هل بات سيناريو 25 يناير وشيكًا واقتربت نهاية السيسي؟

بالقمع والجوع والقتل لا تستطيع استعباد شعبٍ ذاق الحرية في ثورة خالصة وحكم نفسه بنفسه ولو لمدة وجيزة استمرت عاما، تلك الحقيقة التي وصلت في وقت متأخر، وبدأت سلطات الانقلاب خلال الأيام القليلة الماضية بتخفيف الحصار المطبق الذي تفرضه على محافظة شمال سيناء، خصوصا مدينة الشيخ زويد التي تبعد نحو 15 كم من الحدود مع قطاع غزة، في إطار تراجع السفيه عبد الفتاح السيسي عن سياسة القوة الغاشمة المستمرة منذ سنوات.

وللمرة الأولى منذ 4 سنوات، وافقت حكومة الانقلاب على إدخال المواد الغذائية الأساسية، ومواد البناء، ومستلزمات وبضائع للمحال التجارية، وسمحت للمواطنين بالتحرك من وإلى المدينة، فيما أعادت فتح المدارس، وأمرت بانتظام العملية التعليمية، وسمحت سلطات الانقلاب باستئناف مشاريع بني تحتية في المدينة كانت قد توقفت بفعل الحملات الأمنية التي يواصل الجيش المصري تنفيذها في شمال سيناء، وتحديدا في رفح والشيخ زويد.

الخوف من الغضب

في رأي خبراء عسكريين وحقوقيين، فإن التغيرات الإقليمية والدولية باتت تقلق السفيه السيسي، وكان لافتا إعلان سلطات الانقلاب السماح باستبدال خطوط الكهرباء القديمة في المدينة خاصة الخط 22 القادم من شرق العريش، الذي مضى على تمديده عشرات السنوات دون أن يشهد أي تجديد أو صيانة، فيما سيجري أيضا تنفيذ مشاريع لإضاءة الطرق الرئيسية المؤدية للمدينة.

وكشف مصدر قبلي أن ضباطا يتبعون الجيش الثاني الميداني الذي يعمل في سيناء، أبلغوا شيوخ العشائر بهذه التسهيلات، وطلبوا منهم حثّ أبنائهم على العودة إلى الشيخ زويد، بشرط التخابر مع الجيش ودعم عملياته المتواصلة على حدود قطاع غزة لحصار المقاومة وتمهيد الأرض لإنجاز ما يسمى بـ”اتفاق القرن”، الذي يخدم كيان العدو الصهيوني.

ولفت المصدر الذي فضل عدم كشف هويته، إلى أن الجيش وصل لقناعة مفادها أن عملياته في شمال سيناء لا تعطي النتائج المطلوبة، وخاصة في مدينة الشيخ زويد التي ما زالت تشهد هجمات لتنظيم ولاية سيناء، وتحديدا في قرى غرب المدينة، ولذلك فإنه يسعى لاستمالة سكان المدينة و”توريطهم” في هذه الحرب، من بوابة تخفيف الحصار، والسماح بحركة الدخول والخروج من المدينة.

خيبة أمل

وأضاف المصدر أن “الشيخ زويد تشهد هجمات ارتفعت حدتها خلال الفترة الأخيرة، لكن الإعلام لا ينقل شيئا عنها بسبب تشديد القبضة الأمنية في المدينة، ولأن الجيش المصري يشعر بخيبة أمل من جدوى عملياته العسكرية، ويحاول تجربة طرق جديدة للسيطرة على الوضع هناك منها إطلاق جملة من التسهيلات”.

ودفعت العمليات العسكرية المتواصلة التي ينفذها الجيش المصري منذ انقلاب الثالث من يونيو 2013 آلاف المواطنين من سكان مدينتي رفح والشيخ زويد إلى ترك منازلهم، بسبب الملاحقات الأمنية وعمليات القتل والاعتقال التي تعرضوا لها تحت ذريعة “الحرب على الإرهاب”.

من جهته قال الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري طارق الزمر: إن السفيه السيسي في حالة خوف ورعب حقيقي من كل معارضيه، خشية تكرار سيناريو 25 يناير الذي أكد أنه أصبح وشيكا، لافتا إلى أن التغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة تهيئ المنطقة لأفول نجم الثورات المضادة.

عودة الربيع

وأضاف الزمر أن “السبب الرئيس في عدم نجاح الثورة يرجع لهشاشة البنية السياسية للمعارضة، وتفرق النخبة والرموز، فضلا عن افتقاد القيادة للمسئولية الوطنية، ولهذا فهم لم يستطيعوا حتى الآن أن يتجاوزا انقساماتهم أو يعبروا أيديولوجياتهم ليبنوا لحمة وطنية للإنقاذ ومشروعا للمستقبل”.

ودعا الزمر الذي يشغل منصب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى العمل على إعادة بناء الجماعة الوطنية على أساس المبادئ المشتركة، وفق مشروع وطني جامع يرسم خارطة المستقبل، مؤكدا أن “المصالحة المجتمعية والتوعية الشاملة هي المسمار الأخير في نعش الانقلاب ومن ثم الديكتاتورية”.

كما دعا إلى تدشين مرحلة انتقالية جديدة يتم إدارتها من خلال تشارك واسع لا يقصي ولا يستثني أحدا، وتأسيس ما وصفه بـ”البديل الوطني” المؤهل لإنقاذ الدولة والقادر على التعامل مع مشكلات المجتمع، والتعاطي مع العالم وفق ظروفه ومعطياته بالغة التعقيد.