“كرتونة” جماعة الاخوان و”كرتونة ” جماعة السيسى


الفوز بالزيت والسكر
كان خصوم الاخوان يسخرون منهم، بحجة أنهم يفوزون في الانتخابات بالزيت والسكر، ومن خلال شراء الناخبين واستغلال فقرهم ببعض السلع الغذائية، وراجت الدعاية حتى باتت من المعلوم بأداء الاخوان بالضرورة، وبرواجها لم يعد الاخوان أنفسهم ينكرون ذلك، في حين أنه لا دليل عليه، ثم إذا بمن يعايرهم يقوم بتقليدهم، ويتوسع في هذا لتصبح صورة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، هى هذه “الكرتونة” التي توزع على من جرى جلبهم لتشكيل زحام مصطنع أمام اللجان، ولإثبات التدافع الجماهيري، لكن سياسة “كرتونة” لكل ناخب، صبغت الموضوع كله بها، فصار “مولد” أو زفة الكراتين”، فتم إغراق السيوشيال ميديا بهذا المشهد الباعث على السخرية، والدافع للشعور بالمهانة والابتذال!
هل شاهد أحد منكم “كراتين الاخوان”؟!
لقد عشت حياتي في الصعيد، وعندما انتقلت للقاهرة لم أفقد علاقتي بمسقط رأسي، ولم أر الاخوان يوزعون هناك السلع الغذائية على الناس، ولم أسمع بذلك، وفي محيطي بالقاهرة لم أر القوم يوزعون “كراتينهم”، ولم أسمع بها، وقد شاركت في خمس استحقاقات انتخابية بعد الثورة، ولم أر “كرتونة” واحدة بالقرب من اللجان، أو في البعد منها، واكتشفت أننا نتعامل مع “كراتين الاخوان” على أنها من المسلمات، فسألت أهل الذكر لكي أعرف حقيقتها!

توجد داخل جماعة الإخوان، لجنة اسمها لجنة البر، يرأسها الشيخ عبد الرحمن البر (فك الله أسره) وهى لجنة تقوم على توزيع السلع الغذائية على قوائم معدة من الفقراء، فيقومون بتوزيع هذه السلع على الناس بمناسبة شهر رمضان، أو أي مناسبة أخرى، وليس بمناسبة الانتخابات!

وهذه المعونات في جانب منها مقدم من موسرين ليسوا من الإخوان، ربما يريدون إبراء ذمتهم، فقد يدفعون لمن لا يستحق، فيكون الخيار المريح بالنسبة لهم هو أن يدفعوا للاخوان لأنهم يعرفون مصارف الزكاة والصدقات، ويعرفون مستحقيها، وفي النهاية هم يتحملون المسؤولية أمام الله عز وجل!

ثم إن هذه “الكراتين” لا توزع في العلن، ولكنها قد تصل للناس ليلا رفعاً للحرج، وقد يكون البديل هو “كوبون” مدفوع الثمن مقدما، يتم استلام به السلع المطلوبة من “محل بعينه”، فلأن القوم خبرة، فلا ابتذال هنا ولا اراقة لماء الحياء، وهناك لوم يقع على الإخوان بأنهم لم يكونوا يتخيرون من يستحقون صدقاتهم، لأن كثيرين منهم لم يكونوا يذهبون للتصويت لهم، ومنهم من كان بعد الانقلاب يتعرف على الاخواني، وتثبت لديه الصفة، بأنهم من كانوا يقدمون لهم المعونات، والتي تتجاوز السلع الغذائية، إلى المساعدات العينية والخدمات الطبية، فوشوا بهم!

ومهما يكن، فالذين يتحدثون عن زيت الاخوان ودقيقهم، لم يروه، فلم يجهر الاخوان بالأمر، لكن جماعة السيسي هم جهروا، حتى صار الأمر مبتذلاً، وأصبح هذا هو عنوان الاستفتاء الأبرز، بجانب حشود الرقص مقابل “كرتونة”، فصرنا أمام رشاوى انتخابية يجرمها القانون، بل ويدينها الخُلق القويم، لتنتقل بالحكم إلى منحدر المسخرة و”قلة القيمة”!

لقد قام حزب الأجهزة الأمنية “مستقبل وطن” بتوزيع “كراتينه” باسم عبد الفتاح السيسي؛ إذ كتبت عليها هذه العبارة: “مبادرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.. حياة كريمة لشعب عظيم”، ولا نعرف بالتالي ما اذا كانت المبادرة هى في حياة كريمة لشعب عظيم، أم أن “كرتونة لكل صوت انتخابي” هى “مبادرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي”!

لقد أعلن المستشار القانوني لعبد الفتاح السيسي المحامي “محمد أبو شقة”، أنه سيقاضي حزب “مستقبل وطن” لاهانته للسيسي، فهل تصرف الحزب من تلقاء نفسه؟، وهل يمكنه أن يتصرف على هذا النحو بدون توجيه أمني إن لم يكن توجيها رئاسياً؟، فربما كان أولوا الأمر من هذا الحزب لم ينتبهوا لهذه الدعاية بالغة الإساءة، ضمن جملة المساخر في هذا اليوم، فكان الإعلان عن تقديم بلاغ في الحزب، وهل يحتاج السيسي إلى تقديم البلاغ وكأننا في دولة القانون؟!

بدوره أعلن الحزب أن من يسيئون إليه هم الاخوان، وأنه سيقاضيهم، دون أن يذكر نوعية الإساءة التي لحقت بشرف الحزب، ولحقت بدوره في “العملية السياسية”!
المقطوع به أن عبد الفتاح السيسي لن يتخذ إجراء حقيقيا ضد الحزب المذكور، لأن ما جرى متفق عليه، فقد رأى الحكم القائم وأنصاره أن يستدعوا تجربة الإخوان في الحشد، فلم يأخذوا منها سوى العنوان الرائج بأن الناس كانت تصوت لهم وثمن الصوت هو “كرتونة” السلع الغذائية، فابتذلوا المشهد، وجعلوه مسخرة مكتملة الأركان.

إنه التقليد الأعمى! 
( منقول : الكاتب الصحفى سليم عزوز )