مؤيدون للمقاومة.. “بن سلمان” يعتقل عشرات الفلسطينيين لأجل إسرائيل

كتبه سيد توكل

دفاع رئيس وزراء العدو الصهيوني، بنيامين نتنياهو، عن استقرار بلاد الحرمين لم يأت من فراغ ولن يذهب سدى، ويعيد إلى الأذهان ما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية على لسان الكاتبة “تسفيا غرينفيلد”، من أن “محمد بن سلمان هو الزعيم الذي كانت تنتظره إسرائيل منذ خمسين عامًا، وعزله يعتبر مدمرًا بالنسبة لإسرائيل”.

وسيظل التاريخ في حالة صدمة ودهشة معًا، عندما بدأ نتنياهو، في نوفمبر 2018، دفاعه عن “بلاد الحرمين”، تعقيبًا على مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، كمن انتظر طويلا من يقوم بمهمة الذبّ عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي تُصوّب إليه الاتهامات من كل جانب، دون أن يجد، فقرر أن يُلقي بثقله من خلفه.

واليوم يكشف الأكاديمي السعودي المقيم في الخارج، سعيد بن ناصر الغامدي، عن شن سلطات بلاده حملة اعتقالات واسعة ضد مقيمين فلسطينيين، وقال الغامدي في تغريدة عبر “تويتر”، رصدتها (الحرية والعدالة): “في المملكة، حملة اعتقالات جديدة وواسعة لأعداد من الفلسطينيين، ومنع سفر آخرين منهم، وتجميد حساباتهم، ومصادرة مؤسساتهم”.

وبحسب الغامدي، فإن “التهمة هي التعاطف مع المقاومة في فلسطين، واهتمامهم بالقدس وغزة، وتأييد حماس”، ولفت الغامدي إلى أن “الاعتقالات تطول مواطنين كان الفلسطينيون على كفالتهم، أو يعملون في مؤسساتهم”، وكانت رئاسة أمن الدولة أعلنت، في مطلع مارس، عن اعتقال 50 شخصا على قضايا أمنية، بينهم 30 مواطنا، وستة فلسطينيين، وثلاثة أردنيين، ولم يصدر عن الجانب الأردني والفلسطيني أي رد على إعلان السعودية اعتقال مجموعة من مواطنيهم.

سعيد بن ناصر الغامدي@SAEED_NASSER

في #المملكة حملة اعتقالات جديدة وواسعة لأعداد من الفلسطينيين.
ومنع سفر آخرين منهم،وتجميد حساباتهم ومصادرة مؤسساتهم.
التهمة:
التعاطف مع المقاومة في #فلسطين واهتمامهم بـ #القدس و #غزة وتأييد #حماس
والاعتقالات تطال مواطنين كان الفلسطينيون على كفالتهم أو يعملون في مؤسساتهم.١٬٥٩٧١٠:١٠ م – ١٦ أبريل ٢٠١٩المعلومات والخصوصية لإعلانات تويتر١٬١٥٦ من الأشخاص يتحدثون عن ذلك

نتنياهو وبلاد الحرمين!

وبعد شهر من مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، لم يجد نتنياهو بُدا من أن يُندد بالجريمة، مع التشديد على أن تبقى السعودية مستقرة، وقال نتنياهو إن مقتل خاشقجي “أمر مروع”، مستدركا “لكن في الوقت نفسه أقول إن من المهم جدا لاستقرار العالم، المنطقة والعالم، أن تظل السعودية مستقرة”.

حديث نتنياهو الذي أكد أن علاقات إسرائيل مع الحكام العرب تقفز للحميمية، استكمله وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، قائلا إن “الخطر النابع من وجود إيران مسلحة نوويا يفوق في أهميته مقتل خاشقجي، وإن دولا عربية- منها السعودية- هي حلفاؤنا في السنوات الأخيرة أمام التوسع الإيراني وأمام الخطر النووي الإيراني”.

وتزامن ذلك مع ما نشرته صحيفة واشنطن بوست من أن نتنياهو والسفيه السيسي، تواصلا مع الإدارة الأمريكية للدفاع عن محمد بن سلمان بعدما تفجرت قضية مقتل خاشقجي، ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن السفيه السيسي ونتنياهو قاما بإجراء اتصالات بمسئولين رفيعين في إدارة الرئيس دونالد ترامب، للإعراب عن دعمهما لولي العهد السعودي الذي وصفه نتنياهو بأنه “حليف استراتيجي”.

وفي سياق التصهين، فُتحت قصور الرياض لوفد من رموز المسيحية الإنجيلية الأمريكية، الداعمين المعروفين للرئيس دونالد ترامب، قادمين لتوّهم من أبو ظبي حيث ولي عهدها محمد بن زايد الصامت الأكبر، وكان على رأس الوفد الكاتب والناشط الإنجيلي جويل روزنبرغ، وهو مدافع شهير عن إسرائيل، وفق تعبير صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.

وضم الوفد أيضا مايك إيفانز، مؤسس جماعة “جيروزالم براير تيم” أو “فريق الصلاة في القدس”، والذي يُعرّف نفسه بأنه زعيم صهيوني أمريكي ورع، ويعيدنا دفاع نتنياهو عن استقرار بلاد الحرمين إلى ما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية على لسان الكاتبة تسفيا غرينفيلد قبل أيام، من أن “محمد بن سلمان هو الزعيم الذي كانت تنتظره إسرائيل منذ خمسين عاما، وعزله يعتبر مدمرا بالنسبة لإسرائيل”.

إنها السعودية!

ويرى الباحث المتخصص في الشئون الإسرائيلية، صالح النعامي، أن مجابهة القضية الفلسطينية مجال للشراكة بين بن سلمان ونتنياهو، وذلك في أمرين: الأول، عبر تقليص تطلعات الفلسطينيين كما يوحي بذلك دفاع ولي العهد السعودي عن “حق إسرائيل في أن تكون لها دولة يهودية”، والتقليل من الدور السياسي للسلطة الفلسطينية.

والثاني هو “شيطنة” المقاومة الفلسطينية، بقول “بن سلمان”: إن حركة حماس تمثل تهديدًا للأمن القومي السعودي، رغم عدم مهاجمة حماس قط للرياض، ومنذ صعوده مع تنصيب والده ملكًا مطلع عام 2015، والأمير محمد بن سلمان يحاول جاهدا تسريع وتيرة ذلك الصعود نحو العرش عن طريق كسب الرضا الأمريكي بصفقات بلغت مئات المليارات من الدولارات من جهة، ومحاولة التقارب مع إسرائيل عبر الاعتراف بيهوديتها وتجريم المقاومة الفلسطينية، فيما يعتبره محللون انقلابًا على أدبيات الدولة السعودية.

والأخطر من كل ذلك، لقاء “بن سلمان” خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، أواخر أبريل 2018، بعدد من مسئولي اللوبي اليهودي الأمريكي، وحديثه آنذاك عن أن الإسرائيليين لهم الحق في العيش بسلام على أرضهم، مضيفا أن “على الفلسطينيين أن يفاوضوا أو يصمتوا ويكفوا عن التذمّر”، مؤكدا أن القضية الفلسطينية لا تقف على رأس أولويات الحكومة أو الرأي العام السعودي.

حديث “بن سلمان” أصاب الإسرائيليين أنفسهم بالصدمة، وهو ما أكد عليه معلق الشئون السياسية في القناة العاشرة الإسرائيلية باراك رابيد، من أن هذه الدولة “ليست أي دولة عربية.. إنها السعودية”، في إشارة واضحة الدلالة على حجم التحول الجذري في المواقف السعودية تماهيا مع الرؤية الإسرائيلية، وفي زمن التراجع العربي وانتصار الثورات المضادة، صار رئيس وزراء العدو الصهيوني هو من يدافع عن “بلاد الحرمين الشريفين” وخادمهما المرتقب.