في ظل الانقلاب أباطرة المخدرات يتاجرون بنصف ميزانية مصر

في ظل انشغال قوات أمن الانقلاب بقمع المعارضين لسياسات العسكر وانغماس الجيش المصري في أزمات البلاد الاقتصادية التي لا تنتهي، استغل أباطرة المخدرات الفراغ الأمني ليضاعفوا حجم أعمالهم لتصبح حجم تجارتهم غير المشروعة أكثر من نصف حجم ميزانية البلاد.

 

مركز بصيرة الحقوقي كشف، الجمعة، عن تقرير صادر عن صندوق مكافحة الإدمان ووزارة المالية،التابعة لحكومة الانقلاب، يتحدث عن حجم تجارة المخدرات في مصر، وأكد أنها بلغت نحو 400 مليار جنيه في عام 2015، بما يعادل 51% من حجم الموازنة العامة للدولة، وضعف أرقام عجز الموازنة.

 

وقالت مديرة العمليات بمركز بصيرة حنان جرجس، في حديث تلفزيوني إن “نسب تعاطي المصريين للمخدرات بلغت 10.4 في المائة، وهو ضعف المعدلات العالمية المرصودة، فيما وصلت نسب الشباب من المتعاطين إلى 28 في المائة”.

 

تفاوت كبير في الأرقام

الأرقام السابقة كانت تشير إلى أن حجم تجارة المخدرات في مصر بلغ 18 مليار جنيه عام 2011، وإلى 23 مليار جنيه في عام 2012، ما يعني أن الرقم تضاعف بشكل كبير في ظل تراجع القبضة الأمنية على تجار المخدرات ومعتادي الإجرام وتركيز الجهود الأمنية في اعتقال ومطاردة وتصفية المعارضين منذ الانقلاب العسكري على محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب منتصف 2013.

 

أرقام كارثية

وزارة الصحة المصرية، كانت أكدت أن هناك “3 ملايين مصري مدمن للمخدّرات بكافة أشكال التعاطي في 2015″، كما أصدر صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، في نيسان/ أبريل الماضي، نسب تعاطي المخدرات بمصر وأكد أنها وصلت إلى 2.4 في المائة من السكان.

 

وأوضح تقرير الصندوق أن 80 في المائة من الجرائم غير المبررة تقع تحت تأثير تعاطي المخدرات مثل جرائم الاغتصاب ومحاولة الأبناء التعدي على آبائهم، وأن نسبة التعاطي تزيد بين فئة السائقين 24 في المائة، والحرفيين بنسبة 19 في المائة، وتتصدر محافظة القاهرة قوائم المحافظات في عدد المدمنين بنسبة 33 في المائة، تليها محافظات الصعيد.

 

حجم التجارة في 2011

وكان الإعلامي الانقلابي مجدي الجلاد قد قدم تحقيقا حول تجارة المخدرات وتعاطيها، في حلقة من برنامج “لازم نفهم” عبر قناة “cbc”، أيلول/ سبتمبر 2011، وأكد أن حجم هذه التجارة بلغ 18 مليار جنيه أي ما يعادل 79 في المائة من دخل قناة السويس، و41 في المائة من الاستثمار، و82 في المائة من حجم حوالات المصريين بالخارج.

 

حجم التجارة في 2012

كما شهد “برلمان الثورة” في 6 آذار/مارس 2012، تحذيرا من النائبة مارجريت عازر والنائب فتحي عبده من انتشار ظاهرة تجارة المخدرات والحبوب المخدرة، كما وجها اللوم إلى وزير الداخلية وقتها محمد إبراهيم، وأكد النائبان أن حجم تلك التجارة غير المشروعة وصل إلى 23 مليار جنيه.

 

الحديث عن تورط الأمن

وفي تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” في أيلول/ سبتمبر 2013، تحدث عن أن العلاقة التي تربط بين كبار مهربي الحشيش وقيادات الأمن المركزي هي التي أطاحت في نهاية المطاف بالرئيس محمد مرسي بعد أن بدأ يضع يده على مكامن الأزمة في سيناء.

 

وأكد تقرير المجلة الأمريكية أن ما يشهده شبه جزيرة سيناء من توتر وعنف ليس له علاقة بالحرب على الإرهاب ولا بتذمر عشائر البدو هناك، بل بمصالح قادة قوات الأمن المركزي في حماية وحراسة طرق وممرات تهريب المخدرات.

 

وذكر التقرير أن قوات الأمن المركزي في سيناء تدر عشرات الملايين من الدولارات كأرباح “سرية” من بيع المخدرات والسلاح، حيث تتقاسم نسبة مئوية منها مع حلفائها في الجيش المصري.

 

لماذا تعد كارثة؟

ومع ارتفاع أرقام تلك التجارة غير المشروعة تزداد المخاوف من تلك الكارثة المجتمعية التي تؤثر على مستقبل شباب مصر بعد وصول تجارة المخدرات إلى الجامعات والمدارس وانتشار مخدر “ترامادول”، وتوجه الكثير من الشباب العاطل نحو هذه التجارة وسط انتشار أعمال البلطجة والسرقة في البلاد.

 

إلى جانب أن تلك التجارة تلتهم نسبا كبيرة من الناتج المحلي، ويستوجب جلبها من الخارج استنزاف العملة الصعبة التي تعاني مصر من أزمة شديدة في توفيرها للسلع الأساسية، ناهيك عن ارتفاع قيمتها لنسب قياسية في الأشهر الأخيرة وبخاصة الدولار مقابل الجنيه.

 

مصر في المقدمة

وتصدّرت مصر البلدان العربية من حيث نسبة تعاطي مخدّر الحشيش بـ 6.2 في المائة من سكّان مصر، وتليها الجزائر بنسبة5.7 في المائة، والإمارات بنسبة 5.4 في المائة، والمغرب بـ 4.2 في المائة، بحسب تقرير للوكالة الدولية لمكافحة المخدرات والجريمة التابعة للأمم المتحدة.

 

كما تأتي مصر في المركز الثاني إفريقيا في تجارة وزراعة المخدرات وتحسب في مصاف الدول المكتفية ذاتيا.