حكايات دمياطية..المنشية بعد أن خرب المماليك دمياط

ثار نزاع عنيف بين الأيوبيين والمماليك، فخشي المماليك أن ينتهز الصليبيون فرصة هذا النزاع فينقضُّوا على دمياط ثانية، فاتفقوا على تخريبها، وأرسلوا إليها فرقة من الحجَّارين والفَعَلة، «فوقع الهدم في أسوارها يوم الاثنين الثامن عشر من شعبان سنة ٦٤٨ حتى خُرِّبت كلها ومُحيت آثارها ولم يبقَ منها سوى الجامع.
وهكذا كانت الحملة الصليبية بقيادة لويس شؤمًا على دمياط ؛ ففي أوائلها غادرها أهلوها جميعًا، وفي أعقابها — وبعد نحو ستة أشهر من خروج الفرنسيين — هُدمت المدينة جميعها بأسوارها وقلاعها ومنازلها وقصورها، ولم يبقَ منها — كما يذكر المؤرخون — سوى جامعها وهو جامع ” الفتح ” الذي بناه الصحابة الكرام في فتح دمياط وهو مُهدَّم وقديم والذي كان يعرف وقتها في دمياط باسم أبي المعاطي القديم وهو الآن على اسمه الأصلي جامع ( عمرو بن العاص )

ويقول المقريزي إن بعض فقراء الناس سكنوا بعد ذلك في أخصاص “أكواخ من الخوص” على النيل قبلي المدينة الجديدة، وسموا هذا المكان «المنشية»، ولعل هذا هو الحي المعروف حتى اليوم في دمياط بهذا الاسم.

ولم تلبث هذه المنشية حتى كبرت ونمت وأصبحت — كما يقول المقريزي — بلدةً كبيرة ذات أسواق وحمامات وجوامع ومدارس ومساجد، ودُورها تُشرِف على النيل الأعظم، ومن ورائها البساتين، وكانت من أحسن بلاد الله منظرًا.