لهذه الأسباب.. تحولت عاصمة السيسي الإدارية إلى مدينة أشباح

جاءت الدراسة الحديثة التي أعدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، عن مدن قائد الانقلاب الجديدة وعلى رأسها ما تسمى بالعاصمة الإدارية الجديدة، صادمة لأركان النظام العسكري؛ حيث حذرت الدراسة من أن السوق العقاري المصري وسياسة المدن الجديدة التي يتبناها النظام سوف تفضي إلى “مدن أشباح” بلا جدوى أو فائدة أو إسهام اقتصادي.

وتوضح أن الوصول لهذه النتيجة يأتي بسبب عدة توجهات أبرزها: ارتفاع الأسعار بشكل كبير، نتيجة للزيادة غير المنطقية في بناء المنازل، والتي تخطت معدل الزيادة في الطلب سواء بالنسبة للعقارات السكنية أو الإدارية.

ونبهت الدراسة إلى أن النظام في مصر يمضي على خطى تجربة الصين بعد الأزمة المالية عام 2008، عندما تصورت الحكومة الصينية، أن أفضل الطرق لزيادة الطلب المحلي هو إقامة سوق عقاري قوي؛ ورصدت ما يقرب من 4 تريليونات يوان بعد الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، ما زاد من المعروض النقدي في السوق الصينية وارتفعت أسعار العقارات، ما أدى إلى إقبال المستثمرين على ضخ أموال في السوق العقاري معتقدين أن كل الوحدات بمختلف أنواعها سيتم بيعها، لكن نسب الإشغال في هذه المدن الجديدة الصينية وصل إلى 2% ويحتاج 25 عامًا من التنمية ما أدي لظهور ما يعرف بـ”مدن الأشباح”.

ركود في الطريق

وحذرت الدراسة من خلق فقاعة عقارية على خلفية ارتفاع أسعار العقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية في السوق بشكل مستمر، بجانب تعثر المتعاملين ما يؤدي لتراجع كبير في معدلات الإقبال والشراء يؤدي لمرحلة الركود أو الهبوط.

لكن الدراسة قالت إن السوق المصري لديه بعض المميزات التي تختلف عن الدول الأخرى التي انهار فيها السوق العقاري مثل الصين واليايان والولايات المتحدة وأسبانيا؛ لأن النظام المالي بمصر يعتمد على النقد وليس الائتمان، ولا يوجد سوق للأسهم العقارية.

وحول الركود وزيادة أسعار العقارات، قال الصحفي والباحث المتخصص بالشأن الاقتصادي محمد نصر الحويطي: “سوق العقار بمصر يواجه ركودا عنيفا، ورغم ذلك الدولة تروج لأبراج مثل دبي، بأسعار تتجاوز 4 ملايين جنيه للشقة الصغيرة، وهي تعي أن المجتمع أصبح فقراء جدا وأغنياء جدا، لكن لن نتعجب من ذلك؛ لأن أحد المطورين قالها صريحة (نحن نستهدف الأغنياء فقط)”.

الحويطي، أشار في تصريحات صحفية إلى أنه حتى الأغنياء المستهدفين “تشبعوا من شراء العقارات، فهم المشترون بالعاصمة الإدارية، والمستهدفون بأبراج العلميين، ومعظمهم المستهدفون من القطاع الخاص”.

ويضيف المطور العقاري خالد صفاوي أن العاصمة الإدارية تشهد حالة ركود ملموسة، وأزمات متعددة سواء على مستوي الوحدات السكنية أو المشروعات التجارية، والتي كان آخرها انسحاب شركة CFLD الصينية التي كان من المفترض أن تتولى إنشاء مدينة تجارية صينية داخل العاصمة، وفقا لإعلان أحمد زكي عابدين رئيس الشركة المسؤولة عن إدارة العاصمة الإدارية قبل يومين، وقبلها انسحاب شركة “نوفاذ ستانزا” التي قامت بالفعل برد الأراضي التي حصلت عليها لعدم وجود جدوى اقتصادية من المشروع.

ويشير صفاوي أن مشروع “سكن مصر” بالعاصمة الإدارية الذي تتولي وزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة تنفيذه، شهد عزوفا من الحاجزين نتيجة الارتفاع الجنوني في أسعار الشقق، ما جعل المواطنين يفضلون التملك في المدن القائمة وخاصة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة التي تقل أسعارها بنحو 30% عن العقارات بالعاصمة الإدارية، ولذلك لجأت الحكومة المصرية لإجراءات صدامية مع الشركات العقارية العاملة في هذه المدن لإفساح المجال للعاصمة المهجورة.

ومن أسباب عزوف المستثمرين ورجال الأعمال والمواطنين عن شراء شقق بعاصمة السيسي الجديدة، أن الهيئة الهندسية للجيش تطرح أسعارا خيالية تفوق الغالبية الساحقة من المصريين، حيث يبدأ من 11 ألف جنيه (620 دولارا)، بما يعني أن الشقة التي تبلغ مساحتها 120 مترا يصل سعرها إلى مليون و320 ألف جنيه (74 ألف دولار)، بينما سعر المتر في التجمع الخامس الذي يتمتع بنفس امكانيات العاصمة الإدارية يبدأ من 7 آلاف جنيه (400 دولار) بما يعني أن الشقة 120 مترا يصل سعرها إلى 560 ألف جنيه (47 ألف دولار).

إنقاذ العاصمة الجديدة

وفي محاولة لإنقاذ ما تسمى بالعاصمة الإدارية الجديدة، صادرت عصابات الانقلاب أموال ما يقرب من 18 شركة استثمار عقاري ضمن القائمة الأخيرة التي أعلنتها لجنة نهب واغتصاب أموال الإخوان المسلمين ومعارضي نظام السيسي، وكلها شركات تعمل بمدن القاهرة الجديدة والرحاب والشروق، وذلك بهدف إفساح المجال لترويج المشروعات العقارية الراكدة بالعاصمة الإدارية.

واقتحمت قوات الأمن مقار هذه الشركات يوم الخميس 23 من أغسطس الماضي أثناء عطلة عيد الأضحى، وقامت بمصادرة الأوراق والمستندات التي كانت موجودة بها.

وينقل موقع “عربي 21” عن أحد رؤساء هذه الشركات المصادرة قوله إنه علم من مصادر رسمية أن قرارات التحفظ ومصادرة شركاتهم، جاءت لإنقاذ الوضع بالعاصمة الإدارية، التي تشهد عزوفا في حجز الوحدات السكنية التي أعلنت عنها الحكومة أكثر من مرة.

ولم تكتف عصابات الانقلاب بذلك، بل أبلغت شركات شركات الأسمنت والحديد التي كانت تتعامل معهم، بأن العقود التي كانت مبرمة معهم تم تحويلها لصالح العاصمة الإدارية، وأمروهم بنقل شحنات الحديد والأسمنت التي تم الاتفاق عليها ودفع ثمنها للمشروعات التي تنفذها وزارة الإسكان والهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالعاصمة الإدارية.

ويعلق المطور العقاري خالد صفاوي على ذلك أن الحكومة بدلا من أن تقوم بتخفيض أسعار الوحدات السكنية سواء التي تنفذها الحكومة في مشروعات “سكن مصر، ودار مصر وغيرهما” أو الوحدات التي تنفذها الشركات الخاصة، قامت بمحاربة الشركات المنافسة لها في المناطق المحيطة بالعاصمة الإدارية، مشيرا إلى أن الأسلوب الذي جرى مع شركات الإخوان التي تم التحفظ عليها ومصادرة أموالها، اتبعته المخابرات مع شركات أخري بالتجمع الخامس، لإفساح الطريق للشركات التابعة للأجهزة السيادية مثل النيل والوطنية وجهاز الخدمة العامة.