عندما تتحول الآيات الكونية إلى ترفيه!

‎بواسطة عزالدين الكومي :

بالرغم من أن الخسوف والكسوف آيتان من آيات الله يخوِّف الله بهما عباده، ويُذكّرهم ببعض مشاهد يوم القيامة، كما قال تعالى: “وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا [الإسراء:59]، إلّا أن “هيئة السياحة” وهيئة ترفيه تركى آل الشيخ نظَّمتا فعالية ترفيهية بمناسبة خسوف الشمس.

وقد قال أهل العلم، إن هذا من باب تخويف وترهيب الناس من سوء أعمالهم، لكى ينتبهوا لأنفسهم، وأن يعدوا العدة الصالحة للقاء ربهم. فعن أبي بكرة قال: كنا عند رسول الله ﷺ فانكسفت الشمس، فقام النبي ﷺ يجر رداءه مستجعلاً، حتى دخل المسجد وثاب الناس إليه، فدخلنا فصلى بنا ركعتين، حتى انجلت الشمس، ثم أقبل علينا فقال النبي ﷺ: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا يخسفان لموت أحد، وإذا كان ذاك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم، وذاك أن ابنا للنبي ﷺ مات يقال له إبراهيم، فقال الناس في ذاك، فقال النبي ﷺ: “إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فصلوا”.

ويُستحبُّ عند حدوثِ الكُسوفِ: ذِكرُ اللهِ تعالى، والدُّعاءُ، والاستغفارُ، والصَّدقةُ، والتقرُّبُ إلى اللهِ تعالى بما يُستطاعُ من القُرَبِ؛ وحُكِى الإجماعُ على ذلك. فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ، لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه؛ فإذا رأيتُم ذلك فادْعُوا اللهَ، وكبِّروا، وتَصدَّقوا”. وعن أبي مُوسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “… فافْزَعوا إلى ذِكْر اللهِ تعالى، ودُعائِه، واستغفارِه”. وعن أسماءَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: “لقدْ أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالعَتاقةِ في كُسوفِ الشَّمسِ”.

والعتاقة هنا يقصد بها عتق الرقاب. فدلَّ ذلك على أنه يُشرع في يوم الكسوف، الإكثار من ذكر الله والتكبير والاستغفار والصَّدقات وإعتاق الرقاب مع الصلاة لفعل النبيُّ ﷺ. فالله يخوفنا بهذه الآية، العلامة البينة، التي نراها في السماء، يخوفنا عذابه، ويذكرنا بيوم القيامة الذي تكور فيه الشمس ويخسف القمر، ويذهب النور، هذا الكسوف لأجل التخويف، وعند ذلك يفزع أصحاب البصائر الحية، والقلوب المستنيرة، أصحاب الخشية لله إلى المساجد، لا يركنون إلى بيوتهم، ولا ينزوون فيها. والتابعي طاووس بن كيسان اليمانى- رحمه الله- “نظر إلى الشمس وقد انكسفت فبكى، حتى كاد أن يموت، وقال: هي أخوف لله منا”.

ولا مانع أن يكون هناك سبب طبيعي لذهاب ضوئِها كما يقول علماء الطبيعة. ولكن هناك جرأة على الله واستهانة بشرائعه وأحكامه، من هيئة الفساد المزعومة، والمعروفة بهيئة الترفيه، بعد تهميش وإلغاء هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.

وقبل شهور أُقيمت احتفالات في موقع قريب من مدائن صالح عليه السلام، وهي الحِجر، التى ورد ذكرها في القرآن الكريم، وكان يقطنها “ثمود” قوم صالح عليه السلام، فعقروا الناقة، فأهلكهم الله بالصيحة.

وقد حذر النبي- صلى الله عليه وسلم- أصحابه أثناء مرورهم إلى تبوك قائلا: “لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم”، وفي بعض الروايات أنه لما مر بالمنطقة أسرع راحلته ونهى عن دخول منازلهم.

وهناك فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، لمدونة روسية تسمى “ناتالي”، برفقة زوجها المصور مراد عثمان، وهي ترقص في مدائن صالح. على الرغم من أن العديد من الدعاة والمشايخ، من هيئة كبار العلماء وغيرها، يفتون بحرمة الإقامة في مدائن صالح، فضلا عن إقامة حفلات فيها. وبعضهم أفتى بجواز دخول مدائن صالح لمدة قصيرة، من أجل “الاتعاظ” بما آلت إليه، بعدما “أهلك الله قومها بسبب ذنوبهم”.

وقال المغرد الشهير “مجتهد”، الذى يتابعه ملايين الأشخاص، في تغريدة على حسابه عبر “تويتر”، إن “اختيار مدائن صالح مكانا لحفل هيئة الترفيه قرار اتخذه ابن سلمان؛ تنفيذا لاقتراح (ع. ر.)؛ لتحقيق هدفين”. هما “إسقاط هيبة الحديث الصحيح حول خطر الإقامة فيها، فضلا عن تنظيم الحفلات، والثاني هو تدمير ما بقي من الاحترام الشكلي لعلماء السلطة الذين لهم فتاوى بهذا المعنى”.

وفي تغريدة أخرى، قال مجتهد: “(ع. ر) ومعه (ت. ح)، وتحت مظلة بن سلمان، يريدون تنفيذ توعية جماعية للشعب بإثبات (خرافة) الحديث الذي يحذر من أن الذي يقيم في هذه الديار سوف يصيبه ما أصاب قوم ثمود”. وقال: “هم يقولون: ها نحن أقمنا الحفلات ولم يحصل شيء، فاتركوا عنكم هذه الخرافات!! وفي مجالسهم الخاصة يكررون كثيرا من ذلك”.

ولعل مجتهد يقصد بمن رمز لهم بـ”ع .ر” و”ت. ح” عبد الرحمن الراشد وتركى الحمد، وهما من عتاة العلمانية الحاقدة على الإسلام.

أما ثلاثة الأثافى، فقد أعلنت المملكة أنها ستحتفل لأول برأس السنة الميلادية، واستوردت أكبر شجرة للميلاد، وكم صدعوا رؤوسنا طوال عقود من الفتاوى ببدعة الاحتفال بالمولد النبوى!!.