دمياط (شعر)

سقى عهد دمياط وحياه مـن عـهـد * فقد زادني ذكراه وجداً علـى وجـد

ولا زالت الأنواء تسقي سحـابـهـا ديارا ً***** حكت من حسنها جنة الخـلـد
فيا حسن هاتيك الـديار وطـيبـهـا***** فكم قد حوت حسناً يجل عن الـعـدّ
فلله أنهـار تـحـف بـروضـهـا***** لكالمرهف المصقول أو صفحة الخد
وبشنينها الريان يحـكـي مـتـيمـاً***** تبدّل من وصل الأحـبة بـالـصـدّ
فقام على رجليه في الدمع غـارقـاً***** يراعي نجوم الليل من وحشة الفقـد
وظلّ على الأقدام تـحـسـب أنـه***** لطول انتظار من حبيب على وعـد
ولا سيما تلك الـنـواعـير إنـهـا***** تجدد حزن الواله المدنـف الـفـرد
أطارحها شجوي وصارت كـأنـمـا***** تطارح شكواها بمثـل الـذي أبـدي
فقد خلتها الأفلاك فيها نـجـومـهـا***** تدور بمحض النفع منها وبالـسـعـد
وفي البرك الغرّاء يا حسـن نـوفـر حلا***** وغدا بالزهو يسطو على الـورد
سماء من البلـور فـيهـا كـواكـب عجيبة***** صبغ اللون محكمة النـضـد
وفي شاطئ النيل المـقـدس نـزهة***** تعيد شباب الشيب في عيشه الـرغـد
وتنشي رياحاً تطرد الـهـمّ والأسـى***** وتنشي ليالي الوصل من طيبها عندي
وفي مرج البحـرين جـمّ عـجـائب***** تلوح وتبدو من قريب ومـن بـعـد
كأنّ التقاء النيل بـالـبـحـر إذ غـدا***** مليكان سارا في الجحافل من جـنـد
وقد نزلا للحرب واحـتـدم الـلـقـا***** ولا طعن إلا بالمـثـقـفة الـمـلـد
فظلا كما باتـا ومـا بـرحـا كـمـا هما***** من جليل الخطب في أعظم الجهد
فكم قد مضى لي مـن أفـانـين لـذة***** بشاطئها العذب الشهيّ لـذي الـورد
وكم قد نعمنا في البـسـاتـين بـرهة***** بعيش هنيء في أمان وفـي سـعـد
وفي البرزخ المأنوس كم لي خـلـوة***** وعند شطا عن أيمن العلـم الـفـرد
هناك ترى عين البصـيرة مـا تـرى***** من الفضل والأفضال والخير والمجد
فيا رب هيئ لي بفـضـلـك عـودة***** ومنّ بها في غير بلـوى ولا جـهـد