شخصية اليوم : أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر بن قُحافة، الصدِّيقة بنت الصدِّيق رضي الله عنهما

هي أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر بن قُحافة، الصدِّيقة بنت الصدِّيق رضي الله عنهما، وكنيتها أم عبد الله ، ولدت في الإسلام، بعد البعثة النبوية.
‏وعندما هاجر والدها مع رسول الله ﷺ
‏إلى المدينة، بعث إليها فانطلقت مهاجرة مع أختها أسماء ووالدتها وأخيها.

‏ ‏وقبل زواج النبيﷺ بها رآها في المنام؛ فقد جاءه جبريل عليه السلام وهو يحمل صورتها إليه ويقول له: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة» رواه الترمذي وأصله في “الصحيحين”. ‏
‏ولم يتزوج النبيﷺ من النساء بِكْرًا غيرها، وهو شرفٌ استأثرت به على سائر نسائه، وظلَّت تفاخر به طيلة حياتها.وتقول أيضًا: “لَقَدْ أُعْطِيتُ تِسْعًا مَا أَعْطِيَتْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ -ثم قالت- وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْرًا وَمَا تَزَوَّجَ بِكْرًا غَيْرِي”.

‏وكان لعائشة منزلة خاصة في قلب النبيﷺ ‏ لم تكن لسواها، حتى إنَّه لم يكن يخفي حبَّها عن أحد، وبلغ من حُبِّه لها أنه كان يشرب من الموضع الذي تشرب منه، ويأكل من المكان الذي تأكل منه، وعندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال له: «عَائِشَة»، متفق عليه، وكان النبي ﷺ ‏ يُدَاعبها ويمازحها ويسابقها.

‏ومن محبتّه ﷺ ‏: استئذانُه لنسائه في أن يبقى عندها في مرضه الذي تُوفِّي فيه لتقوم برعايته.
‏ومما اشتهرت به السيدة عائشة عنها غيرتها الشديدة على النبيﷺ ، التي كانت دليلًا صادقًا وبرهانًا ساطعًا على شِدَّة محبَّتها له، وقد عبَّرت عن ذلك بقولها له: “وَمَا لِي لَا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ” رواه مسلم.
‏والحديث عن فضائلها لا يُملُّ ولا ينتهي، فقد كانت رضي الله عنها صوَّامة قوَّامة، تُكثر من أفعال البرِّ، ووجوه الخير، وقلَّما كان يبقى عندها شيءٌ من المال؛ لكثرة بذلها وعطائها، حتى إنها تصدَّقت ذات مرَّة بمائة ألف درهم، لم تُبق منها شيئًا.
‏وقد شهد لها النبي ﷺ ‏بالفضل، فقال: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»، متفق عليه. وكان جبريل قرأها السلام.

‏وعلى الرغم من صغر سنِّها، إلا أنها كانت ذكيَّةً سريعة التعلُّم، ولذلك استوعبت الكثير من علوم النبيﷺ ‏حتى أصبحت من أكثر النساء روايةً للحديث، ولا يوجد في نساء أمَّةِ محمد صلى الله عليه وآله وسلم امرأة أعلم منها بدين الإسلام.

‏ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن، ومنها آية التيمم؛ وذلك عندما استعارت من أسماء رضي الله عنها قلادة، فضاعت منها، فأرسل رسول الله ﷺ بعض أصحابه ليبحثوا عنها، فأدركتهم الصلاة ولم يكن عندهم ماءٌ فصلُّوا بغير وضوء، فلما أتوا إلى النبي ﷺ شكوا إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة: “جزاكِ الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة” متفق عليه.
‏وعندما ابتُليت رضي الله عنها بحادث الإفك، وأتُهمت في عرضها أنزل الله براءتها من السماء قرآنًا يتلى إلى يوم الدين؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۞ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ۞ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور: 11-13].
‏وقد توفِّيت رضي الله عنها سنة سبع وخمسين، عن عمر يزيد على ثلاث وستين سنة، وصلَّى عليها أبو هريرة رضي الله عنه، ثم دُفِنَت بالبقيع، ولم تُدفن في حجرتها بجانب رسول الله ﷺ ؛ فقد آثرت بمكانها عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فرضي الله عنهما وعن جميع أمهات المؤمنين.