في اليوم العالمي للمرأة.. تعرف علي مكانة المرأة في الإسلام، وكيف حافظ عليها ؟

يتبوأ الفرد في الشريعة الإسلامية بمكانة لم يحظ بها نظيره في أي شريعة وضعية أخرى، مهما بلغت دقة القوانين الموضوعة أو رفعتها، من حيث مسئولية الأسرة والمجتمع والدولة بل والأمة قاطبة في تنشئة هذا الفرد وإعداده إعداداً كافياً ليكون إنساناً كاملاً صالحاً للقيام بمهمة الخلافة على الأرض.

والمرأة كالرجل في الإسلام سواءً بسواء، بل ربما كان الاهتمام الأكبر بالمرأة باعتبار أنها الأم المستقبلية المسئولة عن إعداد أجيال متعاقبة تحمل إرث العمل والمسئولية في حمل رسالة الإسلام إلى العالمين، والعمل العام جزء من مهمة المسلم سواء كان رجلاً أو امرأة طالما أن هناك تميزاً وقدرة على أداء العمل، ولم يكن هذا شأن المرأة في عصر الرسالة فقط وإنما هكذا تم التعامل مع المرأة في عصور الإسلام المزدهرة على اعتبارها شقيقة للرجل مشاركة له في كل ما ينفع المجتمع، وتم ذلك دون الخروج عن كونها امرأة سترها الإسلام وحفظ لها شخصيتها الأنثوية فلا هي تخدش حياء المجتمع بالانطلاق المخل، فتكون عاملاً من عوامل الهدم، ولا هي مهدورة الحق فلا تحصل على أدنى مقومات الإنسانية!

العمل العام جزء من مهمة المسلم سواء كان رجلاً أو امرأة طالما أن هناك تميزاً وقدرة على أداء العمل

والمرأة المسلمة اليوم والتي استطاعت أن تثبت أنها لا تقل جسارة عن شقيقها الرجل فها هي في فلسطين وسوريا ومصر واليمن تتحمل المسئولية كاملة في عملية النضال الدائر في معركة الوجود، بل وتقدمت الرجل حين غيّب وطورد وهجِّر قسرا، فنجدها حملت مسئولية البيت ومشعل الثورة ورفعت راية التغيير الشامل، باذلة روحها لتكون شهيدة ومهاجرة وثابتة.

وأسوق بعض النصوص بمواقف هي غيض من فيض توضح أهمية دور المرأة في صدر الرسالة في وقت كانت تورث فيه النساء كالمتاع، ومع ذلك استطاع المجتمع الإسلامي الوليد أن يستوعب فكرة التكليف المتساوي بين الرجل والمرأة على السواء.

إن من أهم الأحداث التي أثرت في حياة الدعوة هو حدث بيعة العقبة الثانية والهجرة النبوية إلى المدينة المنورة، وكانت مشاركة المرأة المسلمة في هذين الحدثين واضحة ومحل تقدير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وقفت جنباً إلى جنب مع إخوانها المسلمين من الرجال حاملة هم الدعوة وهم نشأة دولة الإسلام.

فهذه السيدة “نسيبة بنت كعب” و “أسماء بنت عمرو” شاركتا المبايعين في بيعة العقبة الثانية كما يروي الصحابي “كعب بن مالك”، بايع النبي اثني عشر نقيباً والمرأتين غير أنه عليه الصلاة والسلام قال: “إني لا أصافح النساء”.

وكانت هذه البيعة تسمى بيعة الحرب وقد بايعت السيدة أم عمارة وصدقت في بيعتها، فكانت تشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسقي الجنود وتضمد الجرحى، وقد شوهدت يوم أحد وقد أصابها الكثير من الجروح الشديدة وهي تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أليس هذا ما نسميه اليوم “معاهدة على التعاون المشترك”.

والمرأة المسلمةُ قد بادرتْ مع الرّجلِ المسلمِ إلى الهجرةِ بالفعل، وحملتْ مع الرّجل المسلم نصيبَها من الخَطَر والأَلَمِ والمشقّة كما كانت أهلاً لتُؤتمن على سِرّ الهجرة حيثُ لم يَعلم بهذا السرّ إلا بضعةُ أشخاصٍ منهم عائشةُ وأسماء رضي الله عنهن.

أم المؤمنين عائشة نموذجاً
– ضربت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أروع الأمثلة في تعليم نساء الأمة كيف تكون زوجة القائد، كيف تعينه وتهيئ له الجو النفسي المناسب ليستطيع أن يقوم بمهامه العظيمة، وأي مهام أعظم مما يقوم بها نبي الإسلام فكانت أم المؤمنين خير معين على ذلك.
– عدم إرهاق النبي بطلباتها: وهي التي انتقلت من بيت يتوفر فيه من الرفاهية والسعة عند أبيها التاجر إلى بيت النبوة الذي لم يكن يوقد فيه نار بالأيام الطويلة ومع ذلك لم تتململ ولم تشتك وتأقلمت سريعا مع ظروفها الجديدة مما جعل النبي القائد يتفرغ لدعوته ورسالته دون الالتفات إلى مطالب الزوجة التي لا تنتهي والتي كثيراً ما تكون سبب تعثر كثير من الأزواج.
– خير معين في السلم والحرب: الزوجة التي تشارك زوجها مهامه واهتمامه ومسئولياته وتخفف عنه فلا تكون في واد وهو في واد آخر، فحين يتيسر له تكون معه في غزواته وكانت يوم أحد والخندق تضمد الجرحى وتسقيهم.
إن للمرأة في الإسلام شأن لم يهدر إلا في عصور الظلام والجهل والتخلف، حين فقد الفرد المسلم ككل قيمته وحين فقدت الأمة هويتها وبوصلتها، فاكتفت من المرأة بالجهل والأمية، واكتفت من الرجل بلقيمات يقمن أود البطون والأجساد!

للمرأة في الإسلام شأن لم يهدر إلا في عصور الظلام والجهل والتخلف، حين فقد الفرد المسلم ككل قيمته وحين فقدت الأمة هويتها وبوصلتهاولست هنا أرجع السبب الرئيس في تقليص دور المرأة وبتره على الرجل وحده، وإنما أجد أن المرأة المسلمة أيضا مسئولة عما آل إليه أمرها من تدهور كانت كفيلة بأن تتخطاه لو أنها فقهت أمر دينها وعلمت مكانتها ودورها المنوط بها في نهضة هذه الأمة وتغيير مآلها.

إن دور المرأة كأم ومربية ومعلمة لا يقل أهمية عن دور أي قائد في أرض المعركة أو مسئول عن الأمة، كيف لا وقد وصفها نبي الأمة بأنها: “راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها”، فالأمر ليس تشريفاً بقدر ما هو تكليف ورسالة.

إن الفقه الغائب اليوم هو أن نذكر كلمة حق أريد بها باطل ونرددها دون وعي “حقوق المرأة” والحقيقة أنه ما من امرأة نالت من الحقوق والتكريم ما نالته المرأة المسلمة   ، وما من امرأة نالت من التكليف مساواة للرجل مثلما كان للمسلمة في دينها، وما عليها إلا أن تعي دورها المنوط بها في إخراج الأمة من ذلك المنعطف الأخير الذي تمر بها والذي يحتاج لجهد كل عامل واع على هذا الطريق.

قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [آل عمران:195].

منقول