الفقر

عدالة السيسي.. فنادق للكلاب ومصريون معدمون

تتعدد في مصر، التي تقبع رهينة تحت قبضة جنرال إسرائيل السفيه السيسي، الفنادق الخاصة للكلاب والقطط، والتي تتعدى تكلفة البيات في الليلة الواحدة بها مئات الجنيهات، ولكن ذلك البيزنس لن يتركه العسكر، الذين تفتقت أذهانهم عن توجيه الهيئة العامة للخدمات البيطرية، قسم الفندقة وتحصين الكلاب التابعة لوزارة الزراعة في حكومة الانقلاب، لتدشين فنادق الكلاب العامة، حيث يتوفر للكلاب وجبات وحمامات سباحة بسعر لليلة لا يتعدى الـ50 جنيها، في حين يستلقي آلاف المشردين المصريين بينهم أطفال تحت الكباري.

وتولت صحيفة اليوم السابع وثيقة الصلة بالمخابرات الحربية الدعاية والإعلان لبيزنس العسكر الكلابي، فكتبت تقول: “يوم كامل قضيناه هنا في فندق الكلاب العام، حيث لن تجد عوامل الإبهار المتوفرة في الفنادق الخاصة، ولكن تظل الخدمة جيدة، وتظل فكرة وجود فندق عام للكلاب فكرة ربما لا يعرف عنها الكثيرون شيئا”.

فقدوا الأمان

دعاية “اليوم السابع” لفنادق الكلاب تأتي في وقت تتجاهل فيه حكومة الانقلاب آلاف المشردين الذين ينتقل بعضهم للنوم تحت سيارة وأخرى وأسفل الكباري، بعد أن أصبحت الأرصفة والحدائق العامة وأنفاق المشاة مأوى لهم، يستترون بها بعد أن فقدوا الأمان، ولم يجدون اليد الحانية التي تمتد إليهم برفق وتمسح دموعهم فلجئوا إلى الشارع ليواجهوا التشرد والضياع، وأفضلهم حالا الذين تلتقطهم عصابات التسول ويعلمونهم احتراف التسول وبيع السلع الهامشية كالكبريت والمناديل واللبان من أجل سد رمق الجوع، فقد نهش الفقر أجسادهم حتى تحولوا إلي أشباح أطفال.

فأطفال الشوارع والمشردون من الأطفال والنساء والمصابون بالأمراض النفسية، هم من البشر لكنهم في نظر حكومة الانقلاب كلاب ضالة لا تستحق المبيت في دار أو فندق، أشخاص من لحم ودم مثلنا، لهم قلوب كقلوبنا، وعقول كعقولنا، وإحساس كإحساسنا ولهم ألسنة تتكلم، وعيون ترى وتذرف الدمع، وأفواه تأكل وتضحك مثل أي مصري، ولكنهم يعيشون في عالم الحيوان مثلما تعيش القطط، والكلاب الضالة التي لا تسعها عدالة السفيه السيسي وفنادقه الخاصة للكلاب.

ولم تسلم “سعاد” من ضِباع الشوارع، ولم تكن تعلم أنها يومًا قد تتعرض لكل أنواع الإهانة والمذلة منذ حطّت رحلها إلى الشارع؛ فبين شهوتي الطعام والجنس كانت مستباحة للجميع، ومن الانبطاح والخنوع من أجل كسرات الخبز وقشور البطيخ، إلى إذلال كرامتها واستغلال جسدها من أجل إفراغ الطاقة الجنسية.

سعاد (اسم مستعار) التي لم تتجاوز الـ20 سنة، وهي إحدى “فتيات الشوارع” بالمعمورة في الإسكندرية، لم تكن الأولى التي انُتهك جسدها مئات المرات من “شبيحة الإسفلت” سائقي الميكروباصات والتكاتك، بهدف إفراغ الشهوة الجنسية، حتى أصيبت بالإيدز ونقلت العدوى للعشرات من الشباب، وفقًا لمصادر طبية ومسئولين بوزارة الصحة في حكومة الانقلاب.

ذرة من إحساس

أعدادهم تتراوح بين 2 مليون طفل– ولا يوجد تعداد دقيق للبالغين والمصابين بأمراض نفسية– بينما تقلل وزارة التضامن الاجتماعي في حكومة الانقلاب العدد وتخسف به الأرض، وتحصرهم في 16 ألف طفل فقط.

وليست الكارثة في أعداد أطفال الشوارع، فحتى لو كان عددهم طفلا واحدا كما تزعم حكومة الانقلاب، فإن هذا الطفل وحده يمثل جريمة تهتز لها أركان الدولة كلها، لو كان في تلك المؤسسات التي يسطر عليها العسكر ذرة من إحساس، أو رحمة أو إنسانية.. فكيف ترتضي حكومة حتى لو جاءت بانقلاب أن تعيش زهور بريئة من البشر عيشة القطط الضالة؟!.

من أي أنواع الصخور نحتت قلوب جنرالات العسكر وباقي عصاباتهم رؤساء الأحياء الموجود فيها أطفال الشوارع،  والتي جعلتهم يحتملون الجلوس في مناصبهم دون أن يهتز لهم جفن حزنا على هؤلاء الأطفال؟.. وكيف ينام رؤساء المدن والأحياء الذين يعينهم العسكر على كراسيهم، أغلبهم لواءات سابقون في الجيش والشرطة، وهم يرون أطفال الشوارع صباحا ومساء ثم يكتفون بالصمت ولا يتحركون لإنقاذهم؟.. وكيف يرتاح ضمير رئيس وزراء الانقلاب مصطفى مدبولي، خادم العسكر المتهم في قضايا فساد وهو يعلم أن هنالك مئات الآلاف أو حتى 16 ألف طفل كما تعترف حكومته، يعيشون عيشة الكلاب الضالة في شوارع مصر؟.

جدير بالذكر أن دعوات أطلقها إعلام العسكر بشكل دعائي، الشتاء الماضي، عن فتح أبواب الكلية الفنية العسكرية لإيواء المشردين، ثم تمَّ نفيها، ولم يكترث أحد، فقد مرّ الشتاء وعادت شمس الصيف الملهبة، وبعده شتاء قارس جديد يأتي وسط غياب للجمعيات الأهلية التي حظرها السفيه السيسي وأمم أموالها وجفف مصادر العمل الخيري، والتي كانت تعمل في الماضي بهدوء وتشكل ما أطلق عليه “قوات مكافحة البرد”، في مقاربة مع اسم “قوات مكافحة الشعب” التي يطلقها السفيه السيسي تنهش في المصريين.