من أعلام دمياط المفكر الراحل زكي نجيب محمود

قيل قديما، بأن لكل شخص من اسمه نصيب، ولذا لا يختلف اثنان، على أهمية المكانة التي تبوأها المفكر الراحل زكي نجيب محمود، باعتباره أبرز فلاسفة العرب ومفكريهم في القرن العشرين، وهو قامة فكرية لم ينجح أحد من تلامذته أن يصل إلى مكانته منذ رحل عن عالمنا.

فمنذ رحيل زكي نجيب ، تأثر الحقل الفلسفي المصري والعربي فلم يكن هناك من يحرك البركة الفكرية التي ركدت مياهها إلا من بعض الترجمات المتناثرة هنا وهناك، بعد رحيله.ترك زكي نجيب، تراثاً غنياً موزعاً على الفكر والفلسفة والأدب والنقد والفن ما يزال ينبض بالحيوية إلى اليوم.أطلق عليه الأديب الراحل عباس محمود العقاد، لقب فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، وهو أمر يتأكد المرء من ذلك إذا اطلع على كتبه الغزيرة التي صدرت في طبعاتها الأخيرة من “دار الشروق” بمصر، ومنها “تجديد الفكر العربي”، “حصاد السنين”، “المعقول واللا معقول في فكرنا العربي”، “قشور ولباب”، “قصة نفس”، “قصة عقل”، “مع الشعراء” وسواها الكثير وهي كتب تجمع بين الفكر والأدب، يحار معها قارئها في تصنيفها. فهل هي أدب أم فكر أم الاثنان معا؟ والواقع أنها تضم الاثنين، كما تضم نقدا وفناً وسوى ذلك من الفنون والآداب.

وُلِد زكي نجيب محمود في قرية “ميت الخولي عبد الله” بمحافظة دمياط في أول فبراير سنة ١٩٠٥م، والتحق بكُتَّاب القرية، وبعد عودته إلى مصر أكمَلَ المرحلةَ الثانوية، ثم تخرَّجَ في مدرسة المُعلمين العليا بالقسم الأدبي سنة ١٩٣٠م، وفي سنة ١٩٤٤م أُرسِل في بعثةٍ إلى إنجلترا حصل خلالها على “بكالوريوس الشرفية من الطبقة الأولى” في الفلسفة من جامعة لندن؛ لينال بعدَها مباشَرةً درجةَ الدكتوراه في الفلسفة من كلية الملك بلندن سنة ١٩٤٧م.

عمل بالتدريس في عدة جامعات عربية وعالَمية؛ على رأسها كلية الآداب جامعة القاهرة، وجامعة كولومبيا بولاية كارولاينا الجنوبية، وجامعة بوليمان بولاية واشنطن، وجامعة بيروت العربية بلبنان، وعدة جامعات في الكويت. كما عُيِّن ملحقًا ثقافيًّا بالسفارة المصرية في واشنطن عامَيْ ١٩٥٤ و١٩٥٥م.ترك زكي نجيب محمود أكثر من 40 كتابا في ميادين مختلقة من الفكر والأدب والفلسفة، في مقدمتها: حياة الفكر في العالم الجديد، برتراند راسل، وديفيد هيوم، والشرق الفنان، وقشور ولباب، وتجديد الفكر العربي، المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري، ورؤية إسلامية، وجنة العبيط.

وإلى جانب ذلك ترجم إلى العربية عددا من عيون الفكر الغربي مثل: محاورات أفلاطون، وتاريخ الفلسفة الغربية، والمنطق “نظرية بحث”.نال العديد من الجوائز والأوسمة، فحصل على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1960 عن كتابه نحو فلسفة علمية، وعلى جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1975 كما منحته جامعة الدول العربية جائزة الثقافة العربية سنة 1985 وكان أول من نالها في العالم العربي، ومنحته الجامعة الأمريكية بالقاهرة الدكتوراة سنة في نفس العام وحصل على جائزة سلطان العويس سنة 1991.

وكان آخر ما كتبه سيرته الذاتية في 3 كتب هي (قصة نفس، وقصة عقل، وحصاد السنين الذي أصدره سنة 1991) ثم ضعف بصره وظل على هذا الحال حتى مات في 8 سبتمبر 1993م. وتخليداً لذكراه تم إطلاق إسمه علي مدرسة ثانوية فى مسقط رأسه بقرية ميت الخولي.