مع بدء استيراد غاز الصهاينة.. قائد الانقلاب يبيع مصر للصهاينة من أجل الكرسي

‎بواسطة علي حسن 

أثار إصرار نظام العسكر على استيراد الغاز الإسرائيلي رغم إعلانه تحقيق الاكتفاء الذاتي بعد اكتشاف حقل ظهر وبدء إنتاجه الكبير تساؤلات كثيرة بين خبراء وسياسيين حول أسباب هذا الإصرار.

وحذر الخبراء من أن عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب الدموي يعمل من أجل مصالح الصهاينة وربط مستقبل مصر والأجيال القادمة بهذا الكيان اللقيط.

وقالوا إن السيسي يظن أن خدمته للصهاينة ستضمن بقاءه على كرسي الحكم أطول فترة ممكنة، محذرين من أن قائد الانقلاب الدموي يسعى لاستنزاف موارد مصر وخيراتها وتقديمها على طبق من ذهب للاحتلال الإسرائيلي.

كان وزير الطاقة الصهيونى يوفال شتاينتز، قد أعلن إن “إسرائيل” ستبدأ تصدير الغاز إلى مصر أول شهر نوفمبر الجارى ، في خطوة تهدف إلى بيع “إسرائيل” إنتاجها من الغاز في الخارج.

وقال شتاينتز على هامش منتدى إقليمي للغاز في القاهرة: من المتوقّع أن تصل صادرات الغاز الإسرائيلية لمصر إلى 7 مليارات متر مكعب سنويا على مدى 10 سنوات، مؤكدا أنه من المنتظر استخدام نصف الصادرات تقريبا في السوق المحلية المصرية، على أن يتم تسييل النصف الآخر لإعادة تصديره.

وأضاف أن “إسرائيل” ناقشت مع ومصر كيفية تمديد التعاون بشأن الغاز الطبيعي، ومن ضمن ذلك الصادرات، مؤكدا أن تصدير إسرائيل للغاز الطبيعي إلى العالم العربي، وكذلك إلى أوروبا، كان يبدو حلما أو خيالاً منذ 10 سنوات أو 15 عاما فقط.

يشار إلى أن صادرات الغاز من “إسرائيل” ستأتي إلى مصر بموجب اتفاق تاريخي لتصدير الغاز الطبيعي بقيمة 15 مليار دولار، أُعلن عنه في فبراير 2018. وفي سبتمبر الماضي اشترت شركات إسرائيلية ومصرية حصة نسبتها 39% في خط أنابيب شرق المتوسط؛ لتمهّد الطريق أمام بدء تنفيذ الصفقة.

وقال الشركاء في حقلي الغاز البحريين “تمار” و”لوثيان” إنهم سيورّدون نحو 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى شركة دولفينوس القابضة المصرية الخاصة على مدى 10 سنوات، في إطار الصفقة.

الاكتفاء الذاتيّ

في المقابل زعم طارق الملاّ وزير البترول والثروة المعدنيّة بحكومة الانقلاب أنّ قطاع البترول حقّق رقما قياسيّا بأعلى معدّل إنتاج للزيت الخامّ والغاز في تاريخ مصر خلال أغسطس الماضي؛ حيث وصل إلى 1.9 مليون برميل مكافئ للزيت يوميّا، وأن القطاع تمكن خلال السنوات الخمس الأخيرة من تحقيق أعلى معدل للاستثمارات في تاريخ القطاع بلغ 30 مليار دولار.

وقال الملا في كلمة ألقاها نيابة عنه وكيل أوّل وزارة البترول لشؤون البترول محمّد سعفان، أمام المؤتمر والمعرض الدولي العاشر لدول حوض البحر المتوسط “موك 2019” بمدينة الإسكندرية، في 15 أكتوبر الجاري، إن مصر حققت الاكتفاء الذاتيّ من الغاز الطبيعيّ في سبتمبر من العام الماضي.

كما زعم الملاّ في وقت سابق أنّ مصر ستوقف استيراد الغاز الطبيعيّ المسال بحلول نهاية السنة الماليّة 2017 – 2018. وفي 15 اغسطس 2018  قال: إنّ شهر سبتمبر المقبل سيشهد استيراد مصر الشحنات الأخيرة للغاز من المورّدين في الخارج، وهذا يعني أنّ مصر ستتوقّف في أوّل أكتوبر عن الاستيراد نهائيّاً، وستكون بداية تحقيق الاكتفاء الذاتيّ من الغاز على أن نبدأ تصدير الفائض بدءاً من يناير من عام 2019.

ورغم الإعلان المتكرّر للملاّ عن تحقيق مصر الاكتفاء الذاتيّ من الغاز الطبيعيّ ووقف الاستيراد وتحقيق فائض، إضافة إلى استكمال مراحل تشغيل حقل ظهر، الذي بدأ الإنتاج الفعليّ في منتصف ديسمبر 2017، إلاّ أنّ شركات طاقة إسرائيليّة “الشركاء في حقل لوثيان بإسرائيل”، أعلنت في 10 أكتوبر الجاري أنّها ستزيد كميّة الغاز الطبيعيّ، التي تعتزم تصديرها إلى مصر بموجب اتفاق.

كانت شركة الطاقة الإيطاليّة “إيني” قد أعلنت عن اكتشاف حقل ظهر في أغسطس 2015، مؤكّدة أنّه “الأكبر على الإطلاق في البحر المتوسّط، وقد يصبح أحد أكبر اكتشافات الغاز في العالم.

وتقدّر احتياطات الغاز في الحقل، ومساحته مئة كلم مربّع، “بحوالي 30 تريليون قدم مكعّب أو ما يعادل 5,5 مليار برميل زيت مكافئ”، وبدأ الإنتاج الفعليّ في “ظهر” خلال ديسمبر الماضي بحسب تصريحات لوزير بترول الانقلاب.

الحلم الإسرائيلي

وأعرب محمد جمال حشمت، البرلماني السابق وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، عن استنكاره لترويج إعلام العسكر لاتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي باعتبارها إنجازا لمصر، في وقت صدع فيه نظام السيسي رءوس المصريين بالاكتشافات اليومية للغاز الطبيعي، وهو ما يثير التساؤلات عن الأهداف الحقيقية لهذه الاتفاقية المرفوضة.

وأكد حشمت أن ملف مقاومة التطبيع مع إسرائيل يواجه أزمة في ظل استمرار نظام السيسي بالحكم، لافتا إلى أن الناشطين الحقيقيين بهذا الملف إما معتقلون أو مطاردون أو فارقوا الحياة، وتبقى قلة بسيطة داخل مصر تتعامل مع رفض التطبيع على استحياء، وهو ما منح السيسي فرصة للتمادي في توسيع مجالات التطبيع مع إسرائيل.

وقال: “مصر على يد السيسي تحولت لشريك في نهب حقوق الفلسطينيين، كما تحولت لسلطة احتلال ضد أبناء سيناء والعريش بممارساتها الإجرامية والإرهابية بشكل متواصل تحت غطاء محاربة الإرهاب، بينما الواقع أن السيسي يقوم بتفريغ سيناء لصالح تأمين الغاز الإسرائيلي والمواطن الإسرائيلي والحلم الإسرائيلي بالسيطرة الاقتصادية والسياسية على مصر ودول المنطقة

فشل العسكر

من جانبه، الدكتور قال مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية أوكلاند الأمريكية: إن استيراد نظام العسكر للغاز الإسرائيلي يتم في إطار صفقة تخص حكما دوليا بدفع مصر 1.7 مليار دولار لصالح إسرائيل لتوقف القاهرة عام 2012 عن تصدير الغاز إلى إسرائيل، مؤكدا أن الحديث عن تحول مصر لمركز إقليمي لإسالة الغاز الطبيعي “لا قيمة له”.

وأشار إلى أن نظام العسكر اتفق مع إسرائيل على استيراد الغاز منها بدلا من دفع مبلغ التعويض، موضحا أن احتياطي الغاز الطبيعي الذي تمتلكه مصر يحقق لها اكتفاء ذاتيا لمئات السنين ويوفر كميات للتصدير.

وأضاف شاهين أنه في ديسمبر 2015، قضت محكمة غرفة التجارة الدولية في جنيف بتغريم الحكومة المصرية مبلغ 1.7 مليار دولار، لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية، بعد توقف إمدادات الغاز المصري إلى إسرائيل.

وأعرب عن أسفه لأن المفاوض المصري في عهد العسكر فشل في كثير من الملفات أبرزها ملف سد النهضة واتفاقية الغاز مع إسرائيل.

وحول اختيار شركة من القطاع الخاص لتكون واجهة لتنفيذ الاتفاق مع إسرائيل، أكد شاهين أن الأمر يتعلق بمصالح متبادلة بين حكومة الانقلاب والقطاع الخاص. لافتا إلى أن هناك حسابات معينة والأمور غير واضحة بسبب غياب المعلومة وعدم الشفافية.

تطبيع جديد

وطالب ضياء الصاوي، عضو الهيئة العليا لحزب الاستقلال بتصحيح المفاهيم التي يتم ترديدها في إعلام العسكر وغيره بأن مصر سوف تستورد الغاز الإسرائيلي، موضحا أنه فى الحقيقة الغاز الفلسطيني المنهوب والمسروق على يد الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد الصاوي أن اجتماع شرق المتوسط الذي استضافته القاهرة، قبل أيام يشير لشكل جديد من أشكال التطبيع بين نظام السيسي وإسرائيل، كما أنه كان سببا للتعاون الأمني والعسكري بين مصر وإسرائيل في سيناء لتأمين خط الغاز البحري عسقلان/ العريش الذي يعول عليه السيسي كثيرا في تثبيت أركان حكمه.

وكشف أنه بعد أن تنازل السيسي طوعا عن حقوق المصريين في حقول الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط، يقوم الكيان الصهيوني بتصدير الغاز المسروق من مصر وفلسطين مرة أخرى لشركات مصرية، لتكون إسرائيل هي المستفيد الأكبر في الصفقة. مشيرا إلى أن نتنياهو أعلن أن توقيع اتفاقية تصدير الغاز إلى مصر هو عيد لـ”إسرائيل” وأنها ستعود بالرفاهية على المواطن الإسرائيلي”.

وأشار الصاوي إلى أن مشاركة اليونان وقبرص وإيطاليا والسلطة الفلسطينية ضمن دول المنتدى لتجميل الصورة، وإظهار المنتدى بصورة الكيان القوي مثل منظمة الأوبك المعنية بالدول المنتجة للبترول، بينما الواقع يقول إن الدول الأوروبية وأمريكا تدعم هذا الاتفاق الذي يصب في الصالح الإسرائيلي، مقابل أن يظل نظام العسكر مستقرا.

ضربة موجعة

وقال سمير أبو الخير خبير اقتصادي إنه بعيدا عن البُعد السياسي، فإن دخول إسرائيل في أية اتفاقية مع دولة بحجم مصر يمثل استفادة كبيرة لصالحها؛ لأنها تضمن سوقا شرائية تزيد 10 أضعاف عن السوق الداخلية الإسرائيلي.

وأشار إلى أن ذلك هو ما كان يجب على نظام العسكر أن يفهمه أثناء توقيع الاتفاقيات مع إسرائيل، والاستفادة من رغبتها في الدخول للسوق المصرية وليس العكس.

وأوضح أبو الخير أن غياب الجدوى الاقتصادية بفكر حكومة العسكر جعل للموضوع أبعادا أخرى، مؤكدا أن حكومة الانقلاب وما تروج له من أن مصر أكبر منتج للغاز الطبيعي، سواء الخام أو المسال، تلقت ضربة موجعة بتوقيع اتفاق استيراد الغاز الإسرائيلي، معربا عن أسفه لأن نظام العسكر يمارس الخداع ويبيع الوهم للمصريين لصالح الصهاينة.