مشروع قانون لتجريم الدروس الخصوصية.. حرب على “السناتر” أم طمع في الـ30 مليارًا؟!

أعلنت وزارة التربية والتعليم بحكومة الانقلاب، عن إعداد مشروع قانون جديد لتجريم الدروس الخصوصية، وسط شكوك كبرى في جدية الحكومة من جهة، وفي نجاح محاولتها لمواجهة مافيا الدروس الخصوصية من جهة أخرى، بينما تعكس الشواهد والمؤشرات أن نظام العسكر لا يستهدف مطلقًا مواجهة الدروس الخصوصية بقدر ما تطمع الحكومة في مشاركة المعلمين تورتة هذه الدروس التي تبلع- بحسب دراسات- ما بين 25 إلى 30 مليار جنيه سنويا، وبعض التقديرات تصل بها إلى ما هو أعلى من ذلك بكثير.

وبدأ العام الدراسي الجديد، 22 سبتمبر الماضي، وبلغ عدد الطلاب 21 مليون طالب، وعدد المدارس 53 ألف مدرسة. وكان الدكتور محمد عمر، نائب وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى لشئون المعلمين، قد قال إن الوزارة تعمل على إعداد مشروع قانون سيقدم لمجلس نواب العسكر، بعد موافقة مجلس الوزراء الانقلابي، بشأن تجريم الدروس الخصوصية ضمن آليات الوزارة للقضاء على تلك الظاهرة.

وأضاف عمر، في بيان رسمي له، أن مشروع القانون سينظم فرض عقوبات مالية كبيرة، والحبس لأصحاب المراكز غير المصرح لها من الوزارة، للتعامل مع الطلاب من سن ٦ سنوات إلى ١٨ سنة، والممارسين لمهنة التدريس بدون تصريح.

وأشار إلى أن المشروع سيتضمن العديد من المواد لتغليظ عقوبة التعدي على المنشآت التعليمية والمعلمين أثناء تأدية مهام عملهم، والتي قد تصل إلى السجن لمدد متفاوتة.

ونوه إلى تعديل مادة بقانون التعليم الحالى، لوضع مادة جديدة من شأنها رفع سقف العقوبات المنظمة للتعامل بين الطلاب والمعلمين، والتى ستصل للفصل فورًا فى حالة ثبوت المخالفة، التى لا تليق بالمؤسسة التعليمية.

وأوضح أن الوزارة ستضع للمرة الأولى مادة خاصة لإثابة المعلمين والطلاب المتميزين، نظير أداء أفضل ونشر ثقافة الأخلاق والقيم الحميدة داخل المجتمع.

حرب الـ30 مليارًا

وكان الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة العامة والمحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية، قد أكد في دراسة له، أن هناك «عصابات ومافيا للدروس الخصوصية» منتشرة في 27 محافظة، استغلت الموقف السلبي من الإدارات التعليمية المنتشرة في المحافظات. مشيرا إلى أن هذه المافيا تستنزف من جيوب المصريين ما يقرب من 26 مليار جنيه سنويًا، في ظل أن متوسط رواتب المواطنين تصل إلى 2000 جنيه فقط، حيث يوجد ما لا يقل عن 6800 مركز للدروس الخصوصية في 27 محافظة، ويصل متوسط دخل عدد كبير من هذه المراكز إلى 30 مليون جنيه سنويًا على الأقل.

وخلال السنوات الماضية، فقدت المدرسة دورها وتحولت السناتر إلى بديل للمدارس في ظل عدم انتظام العملية التعليمية، ونقلت صحيفة “المصري اليوم” عن مصادر مطلعة بالوزارة أن «نسبة حضور طلاب الثانوية العامة بالقرى لا تتعدى 25% من عدد الطلاب، فى حين تنخفض فى المراكز والمحافظات الرئيسية مثل مدارس محافظة الإسكندرية التى تصل فيها نسبة الحضور إلى 10%، بينما تصل النسبة إلى 5% بعدد من مدارس الجيزة، وتصل إلى صفر% فى عدد كبير من مدارس القاهرة، وبلغت نسبة حضور الطلاب بامتحانات البوكليت التجريبية أقل من 30%.».

وكشفت دراسة حديثة، عن أن 42.1% من إنفاق الأسرة فى مصر يذهب إلى الدروس الخصوصية، وبعد 30 يونيو أصبحت مراكز الدروس الخصوصية تمثل تعليما موازيا للمدارس الحكومية، فى ظل تردى الخدمة المقدمة للطالب فى المدارس، كما أن الأسر باتت تنفق مليارات الجنيهات مقابل الحصول على الخدمة التعليمية المميزة من السناتر.

لكن تقديرات الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى بحكومة العسكر، تصل بحجم بيزنس السناتر والدروس الخصوصية من 20 إلى 30 مليار جنيه سنويا، وأن بعض المعلمين يذهبون إلى مراكز الدروس الخصوصية من 8 صباحا حتى الثانية عشرة مساءً.

نصيب من التورتة

حكومة العسكر من جانبها لا ترى بأسًا بهذه الظاهرة المتفاقمة التي تأكل رواتب وأجور المواطنين ومدخراتهم، وكل ما يعنيها هو الحصول على قدر من هذه التورتة المقدرة بحوالي 30 مليار جنيه. ويؤكد هذه التوجهات رد الجنرال عبد الفتاح السيسي، خلال مشاركته باحتفالية عيد المعلم في الثامن من  سبتمبر 2014، والتي اعتبرها محللون بمثابة “ضوء أخضر” بعدم معارضة ظاهرة السناتر والدروس الخصوصية؛ دون خوف من الملاحقة القانونية.

حيث رد السيسي على سؤال أحد الصحفيين عن كيفية مواجهة الدروس الخصوصية التي تتكلف نحو 30 مليار جنيه خلال العام الواحد، بأنه ليس مع فكرة الدروس الخصوصية، ولكنه «لا يستطيع أن يلوم المعلم “اللي مش لاقي ياكل ومش معاه فلوس للمواصلات وبيروح الشغل بالشبشب من فقره” نتيجة تدني الأجور، خاصة وأننا نمر بظروف اقتصادية صعبة لا نستطيع بسببها إعطاء المعلم حقه الذي يليق بسمو مهنته».

هذا الرد يكشف افتقار الجنرال لأي تصور أو رؤية لحل أزمة السناتر والدروس الخصوصية وحل أزمة التعليم عموما؛ لأنه رد يمكن لأي مواطن في الشارع أن يردده وليس من يفترض أنه رئيس للدولة يتعين عليه خلق الحلول للأزمات الخطيرة كالتعليم والصحة وغيرها.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن 5 وزارات بحكومة الانقلاب دعمت مافيا الدروس الخصوصية والسناتر، وهي الكهرباء والمالية والتنمية المحلية والاتصالات والإسكان؛ وذلك بإصدار تراخيص لهذه السناتر من جهة، والسعي للحصول على جزء من تورتة هذا البيزنس الضخم، بحسب تقرير لليوم السابع في 28 سبتمبر 2015م.