من ذكريات الاستاذ مهدي عاكف – رحمه الله –

 

ذكريات الاستاذ مهدي عاكف – رحمه الله –
يتحدث الاستاذ مهدي عن كفاحه ضد الاحتلال الإنجليزي بقوله : “هل يتصور أحد أنه في عام 1951م كنا نقيم معسكرات في قلب الجامعة وندرب الطلاب بالذخيرة الحية على مقاومة الاحتلال؟! وقد كان كل أساتذة الجامعة يرحبون بما نقوم به أملا في تحرير مصر من الإنجليز.. الذين تركوا القاهرة نهائياً تحت ضغط المظاهرات الحاشدة وتمركزوا في منطقة قناة السويس.
يومها تحملت الجامعة المسؤولية لأن الإدارة كانت وطنية والسلطات تغاضت تماما. وقد أقمنا تلك المعسكرات لأننا أردنا أن نكون عمليين أكثر في مقاومة الاحتلال ، وكنت يومها قائدا لمعسكر جامعة إبراهيم (عين شمس حالياً).
وسأسرد لك قصة تبين مدى رجولة رجال الجامعة آنذاك مع الطلبة.. فقد وضعنا بعض الأهداف للمعسكرات، وكان منها : محو الأمية العسكرية لدى الشعب المصري المحتلة أرضه.. وكان لا يقوى على الصمود ومواصلة التدريب إلا القليل، وهم الذين كانوا يذهبون للقتال في القناة ضد الاحتلال الإنجليزي ، ولكن التدريب كان مفتوحاً ومتاحاً للكل، وظهر من شباب الجامعة، رجال من غير الإخوان أعتز بهم حتى الآن، بل ومن النصارى، فقد كان معنا أحد النصارى الميسورين، وكانت لديه سيارة فخمة، وكان يصر على أن يقود لي هذه السيارة بنفسه..
كما أن سيدة ميسورة (اسمها قوت الدمرداشية) ـ صاحبة مستشفى الدمرداش الذي تحول بعد ذلك إلى كلية للطب ـ أرسلت لي سيارة، وكنت معروفاً جداً آنذاك.. ولما جاء ابنها ـ وكان طالباً بكلية الطب ـ وقال لي: هذه السيارة هدية لك، قلت: أما لي فلا، وأما للمعسكر فنعم، فردت علي والدته قائلة: لاستعمالك الشخصي في المعسكر ، فقلت: وهو كذلك، وبعد نهاية المعسكر أعدتها اليهم مع خطاب شكر.
وكان يرأس جامعة إبراهيم (عين شمس حالياً) أستاذ جليل، هو د. محمد كامل حسين، كبير جراحي العظام في الوطن العربي، وكان يشاركنا جهادنا، وقد أرسل لي عميد كلية الحقوق د. عثمان خليل وكنت طالباً بها ـ بعد أن أنهيت الدراسة في كلية التربية الرياضية – وقال لي: يا عاكف.. مدير (رئيس) الجامعة يريد تنظيم حفل افتتاح للمعسكر حتى يحضر، فقلت له: أنت رجل قانوني، ونحن في هذا المعسكر داخل حرم الجامعة نعد ناسا خارجين على القانون (وكان أحد لا يستطيع دخول المعسكر..
لا احتلال ولا أمن ولا غيره، كما يحدث الآن) فإن كنتم تريدون أن تشاركونا في المسؤولية فمرحباً.. ثم أرسل لي رئيس الجامعة مرة أخرى عميد كلية الهندسة ثم قائد حرس الجامعة بنفس الرسالة ، ثم أرسل لي رسالة بالحضور فذهبت إليه، وكان رجلاً محترماً فقال لي: إنه لشرف عظيم ـ يا بني ـ أن أشارككم جهادكم.
فهل تجد مثل ذلك الآن؟
وعن موقف الشيوعيين يضيف الأستاذ عاكف قائلا :الشيوعيون على امتداد تاريخهم مستغلون ومنتهزون للفرص..ففي ذلك الوقت كانت هناك انتخابات لاتحاد طلاب الجامعة ، فجاءني بعض الإخوة وقالوا: الشيوعيون وزعوا منشورا علي نطاق واسع داخل الجامعةً.. بعنوان: أين السلاح يا عاكف؟ فقلت لهم: أعلنوا عن عقد مؤتمر وأنا قادم، وانتظرت الجامعة كلها محمد عاكف.. وكانت الجامعة قبل الثورة قد حددت 6 من الأساتذة للإشراف على إنفاق المعسكر.. وقد وجه لي هؤلاء الأساتذة في نهاية المعسكر خطاب شكر، وكان رئيس الجامعة محمد كامل حسين يقول لي: «لم أجد آمن منكم»، ولم يكن أحد غيره عنده ملف المعسكر بالكامل، وكان يعرف ماذا اشترينا وماذا فعلنا.
المهم.. ذهبت إلى المؤتمر ومعي خطاب الشكر من الأساتذة وقلت في كلمتي: يؤسفني أن يكون هذا المعسكر الضخم الذي تم تنظيمه لمقاومة المحتل مثار تهكم، ومجالاً للتكسب الحقير والدعاية الرخيصة من بعض الأحزاب التي لم تشترك فيه، ليشوهوا هذه الحركة المباركة الضخمة.. ويكفي أن الأستاذ فلان والأستاذ فلان ـ أساتذة كباراً ـ قدموا لي خطاب شكر، ثم أخرجت الخطاب وقرأته، فظلت الصالة تصفق حوالي 10 دقائق، وحصل الإخوان وقتها على 100% في الانتخابات وسقط الشيوعيون سقوطاً مدوياً.
#مواقف_من_حياة_الدعاة
#محمد_مهدي_عاكف
#عاش_مجاهداً_ومات_شهيداً
#عاكف_شهيداً
#ومضات