#نافذة_دمياط | : #تدبر آية في زمن المحنة

#نافذة_دمياط | :
#تدبر آية في زمن المحنة

※﴿فأسرَّها يوسُف في نفسه ولم يُبدِها لهم﴾※

⇜فكم من كلماتٍ ومواقف وتصرُّفاتٍ كتمها كريم النفس لأنه لن يجد من يفهمه فيها ؛ فهو يعيش بين ألَم هذه الكلمات وكتْمها والعجز عن التعبير بما يدفعها .

⇜وكم هو مؤلمٌ أن يسكت الإنسان أمام اتِّهامات باطلة ، وظنونٍ سيئة ، ومواقف ليس له فيها أي سبب ..

⇜هذا نبي الله يوسف ﷺ ؛ يسمع كلمات الزور والبهتان ممَّن آذوْه ونكَّلوا به ، وبدلاً من إظهار الندم على ما اقترفوه في حقِّه عليه الصلاة والسلام ؛ إذ بهم يُحاولون إلصاق تُهمةٍ فوق جناياتهم القديمة عليه !!

كان من المُفترَض أن تطوي السنوات الطويلة ما في نفوسهم من حسدٍ على أخيهم يوسف من دون ذنب اقترفه في حقهم سوى ما أكرمه الله به وميَّزه ، وأن يكتفوا بتغييبه عن جوِّه الأُسري وحنان والده ، لكنَّ الحسد كان حاضراً في نفوسهم فترجمته كلماتهم ، و لم تستطع تلك السنوات أن تمحوه ..

أسرَّها ولم يُبدِها لهم ؛

وكم هي مواقف الحياة التي يتمثَّل الواحد منَّا موقف يُوسف عليه الصلاة والسلام هذا ..
يُسِرُّ الواحد في نفسه ما يراهُ من أمورٍ تكشَّفت له عن معادن بعض الناس الذين ما زالوا يتظاهرون بالتشبُّع والتكثُّر ..
يُسِرُّها في نفسه لأنَّ الناس لم يروا ما رآه ، ولم يسمعوا ما سمعه ، ولم يقفوا على ما وقف عليه ..

يُسِرُّها في نفسه لأنَّ فُقراء الإنصاف لن يفهموا من كلامه لو أبداه إلاَّ انتصاراً لنفسه وإسقاطاً لغيره !!
يُسِرُّها في نفسه لأنَّه قديمٌ معروفٌ عندهم ولا يملِكُ بهرج الجديد الذي أتقن صناعة الحروف وتنميقها !!
يُسِرُّها في نفسه لأنَّه لا شاهد له إلاَّ نفسه ، إن تكلَّم لم يُصدِّقوه ، وإن شرح لم يفهموه ، وإن نصح لم يقبلوه !!

يُسِرُّها في نفسه لأنَّ لغيره الحق في الخطأ دون حساب ، والنقد دون عتاب ، والتقدُّم دون ارتياب ، وأمَّا هو فلا يزال المُتَّهم في أعينهم ، قدحوا فيه للمصلحة ، وألصقوا به العيوب بسبب النميمة !!

… دائماً يُسِرُّها في نفسه لأنه غريبٌ أمام نظراتهم السابقة ،
ضعيفٌ أمام ظنونهم السيئة ،
صغيرٌ أمام طموحاتهم الزائفة ،
فقيرٌ أمام أطماع مصالحهم ..

#لكنَّه وإن أسرَّها في نفسه إلاَّ أنه يُوقِنُ بعلم الله ،
ويُؤمنُ صِدقاً بوعْد الله ؛
فما أسرَّها في نفسه يعلمها الله ،
وما أخفاها من مشاعره لا تضيعُ عند الله ، لكلِّ أجلٍ كتاب ،
وحكمة الله عظيمة ،
وميلاد الفرَج عند اشتداد الضيق سعادة .