام من الدوران في المحاكم، لم يتم الفصل في القضية التي رفعها موقع “مدى مصر”.

الورق ورقنا!

وفي البداية اختصم موقع “مدى مصر”، سلطات الانقلاب متمثلة في الجهاز القومي للاتصالات بصفته المسئول عن الإنترنت في مصر، وأمام محكمة القضاء الإداري أنكر ممثل الجهاز القومي للاتصالات مسئوليته عن الحجب، وقال إن الحجب جاء من جهة “سيادية” لم يسمِّها، ولم تنجح محكمة القضاء الإداري في الوصول إليها، طوال ذلك الوقت، كانت المواقع المحجوبة تقف في مواجهة شبح لا يمكن الإمساك به، لكن توقيع السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي على قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية، أسقط القناع عن ذلك الشبح.

ويمكن الآن لكافة المواقع المحجوبة مواجهته في ساحة المحاكم، حتى لو خسروا تلك المعركة فربما، بتوالي المعارك، يصبح في الإمكان يوما الالتفاف على سلطة ذلك الشبح وتجاوزها، وينص قانون الإنترنت الجديد على أن حجب المواقع يتم في حالات محددة وبموجب قرارات صادرة من جهات محددة، وهى جهات التحقيق أو “النيابة”.

كما يضع القانون للمتضرر من الحجب، المسار الذي يمكنه أن يتحرك فيه، حيث نص القانون: “لكل من صدر ضده أمر قضائي من المنصوص عليه بالمادة 7 من هذا القانون، وللنيابة العامة، ولجهة التحقيق المختصة، ولكل ذوي الشأن، أن يتظلم منه، أو من إجراءات تنفيذه، أمام محكمة الجنايات المختصة بعد انقضاء 7 أيام من تاريخ صدور الأمر أو من تاريخ تنفيذه بحسب الأحوال، فإذا رُفض تظلمه فله أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضت 3 أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم”.

وفي يونيو 2016، حذّرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير من نية حكومة الانقلاب العمل على هذا القانون، وأصدرت وقتها دراسة بعنوان “معاداة التقنية”، حين كان مشروع مكافحة جرائم تقنية المعلومات مجرد اقتراح مقدم من النائب عن دائرة مدينة نصر، تامر الشهاوي، إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى في برلمان الدم.

ويلزم القانون الجديد مقدمي خدمة الإنترنت، أي الشركات التي توفرها، والتابعين لهم، في إشارة إلى أي وكيل أو وسيط يقدّم الخدمات للجمهور، بتوفير بيانات المستخدمين لجهات الأمن القومي بحال طلبت ذلك وفقا لاحتياجاتها، وكذلك بتوفير كافة الإمكانيات الفنية التي تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها.

القبض على الناشطين

ويرى الناشط الحقوقي محمد قاعود، أن هذا الجزء من القانون يجعل من حق مقدمي خدمات الإنترنت في مصر انتهاك حقوق المستخدمين في الخصوصية، ويجعلهم شركاء للأمن المصري في القبض على الناشطين عبر الإنترنت، و”معروف للجميع أن الانقلاب غير راضٍ عنهم ويعتبرهم بشكل ما خطرًا على وجوده”.

انتهاكات وقمع

وتعاقب سلطات الانقلاب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.

طريق السجون

ويرى رواد مواقع “فيس بوك” و”تويتر” أن قانون سلطات الانقلاب الجديد سيضيف عددا جديدا من النشطاء ورواد السوشيال ميديا على قوائم قضايا ذات خلفيات سياسية، أهمها رفض الانقلاب، ويرى آخرون أنه تقنين لوضع قائم بالفعل، إذ ألقت قوات الأمن القبض على بعض النشطاء خلال الأعوام الماضية بسبب منشوراتهم على موقع “فيس بوك” واتهامهم بنشر أخبار كاذبة وتكدير السلم العام.