سيجفّ النيل وتعطشون.. هكذا حذّر الشيخ الغزالي من خروج السيسي الدجال؟


تحدّث المفكر الشيخ محمد الغزالي- رحمه الله- عن إفلاس الأنظمة العربية، وأن هذا الإفلاس يظهر في شكل إفلاس اجتماعي أو إفلاس اقتصادي أو إفلاس سياسي أو إفلاس عام يستغرق كل الأنواع، بل وفي إحدى محاضراته حذّر المصريين من العسكر الذين سطوا على السلطة منذ انقلاب عام 1952 وما بعده، وبإلهام العالم الربّاني حذّرهم من تسبب الانقلاب في الإضرار بحصة مصر من مياه النيل.
وفي الثالث من يوليو 2013 انقلب وزير الدفاع المصري في ذلك الوقت، جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الشهيد محمد مرسي، وأعلن عن عزله، واحتجزه في مكان غير معلوم، وعطّل العمل بالدستور، وصدرت أوامر باعتقال المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أحيلوا لاحقا إلى المحاكمة، وصدرت أحكام بإعدام العديد منهم.
الوهم والوهن
وقال الغزالي رحمه الله: “إن زوال إسرائيل قد يسبقه زوال أنظمة عربية عاشت تضحك على شعوبها، ودمار مجتمعات عربية فرضت على نفسها الوهم والوهن، قبل أن يستذلها العم أو الخال، وقبل أن ينال من شرفها غريب، إنه لا شيء ينال من مناعة البلاد، وينتقص من قدرتها على المقاومة الرائعة كفساد النفوس والأوضاع، وضياع مظاهر العدالة، واختلال موازين الاقتصاد، وانقسام الشعب إلى طوائف، أكثرها مطيع منهوك وأقلها يمرح في نعيم الملوك”.
كما حذر – رحمه الله- من المؤامرات السعودية في القضاء على الأزهر واستقطاب الطلاب من إفريقيا وشرق آسيا، عبر تدفق الأموال لتوفير المنح الشاملة للمصاريف الدراسية والمعيشية للطلبة الأجانب، وخصوصا من إندونيسيا وجنوب تايلاند وكامبوديا؛ استغلالا لحالات الفقر الذي يعيشه أغلب الطلبة هناك.
حيث يذهب الطالب من هؤلاء إلى السعودية لدراسة منهج محمد بن عبد الوهاب، ليرجع إلى بلاده ليُعلن أولا عن تكفير سيد قطب، وثانيا السب في الأشاعرة، وثالثا في اعتناق مذهب المداخلة وتكفير كل من يقف أمام الحاكم الظالم، كما يؤمن الكثير من شيوخ آل سعود وتقديسهم للحاكم .

مواجهة إسرائيل
إن ما حذر منه الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، قد وقع فعلا، حيث إنه ربط بين حادثتين مختلفتين: زوال إسرائيل وزوال الأنظمة العربية، وهذا يعني أن تخاذل الأنظمة العربية في الدخول في مواجهة حقيقية مع إسرائيل سيجعلها بالضرورة في مواجهة علنية وحاسمة مع شعوبها، ولذلك فإن هذه الأنظمة ستكون أولى بالزوال من إسرائيل أو يقع لها ذلك أولا قبل إسرائيل؛ لأنها اعتبرت شعوبها قيمة مهملة في معادلة الصراع الإسرائيلي.
إن زوال بعض الأنظمة العربية تعود أسبابه -كما قال الشيخ محمد الغزالي – إلى اعتمادها على ثقافة الوهم وتسليمها بالوهن على أنه قدر مقدور وواقع ليس له دافع، فالأنظمة العربية إذا تظاهرت بمظهر الوهم والوهن تكون قد أعانت إسرائيل على تحقيق حلمها التوراتي وهو إقامة دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل، وحين تفعل هذا تكون قد ارتكبت الخيانة العظمى في حق تاريخها ودينها ومقدساتها، وعندها تكون أجدر بالفناء والزوال لأنها لا تستحق الحياة.
وباتت العلاقات بين إسرائيل والسفيه السيسي جريئة للغاية؛ مما جعل البرلماني المعزول “توفيق عكاشة” يجري مقابلة مع سفير إسرائيل في منزله من دون خوف، طالما أن الأمور بين الصهاينة والعسكر على ما يرام، حتى إنه في فبراير 2016، تساءل عن سر الغضب الشعبي عقب لقائه السفير الإسرائيلي: وقال «السيسي قابله.. اشمعنى أنا يعني؟».
وتبدو الهدية التي منحها الانقلاب في مصر لإسرائيل متضخمة جدًا، إذا ذكرنا أنه في مايو 2015، اعتبرت مصر رسميًا حركة المقاومة الفلسطينية حماس جماعة إرهابية، وهو ما يعطي انطباعًا للعالم أن إسرائيل تحارب الإرهاب، ولا تحارب وتطرد شعبًا فلسطينيًا من أرضه.
بعد أن أصدرت محكمة عابدين هذا الحكم، تغيرت العلاقات تمامًا بين الصهاينة والعسكر، وبدأت الصحافة الصهيونية الاحتفاء بعصابة السيسي، وتشجيعه على إجراءات القمع والاعتقال والإعدام وتهجير أهالي سيناء، التي يتخذها في صالح أمن إسرائيل.
وبدأ الجيش المصري مهاجمة جميع الأنفاق وبالتالي منع توصيل الغذاء والمؤن لفلسطين عبر الأنفاق، كما أغلق معبر رفح بشكل شبه كلي؛ وفي ظل حكم السفيه السيسي ثم إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وفلسطين المحتلة وتحويلها لمنطقة عازلة بعد تهجير السكان بناءً على طلب إسرائيل، وهذا حلم صهيوني عظيم كانت إسرائيل قد فقدت الأمل في تحقيقه سابقًا عندما تقدمت للمخلوع مبارك بطلب إخلاء الشريط الحدودي، لكنه رفض المشروع تمامًا، واستجاب السفيه السيسي لحلم إسرائيل الكبرى.