خدعوك فقالوا: السيسي حريص على حل مشكلات المصريين

“هذا الشعب لم يجد من يرفق به أو يحنو عليه.. الأول لازم أغني الناس قبل ما أرفع الدعم”، هكذا تحدث السفيه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، عن البسطاء ومحدودي الدخل في بدايات الانقلاب، قبل أن تعمل حكومته على استهداف هذه الشرائح تحديدا، من خلال قرارات رفع الأسعار المتوالية.

وباتت خيارات حكومات الانقلاب المتوالية في التعامل مع أي رد فعل شعبي تحسبا لحدوث أي انفجار؛ نتيجة رفع الدعم عن الطاقة الوقود والمياه محدودة، بعد أن عجزت عن الوفاء بوعودها في تحسين معيشة المواطنين، أو توفير حلول اقتصادية واجتماعية جذرية تحميهم من فخ الغلاء والفقر، إلا من خيار واحد.

وقال خبراء سياسيون واقتصاديون إن الخيار الأمني أصبح هو الخيار الوحيد للجنرالات للتعامل مع خروج التذمر الشعبي عن السيطرة، وترجمته إلى غضب في مظاهرات أو وقفات أو حتى اعتصامات أو إضرابات، يقول الناشط رامي عمر حسن:” بستغرب جدا من أي مصري لسه متخيل إنه ممكن يكون له أي وزن عند الدولة. طيب عشان نكون واضحين، التوجه العام للدولة بيخليها غير معتمدة بأي شكل من الأشكال على رضا أي فئة في المجتمع غير فئة ضباط الجيش وضباط الشرطة..”.

 

الانقلاب يقتلكم

وتابع الناشط رامي عمر حسن:”سخط الدكاترة يبقى مشكلة لما الدولة تبقى أصلا عندها اهتمام بالصحة.. سخط الدكاترة في الحقيقة هو دليل على نجاح سياسة الدولة في الحد من النمو السكاني وذلك بزيادة معدلات الوفاة.. أيوة بالظبط كدة.. الدولة عايزانا نموت.. الدولة مش عايزة تعالجنا. كذلك المدرسين اللي أحوالهم مؤشر واضح إن الدولة يهمها إن الجهل يكون منتشر”.

موضحاً:”نفس الموضوع مع اللي متخيل إن الدولة عندها مشكلة مع هجرة الكفاءات في جميع المجالات.. الدولة من أهدافها إن الكفاءات تغور من البلد.. ببساطة يا جماعة، طول ما الظباط مبسوطين، يبقى كل حاجة ماشية تمام.. ودة طبعا متسق مع كون إن هي دي الفئة الوحيدة اللي مرتباتها في ازدياد مستمر.. هي دي الفئة الوحيدة اللي سخطها يمثل كارثة”.

وأردف:”موضوع بأة خلي أمك تعالجك دة برضه دليل واضح على السذاجة.. اللي أنت بتكلمه دة يا دكتور أحمد بيروح هو وأمه وعيلته كلها يتعالجوا برة مصر… أو على أقل تقدير عنده في مصر مستشفياته الخاصة اللي الدكاترة فيها معندهاش أي مشاكل من اللي أنت بتشتكي منها دي.. يا دكتور أحمد أنا صعبان عليّ بجد إنك تبقى عايش على أمل حاجة مش حتحصل”.

الترهيب والتخويف

ويقول الخبير في الاقتصاد السياسي، محمد شيرين الهواري، “بعد الزيادات الجديدة في أسعار المحروقات والطاقة والمياه والتي ستؤدي إلى موجة تضخمية جديدة لم يعد الشعب يتحملها حتى لو افترضنا وهو المُتوقع فعلياً أنها ستكون أقل وطأة من ارتفاعات ما بعد تعويم سعر الصرف في نوفمبر 2016، تجد الحكومة نفسها الآن أمام المهمة الصعبة لكيفية احتواء الغضب الشعبي”.

ورأى أن “أغلب الظن أن الدولة ستلجأ مجدداً إلى أساليب الترهيب والتخويف الأمنية المعتادة، بل وقد تتصاعد حدتها في الأيام القليلة المقبلة وهو ما رأينا بالفعل مقدماته وقت إلقاء القبض على محتجين سلميين اعترضوا علناً على زيادة أسعار تذاكر المترو”.

وأضاف: “هذا بالطبع بالإضافة إلى بعض الإجراءات الشكلية في برامج الحماية الاجتماعية المختلفة التي لن تفيد المواطن المطحون في شيء حيث ستخصص لها مبالغ ضئيلة للغاية فقط؛ لأن الدولة لو كانت تملك ما يُمكنها من التعويض الكامل لما اضطرت إلى تقليص الدعم في الأصل”.

ويرى مراقبون أن أي نظام سوي منتخب لم يكن ليقدم على تلك الخطوات التي أقدمت عليها سلطات الانقلاب؛ لأنه يعلم أن هناك برلمانا سوف يحاسبه، وأنه يجب أن يفي بوعده للشعب الذي انتخبه، وأن يقدم تعويضا عينيا أو ماديا للفقراء من خلال قاعدة بيانات كاملة.

على حسابكم

وأهدر السفيه السيسي عشرات المليارات من الدولارات من أموال دعم الخليج، ومن التي توفرت له من فروق الأسعار في السلع والخدمات التي يتحصل عليها من جباية الشعب ولم يستغلها لصنع نهضة اقتصادية، وشجع الانقلاب الفاسدين ولم يحاسبهم أو يحصل على الضرائب من المتهربين، واستمر في مهزلة منح مؤسسات تابعة للجيش مناقصات بالأمر المباشر، في حين لا تخضع لأي رقابة ولا تدفع ضرائب ولا جمارك، كل ذلك على حساب جيوب المصريين وتقديم الخدمات والسلع لهم بأسعار مضاعفة.

الانقلاب بعقليته الأمنية لن يختار سوى التخويف بالعصي والمزيد من التهديد للمصريين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال أدواته الإعلامية في تضليل المواطنين، وتزييف الوعي العام، والوعود الكاذبة، وبات من المستحيل في ظل الإجراءات التي تتم أن يمتص السفيه السيسي غضب المصريين، وكل ما يقوله سيكون وعودا زائفة كالتي كررها على مسامع المصريين، وسط تخبط واضح في تصريحات أخرى قال فيها إن مصر شبه دولة، وإن على الشعب أن يقاسي ويتألم.

وطالما استمر الانقلاب في سدة الحكم ستسمر معه سياسات الاستدانة وقمع الفقراء وإلغاء الدعم، والاستجابة لشروط صندوق النقد لا تضع أي أفق لأي أمل في الخروج من المأزق الاقتصادي؛ ما سيترتب عليه المزيد من الغضب الشعبي المكتوم، وهو غير قابل للاستمرار، وسيتولد عنه عواقب وخيمة اجتماعية واقتصادية وأمنية.