شخصيات اسلامية : الشبخ سليمان حلمي توناخان ( سيخافون من موتنا كما يخافون من حياتنا )

سيخافون من موتنا كما يخافون من حياتنا”.
كانت تلك كلمات الشبخ سليمان حلمي توناخان، قليل منا من يعرفه ولكن تركيا التى أريد لها أن تنخلع من الإسلام بالكلية تدين لهذا الشيخ بالفضل الكبير.
عندما وقع الانقلاب على الخلافة العثمانية عام 1909 كان الشيخ سليمان حلمي تانوخان لايزال طالبا في المدرسة فكان من معارضي الانقلاب ومن مؤيدي الخلافة وكان يرفض كل ما له علاقة بالتغريب، وخلال خمس سنوات فقط حدثت أحداث فاصلة في تاريخ الأمة وهي تكوين مجلس الأمة الكبير، إلغاء السلطنة وانتهاء الدولة العثمانية ونفي السلطان محمد وحيد الدين وإعلان الجمهورية وتنفيذ قانون توحيد التدريس أو توحيد المدارس.
عمل واعظا في مساجد السلطان أحمد والسليمانية والجامع الجديد وشهرزادة باشي وقاسم باشا وكثير من المساجد الأخرى حتى انه يكاد لا يوجد مسجد في إستانبول لم يدخل سليمان حلمي.
شهدت تركيا في العهد الجمهوري عدة إجراءات اتخذها أتاتورك لإزالة أي أثر إسلامي أو تراث قديم للدولة العثمانية بهدف فصل الدين عن الدول حتى أن “رجب بكار” رئيس الوزراء في ذلك الوقت اعتبر أن تدريس العلوم الدينية الإسلامية سم قاتل.
وفي 3 مارس 1924 صدر قانون يقضى بإحالة كافة المؤسسات التعليمية التابعة للوزارات المختلفة إلى وزارة التعليم القومي وهو قانون توحيد المدارس الذي يهدف إلى تركيز السيطرة العلمية في سلطة واحدة وكان الإمام سليمان ضد هذا القانون حيث تم إغلاق 465 مدرسة علمية و 29 مدرسة من مدارس الأئمة والخطباء وكان التعليم الديني يقابل بأقصى العقوبات.
و بعد صدور قانون توحيد المدارس كان الشيخ سليمان يعلم طلابه في الخفاء خوفا من اضطهاد الحكومة واجتهد في ذلك اجتهادا عظيما حتى أنه كان يدفع أجرا لتلاميذه ليتعلموا وأتبع في سبيل تعليمهم الكثير من المشاق حيث كان يقوم بتغيير أماكن التعليم باستمرار هربا من رجال الشرطة، حتى أنه قال لتلاميذه ذات مرة “علمتكم ونقلتكم من مكان إلى مكان كالقطة التي تنقل صغارها” .
وكان يستأجر مزرعة “قاباقجا” ويخبئ طلابه في زى العمال يزرعون الأرض في الصباح ويدرسون في المساء وحينما تكتشف الشرطة أمرهم يهربون إلى مكان آخر. وكان التلاميذ بدورهم يفتحون دورا للقرآن أينما ذهبوا لتنتشر التربية الإسلامية في كل البلاد.
تعرض الإمام للاعتقال أول مرة 1939 حيث أخذته الشرطة من منـزله واعتقلته 3 أيام تعرض خلالها للتعذيب داخل زنزانته إلى جانب إقالته من الوعظ وفي السجن تعرض للكثير من أنواع التعذيب حيث كان يُمنع من النوم وترش الغرفة بصفائح المياه وأصيب بالروماتيزم نتيجة ذلك.
وفي عام 1936 علمت الشرطة باستئجاره مزرعة “خالد باشا” ليقوم بالتدريس فيها فهرب منها إلى قمة جبل “قوش قايا” بجبال سترانجه ولكن الشرطة لحقت به وقبضت عليه.
تعمدت الحكومة استفزاز مشاعر الشيخ الدينية، فقامت قوات الشرطة بحرق المصاحف والكتب الدينية أمامه، وجمعوا كثيراً منها وحمّلوها على إبل وقادها إعرابي الى الصحراء بعد ان كتبوا عليها:
“جاءت من الصحراء وتعود إليها. جاءت من العرب فلتذهب الى العرب”.
لكن ذلك كله لم يفت في عضد الإمام الذي ألهب حماس تلاميذه، وكان يردد أمامهم:
“المهم أن تنجح دعوتنا ولا نهتم بالمناصب، ونقبل أن نكون عند أحذية المسجد”.
المدارس السليمانية:
وفي عام 1949 قامت الحكومة بفتح المدارس الدينية وذلك نتيجة ضغط المسلمين وتحقق حلم سليمان حلمي وصار التعليم يدرس في مدارس رسمية ويرجع تاريخ افتتاح أول مدرسة لتحفيظ القرآن التابعة للإمام سليمان عام 1951 ولكن بشكل غير رسمي ولكن تم الافتتاح الرسمي عام 1952 وقد كان الإمام شديد الحرص على فتح المدارس في الأناضول وكان يسجد شكرا لله عندما يعرف بخبر افتتاح مدرسة جديدة وخلال ذلك الوقت أقامت رئاسة الشئون الدينية مسابقات للوعظ والإفتاء وكان طلاب سليمان دائما متفوقين في هذه المسابقات مما دفع رئيس الشئون الدينية وكبار الرسميين فيها أن يقوموا بزيارة سليمان لرؤيته والتعرف عليه، وقد شغل تلاميذ سليمان أعلى المناصب الدينية في البلاد ومنهم “حسني يلماز” الذي كان مفتيا لمدينة “باليكسير” وعمره ثمانية عشر عاما.
وفاته:
رغم إصابته بمرض السكر إلا أن ذلك لم يقف حائلا أمام خدمات الشيخ لتلاميذه حيث كان يسافر يوميا متنقلا عبر أربع وسائل للمواصلات للذهاب لطلابه والتدريس لهم، في حياة تميزت بالهروب المستمر من رجال الشرطة ولكنه كان هروبا بدين الله إلى عباد الله حتى تستمر الهوية الإسلامية في تركيا وظل هكذا حتى رحل عن عالمنا في يوم 16 سبتمبر 1959م وقت صلاة المغرب.
طلب رئيس مجلس الأمة في ذلك الوقت “إبراهيم كيراز أوغلو” بدفنه قرب ضريح السلطان محمد الفاتح جده نسبا، فوافق رئيس الوزراء بذلك وفي اليوم التالي توجهت الجموع من كل مكان لحضور مراسم الجنازة وجموع أخرى في مسجد الفاتح انتظار لنعشه وحينما حمله الآلاف من محبيه منعت الشرطة السماح بدفنه وتم دفنه في مقبرة حفرها له رجال الشرطة في “قراجا أحمد” وكان سبب ذلك “نامق كديك” وزير الداخلية .
وصدق سليمان حلمي حين قال: “سيخافون من موتنا كما يخافون من حياتنا”.
وحتى اليوم لا يزال الآلاف يترددون على قبره “بقراجا احمد ويقطف المسلمون الآن في تركيا ثمار جهاده وكفاحه في سبيل إحياء الإسلام وعلومه في بلاد كان مقدرا حسب إرادة البشر أن يقضى على كتاب الله وعلى اللغة العربية والعلوم الإسلامية.
#ومضات
#الشيخ_سليمان_حلمي_تانوخان
#ستائر_النسيان