بسبب تعديل قانون السلطة القضائية تصاعد الأزمة بين القضاء والسلطة التنفيذية

تصاعدت الأزمة بين الهيئات القضائية المختلفة من جهة والسلطة التنفيذية المدعومة من مجلس النواب من جهة أخرى، على خلفية مشروع القانون المقترح أمام البرلمان لتغيير النظام المعمول به في اختيار رؤساء الهيئات القضائية. وقالت أندية ( قضاة مصر، ومجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وقضايا الدولة)، في بيان مشترك لها، اليوم الأربعاء، إن “اجتماعها أمس في نادي قضاة مصر أكد على استقلالية القضاة، وتمسك الهيئات القضائية على الاختيار بالأقدمية المطلقة لرؤسائها، باعتباره معيارًا موضوعيًا لا تدخل فيه للأهواء”. وكان النائب أحمد حلمي الشريف، عضو لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بالبرلمان، تقدم بمشروع لتعديل قوانين السلطة القضائية ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، بحيث يسمح لرئيس الجمهورية باختيار رئيس محكمة النقض (أعلى محكمة للطعون) من بين ثلاثة نواب يرشحهم مجلس القضاء الأعلى (الهيئة الرسمية المنوط بها إدارة شؤون القضاة). كما اقترح أيضًا السماح للرئيس باختيار رئيس مجلس الدولة (هيئة قضائية تختص بالفصل في المنازعات الإدارية بين الأفراد والجهات الحاكمة في الدولة) من بين ثلاثة نواب ترشحهم الجمعية العمومية للمجلس، ورئيسي النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة من بين ثلاثة مرشحين من المجالس العليا للهيئتين، كل على حده. وأضاف البيان أن “الدستور الحالي وجميع الدساتير السابقة استقرت على مبدأ الفصل بين السلطات حاكمًا للعلاقة بين السلطات الثلاث القضائية والتشريعية والتنفيذية، وأن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، واستقلال القضاء وحصانته وحيدته ضمانات أساسية لحماية الحقوق والحريات”. وأشار إلى أن “تعديل نصوص الهيئات القضائية يعتبر تدخلاً صريحًا وواضحًا في السلطة القضائية، ولن يقبل الشعب هذا التدخل”، مؤكدًا أن “السلطة القضائية مستقلة، والتدخل في شئون العدالة والقضايا جريمة لا تسقط بالتقادم”. وتشترط المادة 185 من الدستور أن يتم استشارة الهيئات القضائية في مشروعات القوانين التي تخصها. وأشار البيان إلى أن “من موجبات استقلال القضاء أن يتولى أعضاء الهيئات والجهات القضائية اختيار رؤسائها وفقا لمبدأ الأقدمية الراسخ في ضمير كل قاض”. ويتم ترشيح مجلس القضاء الأعلى من أقدم القضاء، ليكون رئيسًا لمحكمه النقض، ويصدر قرار جمهوري بتعيينه. كما تقوم الجمعية العمومية لمجلس الدولة باختيار أقدم النواب ليصبح رئيسًا للمجلس بعد صدور قرار جمهوري بتعيينه. فيما يختار المجلسين الخاصين بالنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة أقدم أعضائهما ليكونا رئيسا الهيئتين بعد صدور قرار جمهوري بذلك. وقال الدكتور مصطفى السعداوي، أستاذ القانون الجنائي بجامعة حلوان، إن “المشروع المقدم بشأن تعديلات على الهيئات القضائية بالبرلمان، هو تدخل من السلطة التشريعية في أعمال الهيئات القضائية، لأنه يمس من استقلالها، ولا مجال للقول إنه يوسع من دائرة اختيار هذه الهيئات لرئيسها باختيار ثلاثة يختار من بينهم رئيس الجمهورية، لأنه يلغي مبدأ الأقدمية”. وأضاف السعداوي لـ “المصريون”: “القضاء لن يقبل مثل هذا الأمر أو حتى وتمريره أو وإقراره، لأنه يمس بمبدأ استقلال السلطة القضائية ومن غير المقبول تعديل قانون السلطة القضائية قبل عرض هذا التعديل علي رجال القضاء”، موضحًا أنه إذا تم تمريره سيقود لأزمة بين القضاة والسلطتين التشريعية والتنفيذية. وطالب الخبير الدستوري، السلطة التشريعية بعرض المشروع على رجال القضاء لتجنب الصدام معها، لافتًا أن المجلس أمام تشريعات لم يتم إقرارها، وبالتالي فيجب عليها إقرارها بدلاً من التعديلات التي تخلق أزمة غير مطلوبة في الوقت الحالي. فيما رأى الدكتور الخطيب محمد، الخبير الدستوري، أن “مشروع تعديل قانون الهيئات القضائية سيفتح الباب لتدخل السلطتين التنفيذية والتشريعية في اختصاصات السلطة القضائية”. وأضاف أنه “يتم اختيار رئيس محكمه النقض يتم عن طريق الأقدمية المطلقة، وبالتالي التعديل يعتبر سبل التعدي على العدالة القضائية داخل النظام الحاكم” . وطالب، السلطتين التنفيذية والتشريعية برفع يدهما عن القضاء، لأنه “من أهم السلطات ذات السيادة بالدولة المصرية”، مؤكدًا أن كبار القضاة لن يسمحوا بتنفيذ المقترح.