روائع شهيد الكلمة … الطغيان لا يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب، وصحوة القلوب

روائع شهيد الكلمة …سيد قطب

– الطغيان لا يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب، وصحوة القلوب ولا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة ولا ينقم على أحدكما ينقم على من يهزون الضمائر الغافية

– وطن المسلم الذي يحن إليه ويدافع عنه ليس قطعة أرض ، وجنسية المسلم التي يعرف بها ليست جنسية حكم ، وعشيرة المسلم التي يأوي إليها ويدفع عنها ليست قرابة دم ، وراية المسلم التي يعتز بها ويستشهد تحتها ليست راية قوم ، وانتصار المسلم الذي يهفوا إليه ويشكر الله عليه ليس غلبة جيش ، إنما هو كما قال الله عنه:إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )  “سورة النصر”

– الصدع بحقيقة هذه العقيدة ; والجهر بكل مقوماتها وكل مقتضياتها . ضرورة في الحركة بهذه الدعوة ; فالصدع القوي النافذ هو الذي يهز الفطرة الغافية ; ويوقظ المشاعر المتبلدة ; ويقيم الحجة على الناس (ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة)

– عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود!

أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!

إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهما، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا.. فليست الحياة بعد السنين، ولكنها بعداد المشاعر، وما يسميه (الواقعيون) في هذه الحالة (وهما)! هو في (الواقع)، (حقيقة) أصح من كل حقائقهم!.. لأن الحياة ليست شيئا آخر غير شعور الإنسان بالحياة.. جرد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي! ومتى أحس الإنسان شعورا مضاعفا بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلا.

– عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيرا كثيرا قد لا تراه العيون أول وهلة!

لقد جربت ذلك.. جربته مع الكثيرين.. حتى الذين يبدو في أول الأمر أنهم شريرون أو فقراء الشعور..شيء من العطف على أخطائهم، وحماقتهم، شيء من الود الحقيقي لهم، شيء من العناية – غير المتصنعة – باهتماماتهم وهمومهم..ثم ينكشف لك النبع الخير في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه في صدق وصفاء وإخلاص.

– إن الشر ليس عميقاً في النفس الإنسانية إلى الحد الذي نتصوره أحيانا..إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون بها كفاح الحياة للبقاء.. فإذا آمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة عن ثمرة حلوة شهية. هذه الثمرة الحلوة، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر من الناس بالأمن من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم،و على أخطائهم وعلى حماقتهم كذلك … وشيء من سعة الصدر في أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقع الكثيرون … لقد جربت ذلك، جربته بنفسي. فليست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام!