عام من انتقام الانقلاب من “القرضاوي” في ابنته وزوجها

منذ اعتقالها وزوجها من قبل مليشيات الانقلاب بالإسكندرية، منذ نحو عام، دون جريمة أو ذنب، سوى أنها ابنة العلامة الدكتور يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، وزوجها حسام خلف، القيادي في حزب الوسط، خلال وجودهما في أحد المنتجعات السياحية الخاصة بأسرتها بالساحل الشمالي، في إطار تصعيد مليشيات الانقلاب من انتقامها من رافضي الانقلاب وأسرهم.

تحمل علا يوسف عبد الله القرضاوى 56 عاما، الجنسية القطرية بالإضافة إلى المصرية، وتعمل موظفة بالسفارة القطرية في القاهرة منذ سنوات، حيث درست فى جامعة تكساس في مدينة أوستن الأمريكية.

وبعد تجديد حبسها مؤخرا من قبل محكمة جنايات الجيزة 45 يوما، قررت “علا” مواصلة الإضراب عن الطعام، يوم الثلاثاء 26 يونيو الماضى؛ رفضا للانتهاكات التى تمارس بحقها وحبسها انفراديا بسجن القناطر، فيما يعتبر تعذيبا ممنهجا وقتلا بالبطيء للمعتقلة البريئة.

وطالبت عائلة علا القرضاوي وزوجها حسام خلف القيادى بحزب الوسط، بالإفراج عنهما بعد تدهور حالتهما الصحية، بلا قيد أو شرط.

عيد ميلاد في الزنزانة

في 19 مارس الماضى، أتمت علا عامها السادس والخمسين، وحيدة في زنزانة انفرادية كئيبة، مع استمرار رفض عصابة العسكر فتح باب الزيارة لأسرتها أو محاميها.

وكانت مليشيات الانقلاب العسكرى اعتقلت علا وزوجها حسام، دون أمر اعتقال أو تفتيش، أثناء قضائهما إجازتهما في الساحل الشمالي في شاليه عائلي، يوم 30 يونيو 2017.

وأثناء نقل بعض المفروشات من الشاليه، فوجئت الأسرة بقوة أمنية تمنع عملية النقل بحجة أن هذا الشاليه ملك للشيخ القرضاوي، المدرج اسمه في قائمة الأصول المجمدة، والحقيقة غير ذلك تمامًا، فالشاليه ملك للمرحومة زوجته، وعملية النقل كانت ستتم من مكان ملك للمرحومة إلى مكان آخر ملك لها أيضًا، وبالتالي – وبغض النظر عن مدى قانونية عملية الحجز على الأموال من أساسها– فإنه لا يوجد أي عملية “تصرف” في تلك الممتلكات بالبيع أو الهبة أو غير ذلك مما لا يجيزه القانون.

حجة واهية

وفي البداية، كان التحقيق منصبًا كله على هذه الواقعة، لكن بعد يومين، تحول إلى منحى آخر تمامًا لا علاقة له بسبب القبض عليهما من الأساس، ووجهت لهما النيابة العامة تهمة الانضمام لجماعة على خلاف القانون وتمويلها.

يشار إلى أن هذه التهم ذاتها كانت قد وجهت للمهندس حسام قبل ذلك، وقضى على ذمتها ما يقرب من عامين في سجن العقرب، وفي النهاية أفرج عنه، ليعاد القبض عليه مع زوجته بالتهم نفسها بلا أي دليل أو منطق!.

تنديد دولي

ووثقت عدة منظمات دولية أبرزها العفو الدولية، وهيومن رايتس ووتش، وغيرهما من المنظمات، الوضع المأساوي لعلا وحسام، المحرومين من أبسط الاحتياجات الإنسانية، حيث تحتجز سلطات الانقلاب علا، صاحبة الـ 56 عامًا، داخل زنزانة انفرادية ضيقة، لا توجد فيها نوافذ، وبدون فراش أو حمام، ولا يُسمح لها أو زوجها باستقبال الزيارات طيلة فترة اعتقالها التي مرت عليها عدة أشهر.

فيما تساءلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن طبيعة الجرائم التي ارتكبتها علا لتلقى معاملة قاسية كهذه، لتؤكد الصحيفة في تقريرها، الذي نشرته فى أكتوبر2017، أن “علا وحسام ضحايا الخلافات السياسية في الشرق الأوسط.

وسلط موقع “سي إن إن” الأمريكي الضوء على الرسالة التي وجهها الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى ابنته علا وزوجها حسام بعد تقرير لمنظمة العفو الدولية تطالب فيها سلطات الانقلاب بالإفراج الفوري عنهما.

وقالت “سي إن إن”، إن الرسالة التي نشرها موقع القرضاوي الرسمي، مؤثرة جدا وكشفت عن المآسي التي تتعرض لها ابنته وزوجها، حيث قال: “عام كامل من الحبس الانفرادي في واحد من أسوأ سجون العالم، تعرضت خلاله ابنتي علا القرضاوي لمعاملة بالغة السوء، في حبسها المأساوي، وحُرمت فيه من أبسط حقوقها، بلا توقف عن إهانتها وإيذائها، في نوع من القتل البطيء المتعمد لها! عام مضى ونحن ننتظر ضميرا ساكنا أن يتحرك.. نائما أن يصحو.. حبيسا أن يتحرر.. ميتا أن يحيى!”

وتابع القرضاوي قائلا: “عام مضى، وهي بعيدة عن بيتها، وعن أبنائها، وعن أحفادها، وعن أبيها، وعن إخوانها وأخواتها، في زنزانة انفرادية ضيقة، لا تتوافر لها أدنى الحقوق، ويضيق عليها عمدا في كل أمورها، لماذا؟ لأنها ابنة القرضاوي، وتحمل الجنسية القطرية؟! فلا بد من الانتقام من القرضاوي وقطر في شخصها الضعيف!! ومجدداً، توضع في القفص الزجاجي العازل للصوت، ويمدد القاضي اعتقالها 45 يوماً إضافية، دون إتاحة الفرصة لمحاميها ليعترض؛ على الرغم مما أصدرته منظمة العفو الدولية، وفريق العمل التابع لمجلس حقوق الإنسان في قضية علا وزوجها حسام، مقرراً أن احتجازهما غير قانوني، داعياً إلى الإفراج عنهما فوراً.”

وأضاف: “وإني لأعجب كيف تحول دول الاستبداد مؤسسات المجتمع وقوانينه ونظمه إلى أداة من أدوات ظلمها وبطشها وزيفها، وبدلا من أن تكون مظلة يحتمي بها المظلوم، تتحول إلى سوط في يد الظالم، يجلد به ضحيته، متذرعا بأنه لا يغتال الخصوم، ولا يعتقل الأحرار الأبرياء!! وإنك يا ابنتي لا تغيب صورتك عن مخيلتي، ولا ذكرك عن بالي، وأسأل الله في دعواتي وصلواتي وخلواتي: أن ينجيك من القوم الظالمين، وإن كنت ككل أب.. تتحرك مشاعره.. ويعتصره الألم.. فيحترق قلبه.. وتفيض عيناه؛ كلما ذكر هول ما تعانيه ابنته ظلما وعدوانا، بلا جريمة أو جريرة، وبلا ذنب أو مخالفة. وهكذا يُقاد المرء البريء في مصر إلى غياهب السجون، وهكذا يُزج به إلى ظلماتها!”

وأردف القرضاوي قائلا: “فمن ننادي في هذه الحياة لينتصف للمظلوم، ويأخذ على يد ظالمه؟! بل من نناشد في هذا الكون لا ليقتص للضعيف المغلوب على أمره، وإنما لتتوقف عنه يد البطش والتنكيل، أو تهدأ؟! لو كانت المناشدة يا ابنتي تجدي عند هؤلاء لناشدتهم، ولكنهم قساة القلوب، غلاظ الأكباد، نزع الله الرحمة من قلوبهم، والمروءة من أخلاقهم، ولكني ألجأ إلى الله الذي بيده ملكوت السماوات والأرض، وكفى به وكيلا.. وأناشد كل إنسان حر في هذا العالم، أن يقوم بما يستطيع لإنقاذك وعشرات آلاف المسجونين ظلما وعدوانا معك، فإلى الله المشتكى.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! وأستودعك وزوجك الله، الذي لا تضيع عنده الودائع.”