صحف أجنبية: لماذا لا ينظر العالم لجرائم السيسي كما نظر لخاشقجي؟

فتحت عدد من الصحف والوكالات الأجنبية، ملف الانتهاكات الحقوقية والاختفاء القسري في مصر، بالتزامن مع ملف مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بالقنصلية السعودية في تركيا، حيث أكدت الصحف الأجنبية أنه بالتزامن مع الجريمة التي هزت الضمير العالمي، ابتزازا لأموال السعودية، هناك جريمة أخرى تتمثل في اختفاء المئات قسريا وتعذيبهم في سجون الانقلاب.

وأشارت الصحف إلى آخر قضايا الاختفاء القسري، ممثلة في اختفاء الدكتور مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق، والدكتور  عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادي المعروف، فضلا عن اختفاء المئات من شباب الثورة، وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين.

وقالت صحيفة “كريسيان ساينس مونيتور” الأمريكية، إنه في حين ينشغل العالم بجريمة قتل جمال خاشقجي، فإن الدكتور عبد الخالق فاروق أصبح ضحية جديدة للحرب ضد الحقيقة في الشرق الأوسط؛ إذ يبدو أن الأنظمة العربية تحارب الحقيقة بصرف النظر عن قائلها.

وأضافت ان شعور الرعب الذي ساد العالم بسبب قتل جمال خاشقجي، قابله صمت نسبي إزاء اعتقال نظام عبد الفتاح السيسي، للاقتصاديَّ المعروف عبد الخالق فاروق يوم الأحد الماضي، ومن قبله مصطفى النجار عضو البرلمان السابق.

ونقل موقع “لوب لوج” الامريكي عن الناشط والكاتب المصري الأسكتلندي سام حمد: «كانت جريمة فاروق الوحيدة أنه ألَّف كتاباً انتقد فيه، لا الدولة الحالية ببساطة، وإنما طبيعة الاقتصاد المصري نفسها في حقبة ما بعد عبد الناصر». وبالنظر إلى أنَّ الاقتصاديين المنتقدين مثل فاروق لا تصل أعمالهم إلا إلى عددٍ قليلٍ نسبياً خارج الدوائر الأكاديمية والفكرية، فقد كان النظام المصري عادةً ما يتسامح معهم. لكن، لا تسامح في مصر السيسي.

وتساءل لماذا غضِب النظام من كتاب عبد الخالق فاروق إلى هذا الحد؟، موضحا أن فاروق يتحدى في كتابه المعنون بـ”هل مصر بلد فقير حقاً؟”، التصور السائد داخلياً بأنَّ مصر بلد فقير ببساطة، وأنه محكوم عليه بالفقر بسبب زيادة السكان والافتقار إلى الموارد الطبيعية. إذ يشير إلى أنَّ مصر بلدٌ غني نسبياً في الموارد، ويشتمل على إمكانية مالية لمعايير حياة أعلى بكثير من المعايير الحالية، لكنَّ المشكلة تكمن في الفساد المستوطن وسوء الإدارة.

ويرد عبد الخالق فاروق على مزاعم السيسي بشأن الوضع الاقتصادي الراهن بمصر، والذي يُجسِّده صندوق النقد الدولي والفساد الداخلي، وهي السبب الرئيسي وراء فقر مصر.

وقال إنه بالرغم من أنَّ الشرطة لم تكشف عن طبيعة التهم الموجهة إلى فاروق، ولنشطاء حقوق الإنسان أو لزوجته. ولكن فإنه من شبه المؤكد أنه سوف يقع تحت طائلة قانون “نشر معلومات كاذبة”، وهو التهمة الموجهة لعشرات الصحفيين في سجون الانقلاب، موضحا أن القانون يستخدم فحسب ضد من يتكلمون بالحقيقة عن النظام.

وأشار إلى مضى شهرٌ منذ أن أُلقِيَ القبض على الناشطة أمل فتحي، وحُكِمَ عليها بالسجن سنةً بموجب هذا القانون؛ لنشرها فيديو تحكي فيها تعرُّضها للتحرُّش الجنسي في مصر، موضحا أنه على الرغم من تنوُّع الضحايا، بدءاً مِمّن يسمون (الإسلاميين) إلى النسويين إلى الاقتصاديين، فهي غطاءٌ واسع من القمع يجري بغرضٍ واحد: تهيئة المجتمع وإعادة تشكليه، ليكون الانتقاد نفسه مُحالاً».

وأشار إلى حالة القمع في الجامعات المصرية، فبالرجوع إلى الماضي نجد أنه منذ الانتفاضات ضد الإمبراطورية البريطانية التي كانت تحتل مصر، كانت الجامعات دائماً مواقع اعتراض وراديكالية في مصر. واليوم جرت عسكرة الجامعات من قِبل نظام السيسي، بعد دورها في تقديم معارضة للانقلاب ضد حكومة الرئيس المنتخب ديمقراطياً، محمد مرسي. وهذه العسكرة جرى توثيقها بالتفصيل، كما فعلت صحيفة “كريسيان سينس مونيتور”.

وأوضح أن السيطرة على الجامعات ليست مجرد ظاهرة «جسدية». إذ بإمكان أنصار السيسي تحصين الجامعات وجعلها محظورة بما يكفي لإيقاف المعارضة الجسدية. لكن، تم منع المعارضة الفكرية أيضا من خلال اعتقال  الاقتصاديين الذين يقدمون بذور هذه المعارضة، وأن تقوم بحظر كتبهم.

وأشار الكاتب سام حمد إن المعلومات التي يعتبرها نظام الانقلاب صحيحة، هي معلومات الجدل، فقط، مثل توصل الجيش المصري لعلاج الإيدز بالكفتة.

وتساءل لماذا لم نسمع أحدا قام بالقبض على عبد العاطي كفتة ، أو أجرى تحقيقا مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة التي تبنت مشروع العلاج الخرافي وكذبت عل أكثر من مائة مليون مصري، وجعلوا العالم كله يضحك علينا وعلى الطب في بلدنا، ولم يحقق أحد مع أصحاب الابتكارات المزعومة ، ولا الإعلام الكذاب.

وقال “يتصوَّر السيسي وحليفه محمد بن سلمان، إلى جانب طغاة إقليميين آخرين، عصرَ ظلامٍ إقليمي لأغلبية الناس، تكون فيه الجيوب والمنتجعات والحضارة لأثرى الأثرياء، في حين يكون الانحطاط والفقر والجهل للجماهير الخاضعة.