علمنة السعودية والصعود للهاوية

 

بقلم: د. عز الدين الكومي
عندما قال “العتيبة”: إن ما تريده الإمارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين للشرق الأوسط بعد عشر سنوات هو حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة، وذلك يتعارض مع ما تريده دولة قطر”؛ كان كلامه فى غاية الوضوح, فهو يريد حكومات علمانية لا دينية، تقوم على إقصاء الدين، وحصره في زوايا المساجد، ونشر الفساد والزائل باسم الحريات، ولم يكن يقصد العلمانية بمعنى تداول السلطة وإقرار الديمقراطية وإجراء انتخابات حرة نزيهة وغير ذلك من مفاهيم العلمانية.
وقد تزامنت تصريحات “يوسف العتيبة” مع إعلان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق مشروع سياحي عالمي ضخم في السعودية، باسم “مشروع البحر الأحمر” ، ويتضمن المشروع تطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من خمسين جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة. ويشمل المشروع تطوير مدائن صالح التي تمتاز بجمالها العمراني وأهميتها التاريخية الكبيرة. وينتهي العمل من المشروع في الربع الأخير من العام 2022، وهي مرحلة ستشهد تطوير المطار، والميناء، وتطوير الفنادق والمساكن الفخمة، والانتهاء من المرافق والبنية التحتية، وخدمات النقل.
كما أنه أعقب تصريحات “العتيبة”، تصريحاتُ رئيس شركة أبو ظبي للإعلام، ورئيس تحرير موقع 24 الإخباري الإماراتي الذي قال: إن العلمانية هي الحل لكل المشاكل، وإن الإسلام هو سبب الإرهاب!! وفى رسالة وجهها لكل من ينتقد العلمانية قال فيها : من يستحى من العلمانية فليذهب لينضم إلى داعش التي يمكن أن تخرجه من الظلمات إلى النور، وستظل العلمانية ملاذاً للعقلاء فى هذا الخراب والإرهاب!!
ولم يكتف بذلك، بل أضاف في تغريدة أخرى قال فيها: يخطئ من يظن أن العلمانية عدوة للأديان؟ إنها عدوة للغلو والتشدد الذي أنتج هذا القتل والدمار والموت والاحتراب والفتنة!!
وكأن الإسلام فى نظر هذا الحاقد هو داعش الذي يعرف جيداً من أنشأها ومولها ودعمها والقصد من وراء ذلك، وأن العلمانية هي البديل للدين كما فعلت أوربا في حربها ضد الكنيسة، فآثرت الإلحاد على خرافات الكنيسة!!
وقبل أسابيع كشف وزير الدفاع الأمريكي جميس ماتيس في إحدى المقابلات عن افتتاح مكتب مشترك “أمريكي سعودي” في الرياض. وأوضح أن مهمة المكتب الذي تم افتتاحه هي تنقيح الفكر الوهابي من التطرف، وتصحيح المناهج وتنقية الكتب الدينية، وإعداد أئمة مساجد معتدلين وتحت رقابة البيت الأبيض مباشرة!!
 أئمة معتدلون على غرار كريمة والهلالي وعلي جمعة ومظهر شاهين وميزو وأسامة الأزهري وصبري فؤاد وغيرهم من خطباء الفتنة!!
وأما الشيء الذي لا يمكن إنكاره: أن العلمانية في المملكة متواجدة ولها حضورها القوي في الصحافة والإعلام، وهناك من يقوم بدعمها ورعايتها، من أمراء البيت السعودي، من أمثال الأمير خالد الفيصل الذي لا يكف عن التضييق على التيار الإسلامي في المملكة، ويقوم برعاية التيار الليبرالي التغريبي، فيشجع الحفلات الغنائية، ويدعم الاختلاط، كما سعى إلى تحجيم دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنعها من دخول بعض المنتزهات والمنشآت السياحية بحجة تشجيع السياحة، وقام بإنشاء جريدة “الوطن” والتي أصبحت وسيلة من وسائل تغريب المجتمع السعودي، فمن خلالها تطرح مقالات مسمومة بأقلام كتاب حاقدين على الإسلام وأهله، ولم يكتف بذلك بل أنشأ مؤسسة الفكر العربي، والتي تهدف لتجريد الفكر العربي من صبغته الإسلامية، وترأس هذه المؤسسة ولا يزال، وبدأ نجمه يلمع بعد تولي الملك عبد الله مقاليد الحكم، حيث قام بتوليته إمارة منطقة مكة المكرمة، فقد جعل من جدة حاضنة لمشروعه التغريبي وساحة لتطبيقه، حيث أقام الحفلات المختلطة، وأنشأ جامعة مختلطة، وكلية نسائية تدعى الحكمة، لدعم مشروعه التغريبي وتربي الفتيات على إلقاء الحجاب وخلع ثوب العفة بحجة التحرر والتطور، من خلال الدعوة إلى خلع الحجاب والاختلاط ونشر الفواحش ونشر الفساد .
والطريف أن الأمير خالد الفيصل، ومن يقوم برعايتهم من العلمانيين يتزيون بزي الإصلاح لستر مقاصدهم الخبيثة!! وقد قال الله تعالى فى أسلافهم من أتباع ابن سلول (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون) !! فهم ينادون بالاصلاح وهم أساس الفساد والخراب ومحاربة الدين، ونشر الرذيلة والفواحش والخمور والمخدرات !!
ولا شك أن الأمير خالد الفيصل ومن على شاكلته سيستفيدون كثيراً من دعوة العتيبة، ودعوته العلمانية كما سيجد ضالته في ظل نزق ورعونة محمد بن سلمان، السائر فى فلك أولاد زايد، الذين حولوا دولة الإمارات إلى قبلة يقصدها العاهرات من كل الجنسيات وماخور للفساد والخمور والقمار والدسائس والمؤامرات، فإن الأمير خالد بن سلمان سفير السعودية في أمريكا، قال فى مقال له نشرته صحيفة الجارديان: أفلا يحق لنا بعد كل هذا أن نتفاءل بتعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد وبمستقبل مشرق تتجه نحوه المملكة العربية السعودية بخطوات واثقة؟ مستقبل يجمع فيه بين الشريعة والدنيا، والتكنولوجيا والهوية، والتطور والاستقلال، والمسجد والحضارة. وستنتهي التشددات القومية والقبلية، والوصايا الطائشة، والخرافات الاجتماعية والدينية في المملكة، وسيحل العلم والتكنولوجيا محل الدين والمعتقدات الخرافية كما ستصبح العلمانية في مفهومها الصحيح أساسا للتطور والتنمية في السعودية!!
وهكذا سيقود محمد بن سلمان البلاد إلى الهاوية، وسيضع بذور العلمانية في بلاد الحرمين، بل يمكن أن يتفوق على أولاد زايد في احتضان العلمانية والفسق والفجور!!
والله المعافي.