لأ.. من دا بكره.. بقرشين!!

استفزنى الزميل العزيز عبدالناصر سلامة، بمقاله أمس فى «المصرى اليوم» بعنوانه «من دا بكره بجنيه!» ويحكى فيه كيف كان الجزارون ينظمون المواكب – قبيل عيد الأضحى – للدعاية لما يقدمونه من لحوم.. والكيلو بجنيه.

ذلك أننى عشت – هذه المواكب – ليس فى القرى، بل وفى المدن الكبرى، وفى دمياط بالذات.. وكان هتافهم: من دا بكره.. بقرشين.. وليس بجنيه.. والسبب – يا عم عبدالناصر – هو فارق العمر.. وفارق آخر هو أنه عاش عصر الكيلو جرام.. وأنا عشت عصر «الأقة» والأقة حوالى كيلو وربع كيلو جرام.. وكل ذلك كان بقرشين!!

فقد كان تجار المواشى والجزارون يجمعون أفضل ما عندهم من أبقار وجاموس ويقومون بتزيينها بالورود والسعف.. يتقدمها فرق الموسيقى النحاسية «عم حسب الله.. أو فرقة الفناجيلى أحفاد فرقة الموسيقى الخديوية الشهيرة» بعد أن قامت قوات الاحتلال البريطانى بحلها وتسريحها.. وتطوف هذه المواكب بكل شوارع دمياط.. ونخرج – نحن الصبية – وراءها دون الخامسة وحتى بعد العاشرة من أعمارنا.. نهتف وراء المعلمين هذا الهتاف الذى أصبح جزءاً من التاريخ الغذائى للمصريين. كان كل ذلك بعد أن يعاين المتفرجون – على الجانبين – أنواع البقر والجاموس ويتأكدوا أنها ليست عجوزة.. أو مريضة.. بل هى فى تمام الصحة والعافية.. وبعد أن تتم المعاينة ويفتح كل جزار فم حيواناته ليتأكد المشاهدون مما يقول، ولا يدعى.. كان ينطلق بهذا الهتاف التاريخى.. وهو عصر لم نكن نعرف فيه اللحوم المستوردة حية أو مجمدة.. من الهند أو إثيوبيا.. أو أمريكا الجنوبية.. بينما كان ثمن كل الخروف حياً أيامها يباع بثلاثة جنيهات لا غير.

21192928_1445439258858130_5228281798608444638_n

وكان هذا العرض أشبه بمظاهرة بين تجار اللحوم والجزارين.. ومن حق أى شخص أن يعاين.. ليتأكد. أما الآن فمن يجرؤ على لمس قطعة اللحم التى يقدمها له الجزار، وكان كل ذلك يجرى يوم وقفة عرفات.. وقبلها بيوم.. ليتسنى لكل واحد أن يعاين.. ويختار.. ثم يذهب للشراء. أما حلويات اللحوم – كما نطلق عليها اليوم لتسقيعها – فكانت تباع بملاليم.. ومن الطشت مباشرة.. الفشة كاملة والطحال كاملاً.. وكذلك الكلاوى.. ولحمة الرأس.. والكوارع.. واللية.. أما الكبدة فكان الجزار يغرى المشترى بتقديم قطعة محترمة منها.. مجاناً.. على البيعة!! الآن العضم.. صار له ثمن لتعمل عليه الأم شوية شوربة «تفت» فيها للعيال.. أو تدفع الغالى من أجل كيلو.. كرشة!! لتعملها بالطماطم والحمص.. لزوم الغموس!!

■ وأتذكر عندما جئت للقاهرة للدراسة بجامعتها أن كنت أشترى رطل اللحمة – أى حوالى نصف كيلو – وأدفع فقط تسعة قروش.. وأطلب ماسورة مجاناً من الجزار أعمل عليها فتة!! ومن أين، من حى الدقى حين كنت فيه أيامها!! أو من المنيل بعد ذلك، وليس من الأحياء الشعبية.. الأرخص!!

■ وأيامها كان الجزار يقدم مع هذا الرطل قطعة محترمة من اللية.. أو الدهن لتحسين طعم حلة الكوسة.. أو حلة الكوسة والبطاطس.. أو حلة السبانخ!! وكنا وقتها نهوى الدهن الذى كان يساعدنا على الذهاب للجامعة.. مشياً على الأقدام.

■ ولمن لا يعلم كنت أدفع قرشاً واحدا لشراء شوربة خضار من بطاطس وكوسة وبصل وطماطم وكرفس.. وليمونة.. أو نفس القرش لشراء سلطة من طماطم وفلفل وخيار وخس وجزر.. وليمونة.

أما حكاية سيد بيه يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه فكان بداية ثورات غضب شعبية من ارتفاع الأسعار.. وكان رسالة من الشعب إلى الرئيس السادات ليس لأن سيد بك مرعى كان صهراً للرئيس فقط.. بل لأنه كان يرأس مجلس الشعب.. أى نواب الأمة.

ومنك لله يا عم عبدالناصر يا سلامة.. فكرتنا بما مضى.. وحركت المواجع وأعدتنا 75 عاماً إلى الوراء عندما كانت «أقة أفضل اللحم غير المستورد» بقرشين صاغ.. منك لله وخد من قلبى.. وصر!!

21191879_1445377175531005_4527761749259976166_n

اسعار اللحوم في عهد العسكر2017

 

البلدي 150 – 180

البلدي فرز ثاني 110 – 130

السوداني 85 – 95

البرازيلي مجمدة  65

لحوم الحمير والفاسدة مخلوطة مع الفرز الثاني والسوداني والبرازيلي بالمجمعات الاستهالاكية والمنافذ

لحوم الجيش لاغبار عليها طبعا لانها مجمدة ولا يوجد متابعة صحية او تموين (ميصحش كده )

 

21077534_1506871949335225_2863581237521970052_n