المشهد السياسى عن الفترة من 9 فبراير إلى 15 فبراير

أولا: المشهد المحلى

المشهد الوطني:

  • – كيف سيدير النظام مشهد الانتخابات البرلمانية .. ما حدث في الجيزة يخبرنا:

توفي “محمد الدسوقي”، الذي كان يشغل عضوية البرلمان عن إحدى دوائر محافظة الجيزة، وأجرت الحكومة انتخابات تكميلية بهذه الدائرة، ترشح فيها “هشام دسوقي” نجل النائب المتوفى، ومحمد أبو العينين نائب رئيس حزب مستقبل وطن. وقد شهدت هذه الانتخابات تجاوزات ارتكبتها الحملة الانتخابية لـ “أبو العينين”؛ حيث اتهمه “الدسوقي” الابن بالبلطجة، ودفع رشى لشراء الأصوات، وتزوير الانتخابات، ووثقها بمقاطع مصورة، أظهرت جانبًا من الفوضى. وقد انتهى المشهد بفوز نائب رئيس حزب مستقبل وطن وفق المؤشرات الأولية للنتائج. فيما لم تعبأ وسائل الإعلام المحلية باتهامات المرشح المنافس “الدسوقي”، ولا بالمقاطع المصورة الخاصة بعمليات الرشاوى والبلطجة، والتزوير .

وقد رأى مراقبون فيما حدث: أنه “من الطبيعي جدًّا أن يحدث ذلك وأكثر، وهو يؤشر على ما سيحدث مستقبلا بشكل أكبر”، وأنه “لا يمكن الحديث عن انتخابات في ظل حكم عسكري استبدادي، فالبرلمان صنع في أروقة المخابرات والأجهزة الأمنية بشهادة الجميع، ولا يملك من أمره شيئًا”، وأن “تصرف أبو العينين طبيعي ومنطقي، فهو من بقايا دولة مبارك التي صنع برلمانها رجل الأعمال، أحمد عز (برلمان 2010)”.

بالفعل قد تكون هذه الانتخابات التكميلية نموذجًا مصغرًا لما ستكون عليه الانتخابات البرلمانية، خاصة أن النسخة القادمة من الانتخابات البرلمانية ستكون بتنفيذ وإشراف الأمن الوطني، وباعتباره امتدادًا لـ “أمن الدولة” في عهد مبارك؛ فمن المرجح أنه سيلجأ لنفس الممارسات التي كان يعتمد عليها في تنظيم مسرحية الانتخابات في سنوات ما قبل الثورة (يناير 2011)، والتي بلغت نموذجها المثالي في انتخابات 2010. الملفت أن النظام الحالي يحرق مراحل كبيرة في فترات قصيرة نسبيًّا، فما صنعه نظام مبارك في العقد الثالث من سنوات حكمه الثلاثين بدأ النظام المصري الحالي يصنعه رغم عدم مرور 10 سنوات على نشأته.

  • القبلية التي تحكم علاقة قوى المعارضة ببعضها .. عن اعتقال باتريك جورج:

ألقت قوات الأمن المصرية القبض على باتريك جورج، الطالب المصري الذي يعد الماجستير في جامعة بولونيا الإيطالية، بمطار القاهرة الدولي خلال عودته من إيطاليا حيث يدرس، ثم اقتياده من قِبل قوة من الأمن الوطني إلى مكان غير معلوم حتى ظهوره أمام النيابة، متهمًا بـ «نشر وإشاعة أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي» من واقع محضر تحريات المباحث، وقد عاد إلى مصر في ساعة مبكرة لزيارة أسرته، ولكن قوات الأمن بمطار القاهرة الدولي أوقفته . لتقرر نيابة جنوب المنصورة الكلية في وقت لاحق حبس “جورج” ١٥ يومًا علي ذمة التحقيق، في المحضر رقم ٧٢٤٥ لسنة ٢٠١٩ إداري ثان المنصورة .

اعتقال باتريك جورج جزء من الممارسات القمعية التي يرتكبها النظام المصري بحق كل من يهتم بالشأن العام أو يمارس أي نشاط (بحثي، حقوقي، تنموي)؛ حيث يرى النظام في كثير من هؤلاء عدوًّا محتملا، خاصة أن نخبة الحكم لا تثق سوى فيمن يأتمر بأمرها وخرج من رحم أجهزتها الأمنية. من جهة ثانية تكشف الحملة المنددة باعتقال باتريك جورج الطبيعة القبلية للقوى الحقوقية والسياسية المصرية، وتظهر كيف نال الاستقطاب من وحدة هذه القوى، حتى في القضايا التي تبدو موضع اتفاق الجميع، مثل قضايا الحقوق والحريات، ورفض القمع والاعتقالات التعسفية، فنجد في حال اعتقال من هو محسوب على التيار المدني ينبري المحسوبون على هذا التيار في نداءات واعتراضات مستمرة على هذه الإجراءات، بينما يخيم الصمت على المحسوبين على التيار الإسلامي، وفي حال كان الموقوف محسوبًا على الإسلاميين يحدث العكس، حيث ينبري الإسلاميون في التنديد بما لحق بصاحبهم، فيما يلزم التيار المدني الصمت بصورة كبيرة، وبالطبع يبقى لكل قاعدة استثناء؛ لكن يبقى الاستثناء مؤشرًا على صدق القاعدة وحضورها القوي في الواقع.

النقطة الأخيرة: أن الملف الحقوقي وانتهاكات النظام لحقوق الإنسان وحقوق نشطاء المجال العام هي من أهم الملفات التي يجب أن تشتغل عليها معارضة المنفى، من خلال كشف قبح ممارسات النظام بحق المجتمع والمواطنين أمام الرأي العام العالمي. خاصة أنه بحسب مراقبين، فإن أهم العوامل التي أدت إلى سقوط الانقلابات العسكرية في (الأرجنتين وتشيلي وإندونيسيا)، ثلاثة أمور: الأمر الأول: تراجع الدعم الدولي للنظم العسكرية في تلك البلدان، سواءً بفقدانها لإمكانية القيام بالدور الوظيفي المهم، أو للتجاوزات الحقوقية الكبيرة وإغلاق المجال السياسي بشكل كامل، بما يحرج المجتمع الدولي بالاستمرار في تأييد هذه النظم. الأمر الثاني: تدهور الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير؛ مما أدى إلى ضجر الشعوب، وتيقن المؤسسة العسكرية أن الضرر سيلحق بالمؤسسة العسكرية ككل في حال استمرار النظام العسكري في السيطرة على الحياة السياسية. الأمر الثالث: الملف الحقوقي، والانتهاكات التي مارستها تلك النظم العسكرية في حق الشعوب الثلاث، وعمومية هذه الانتهاكات إلى حد خارج نطاق تحمل الشعوب .

*المشهد السيناوي:

  • قتلى ومصابون في سيناء .. ارتفاع جديد في وتيرة العنف والغموض سيد المشهد:

قُتل سبعة جنود وأصيب سبعة آخرون في هجمات نفذها تنظيم «ولاية سيناء»، على ثلاثة كمائن تابعة للقوات المسلحة ضمن سلسلة كمائن «زلزال» الواقعة في محيط قرية الجورة جنوبي مدينة الشيخ زويد. الهجوم الأساسي تركز على ارتكاز «زلزال 15»، والذي نجح المهاجمون بعد مقاومة شرسة من أفراد التأمين في اقتحامه؛ ما أسفر عن سقوط قوة التأمين بين قتيل ومصاب، مشيرًا إلى أن القتلى بينهم ضابطان؛ أحدهما قائد الكمين برتبة نقيب، وآخر برتبة ملازم أول، وخمسة جنود، وجميع المصابين جنود .

الرواية الرسمية: قال المتحدث العسكري أن عناصر القوات المسلحة تمكنت من إحباط هجوم إرهابي على أحد الارتكازات الأمنية بشمال سيناء، وتمكنت قوة الارتكاز الأمني من التصدي للعناصر الإرهابية، والاشتباك معها، والقضاء على (10) أفراد إرهابيين، وتدمير عربة دفع رباعي تستخدمها العناصر الإرهابية، ونتيجة لتبادل إطلاق النيران تم إصابة واستشهاد ضابطين و(5) عسكريين آخرين . رواية ولاية سيناء: أعلنت مسئوليتها عن الحادث، ونشرت بيانًا ذكرت فيه مقتل أربعة من مقاتليها، واستشهاد وإصابة 15 عسكريًّا .

الهجوم على ارتكازات «زلزال»، جاء بعد أيام قليلة من اشتباكات ضارية وقعت بين القوات المسلحة ومسلحين تابعين لتنظيم «ولاية سيناء»، بالقرب من قرية الجورة أيضًا، وأسفرت عن مقتل ضابط وأربعة جنود، وإصابة ثلاثة آخرين، أثناء محاولتهم تدشين ارتكاز جديد تابع لسلسلة خط ارتكازات «زلزال». وقد أجبرت القوات على الانسحاب تحت وطأة هجمات التنظيم.

ولم تقتصر الاشتباكات والقتل على مدينة الشيخ زويد، ولكن مدينة العريش العاصمة كان لها نصيب أيضًا؛ حيث قتل ضابط احتياط برتبة نقيب تابع لسلاح المهندسين وثلاثة جنود، أثناء محاولة تفكيك عبوة ناسفة جنوب شرق مدينة العريش، بحسب مصدر أمني كما كان لمدينة بئر العبد نصيب أيضًا؛ حيث قتل قائد اللواء 134 مشاة ميكانيكي التابع للفرقة 18 بالجيش الثاني المصري، ومرافقه، في تفجير استهدف سيارته على الطريق الدولي بمنطقة التلول شرق مدينة بئر العبد شمال سيناء.

يرى مراقبون أن الحكومة دشنت سلاسل من خطوط الارتكازات العسكرية الحَصينة، المقامة في مناطق نشاط «ولاية سيناء» الأساسية التي خرج منها، سواء بنسخته السابقة «أنصار بيت المقدس»، أو الحالية بعد تبعيته لتنظيم «الدولة الإسلامية»، وأن هذه السلاسل حَدّت من تحركات التنظيم في المناطق التي خرج منها ومعاقله الأساسية في جنوب مدينة الشيخ زويد، وأجبرته على التمدد في الاتجاه الغربي ناحية مدينتي العريش وبئرالعبد، كما غيّرت من مسار المواجهة بين القوات المسلحة و«ولاية سيناء»، ونقلت المعركة من وسط الشيخ زويد إلى الظهير الصحراوي للمدينة. لكن في الفترة الأخيرة تمكن التنظيم من اختراق بعض المناطق التي لم يكن قادرًا على الوصول إليها من قبل، وقامت عناصره بخطف شباب ورجال وسرقة سيارات، وهو ما يمكن اعتباره مؤشرًا على تمكن التنظيم من تشكيل شبكات من المتعاونين.

يجدر الربط بين احتمالية قيام تعاون بين مواطنين سيناويين وتنظيم ولاية سيناء وبين خبر اعتقال الشرطة المصرية لـ 32 سيدة وفتاة من قبيلة الفواخرية بشمال سيناء؛ وذلك بغرض الضغط على مطلوبين أمنيين اثنين -وهما من أقارب المعتقلات- لإجبارهما على تسليم نفسيهما لقوات الأمن . كما يجدر الربط بين هذا التعاون وبين القتل خارج القانون الذي ترتكبه الداخلية في سيناء، خاصة مع كون الداخلية هي المصدر الوحيد للمعلومات، وكونها قليلة المصداقية للغاية لدى المتابع، وكانت الوزارة قد أعلنت عن مقتل 17 عنصرًا إرهابيًّا في تبادل لإطلاق النيران بمنطقة العبيدات بالعريش في محافظة شمال سيناء، وأن قوات الأمن عثرت بحوزة الإرهابيين على 6 بنادق آلية وبندقيتي خرطوش و3 عبوات متفجرة . (يلاحظ أن الداخلية في بيانها قالت إنها اشتبكت مع المسلحين وهم 17 شخصًا، وبعد مقتلهم وجدت معهم 6 بنادق آلية وبندقيتي خرطوش و3 عبوات متفجرة، أي 11 قطعة فقط، وكان هناك 6 أشخاص عزّل قتلوا في الاشتباكات).

ملف جوليو ريجينى

  • ثمن الصمت .. القاهرة تشتري سفنًا حربية إيطالية:

كشفت صحف إيطالية عن تفاصيل صفقات سلاح بين روما والقاهرة، يصل سعرها إلى مليارات الدولارات. وأن هناك صفقة لبيع فرقاطتين إيطاليتين من طراز “بيرغاميني” إلى مصر، تصل قيمتهما إلى 1.3 مليار دولار. وأن هذه الصفقة قد تكون جزءًا من صفقة أخرى أوسع تصل قيمتها إلى 9.8 مليار دولار بين روما والقاهرة. وأن مصر في انتظار 4 فرقاطات أخريات، و20 لنشًا مسلحًا من فئة “Falaj II”. إضافة إلى مساعي مصرية للحصول على 24 مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون”، بالإضافة إلى قمر صناعي للاستطلاع والتصوير الراداري، وطائرات تدريب متقدمة، بالإضافة إلى مروحيات من طراز AW149 . ذلك في التوقيت الذي سجلت فيه مصر أعلى مديونية للبنك الدولي في العالم العربي .

على الجانب الآخر، وفي إطار التعاون الثنائي المصري الإيطالي، بلغت قيمة استثمارات شركة إيني للنفط والغاز الإيطالية في مصر 13 مليار دولار في 2019، وتستمر الشركة في التوسع في استثماراتها، وفي اكتشاف آبار غاز جديدة في حقل ظهر، وحقول غاز وبترول جديدة في الصحراء الغربية، فيما جرت محادثات ووقعت مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون في مجال التصنيع الحربي بين السفير الإيطالي في القاهرة ووزير التصنيع الحربي المصري في ديسمبر الماضي. وفي مجال التجارة وصل حجم التجارة بين البلدين إلى 7.2 مليار دولار في 2018، بحسب وزير التجارة والصناعة المصري .

ويرى مراقبون أن أحد التفسيرات المطروحة للإقبال المصري على صفقات السلاح الإيطالية هو التأثير على الموقف الإيطالي من مقتل باحث الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في مصر. وإن كان من المستبعد النظر لهذه الصفقات في معزل عن المشهد الإقليمي المضطرب، وعن التوتر المصري التركي في البحر المتوسط، وعن الأزمة الليبية. لكن يبقى ربط هذه الصفقات بشراء الصمت الإيطالي على مقتل “ريجيني” على يد رجال أمن ومخابرات مصريين مسألة مهمة؛ خاصة أنها تدخل في إطار ما يمكن تسميته رشاوى تدفعها القاهرة مقابل شراء الصمت الدولي على ممارسات القاهرة القمعية بحق المجتمع والمواطنين، وشراء الشرعية الدولية لمواجهة غياب الشرعية المجتمعية المبنية على رضا المواطنين عن النظام، وهي التي تعاني من تآكل غير مسبوق مع سياسات التضييق والقمع، ومع الأوضاع الاقتصادية المتردية التي لم يواجهها المجتمع من قبل، حتى في ظل نظام مبارك.

ثانيا: المشهد الإقليمى و الدولى

*المشهد الفلسطينى

  • الوفد المصري في غزة .. نجاح في تحقيق التهدئة مع إسرائيل وفشل في حل الخلاف مع حماس:

قام الوفد الأمني المصري بزيارة إلى قطاع غزة، في 10 فبراير 2020، بعد توترٍ أمني كبير بين غزة وإسرائيل، وتهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غزة أكثر من مرة بضربة ساحقة لحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”. وجاء على رأس الوفد رئيس جهاز الاستخبارات اللواء أيمن بديع، برفقة مسؤول الملف الفلسطيني في الجهاز اللواء أحمد عبد الخالق.

تركزت المناقشات على ملفين أساسيين: الأول: العلاقات الثنائية والتوتر الأمني. وقد نوقشت أربع نقاط في هذا الملف تتمثل في:

النقطة الأولى: حول العلاقات بين غزة ومصر، وفيها جرى قطع كل الإشاعات التي تروج لوجود توتر في العلاقة، بفعل التباينات السياسية. وتم مناقشة تعزيز العلاقات بعيدًا عن التوتر السياسي الإقليمي بين الفصائل (بما فيها “حماس”) والمصريين. وذلك بعد الأحاديث التي تشير إلى انزعاج مصر من علاقة حماس بإيران وحزب الله، خصوصًا بعد مشاركة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في تشييع جنازة قاسم سليماني قائد فيلق القدس.

النقطة الثانية: تمثلت في ضرورة الالتزام بالتهدئة، وعدم الانجرار إلى تصعيدٍ عسكري، خصوصًا بعد استئناف إطلاق البالونات الحارقة باتجاه إسرائيل، وتهديد نتنياهو بشن ضربة على غزة. وهناك أحاديث عن أن الوفد نقل إلى قادة الفصائل، أنه في حال استمر التوتر الأمني، فإن إسرائيل ستضرب غزة بغطاء أمريكي.

النقطة الثالثة: تتمثل في تخفيف المعاناة عن غزة، من خلال زيادة الحركة التجارية والبضائع الواردة إلى القطاع، وتقليل معاناة المسافرين عبر الطريق الرابط بين معبر رفح والقاهرة.

النقطة الرابعة: طلب فيها الوفد من الفصائل استقبال وفد منظمة التحرير الفلسطينية، الذي من المقرر أن يصل إلى القطاع خلال أسبوع.

وفيما يتعلق بالملف الثاني: الحدود الجنوبية مع رفح المصرية، ومنع التسلل عبر سيناء، فقد زار الوفد الأمني المنطقة الحدودية جنوب قطاع غزة، والتي تربط مدينة رفح مع جمهورية مصر، وناقش الطرفان ملف تأمين الحدود المشتركة، ومتابعة الإجراءات الأمنية، ومنع عمليات التسلل من غزة إلى سيناء، والعكس.

ويرى البعض أن الخلافات لا تزال قائمة بين حماس ومصر، وهو ما ظهر في عدم حضور أي من رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إلى الاجتماع؛ لأنه ليس موجودًا في غزة، كما لم يحضر رئيس حماس في غزة يحيى السنوار، على الرغم من أن الاجتماع جرى في مكتبه. وإن كان البعض يرجع عدم حضورهما لدواع أمنية تتخذها الحركة.

المشهد التونسى

  • – أزمة الحكومة في تونس متواصلة: وحكومة الفخفاخ مهددة بالفشل:

ما زالت الأزمة السياسية في تونس الثورة على أشدها، فقد كلف الرئيس التونسي قيس بن سعيد السيد إلياس الفخفاخ بتشكيل الحكومة المقبلة، والمعروف عنه رفضه لحزب قلب تونس؛ نظرًا لأنه يمثل وجه الدولة العميقة، كما أنه يمثل ذراع الإمارات في تونس؛ لتمكين الثورة المضادة من إسقاط تجربة التحول الديمقراطي، ولذلك ظهرت أنباء عن توليفة حكومة شكلها الفخفاخ من النهضة والتيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس، في حين لم يتم دعوة أو التشاور مع حزب قلب تونس في الحكومة المنتظرة.

من جانبه، شن قلب تونس هجومًا كبيرًا على الفخفاخ باعتباره مستبدًّا، يرفض تشكيل حكومة وحدة وطنية تنقذ البلاد من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية، وقاموا بتصدير أزمات البلاد لعدم رغبته في توحيد صفها، وهو ما يعرض التيار الثوري عمومًا لفشل الرفض الشعبي لهم. وهو ما أدركته بسرعة حركة النهضة، التي أكدت على حرصها تشكيل حكومة وحدة وطنية، يشارك بها حزب قلب تونس، مقدِّمَةً نصحَها للفخفاخ بضرورة دعوة قلب تونس في حكومته. إلا أنها على الجهة الأخرى، وجهت انتقادًا ضمنيًّا للفخفاخ؛ بسبب رفضها النسبة التي حددها الفخفاخ لها في الحكومة، مضيفة أن وزنها في البرلمان لابد أن ينعكس في نسبة الحقائب التي ستتولاها في الحكومة.

إن الضرورة تقتضي في الوقت الحالي، عدم دخول البلاد في حالة الانسداد السياسي، وتفويت الفرصة على الذين يرغبون في إعادة إنتاج التجربة المصرية في تونس، لاسيما بعد النجاحات الكبيرة التي تحققت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة، والتي لم يكن أكثر المتفائلين يتوقع حدوثها، ولذلك يعد الأكثر قربًا للصواب هو موقف حركة النهضة، الداعم لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تضع الجميع في موقع المسئولية.

  • تونس وإسرائيل .. بين التخبط الرسمي والتطبيع الرياضي:

يبدو أن هناك تخبطًا رسميًّا تونسيًّا في مسألة التطبيع مع إسرائيل، والتي تجلت بقيام وزارة الخارجية التونسية بإقالة مندوب تونس الدائم لدى الأمم المتحدة السيد المنصف البعتي، على خلفية ما عُرف بـ “خروجه عن النص”، و”ذهابه أبعد مما كان يريده رئيس الجمهورية السيد قيس سعيد”، بعد أن بالغ المندوب الدائم في إظهار كافة أشكال الدعم للفلسطينيين بشكل يرقى إلى أن يفسد العلاقات التونسية الأمريكية، وبعد أن تحالف مع السفير الإندونيسي، وصاغا معًا مشروع قرار غير رسمي بتاريخ 4 فبراير يُدين الخطة الأمريكية، ويقف موقفًا عدائيًّا شديدًا ضد الصفقة، من دون الرجوع إلى النص الرسمي في تونس، أو حتى طلب الإذن من الإدارة المركزية في بلده.

ويعكس ذلك حالة التخبط والخلاف بين الدبلوماسيين داخل وزارة الخارجية، كما أنه يعكس حالة الخلاف بين مؤسسة الرئاسة ووزارة الخارجية حول القضية الفلسطينية، فقد سبق وأن أكد الرئيس قيس سعيد عن عدم رضاه عن بيان الخارجية التونسية التي أصدرته تعليقًا على صفقة القرن بعد إعلان ترامب عنها، وربما يكون سعيد هو من طالب المندوب التونسي الدائم لدى الأمم المتحدة باتخاذ تلك الخطوة، ولكنه تراجع عنها ووافق على إقالة المندوب التونسي بعد المكالمة الهاتفية بين الرئيس التونسي وجاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس دونالد ترمب.

وتزامن هذا التخبط على المستوى الرسمي مع وجود خطوات للتطبيع على المستوى الرياضي، فقد نشرت صحيفة إسرائيلية صورة وصفتها بالتاريخية، لرئيسة الجامعة التونسية للتنس السيدة سلمى المولهي بصحبة رئيس الجامعة الإسرائيلية للتنس على هامش لقاء رياضي بين المنتخبين التونسي والإسرائيلي في بطولة Fed الدولية بفنلندا، بتاريخ 5 فبراير 2020، وهي البطولة التي شهدت مشاركة منتخب تونس للتنس ضد المنتخب الإسرائيلي، وهي المشاركة التي لم تخلُ من حالة الارتباك الرسمي أيضًا، فقد نددت وزارة الخارجية بهذه المشاركة، في حين أن وزارة الشباب والرياضة كان موقفها أقرب إلى دعم المشاركة، بينما التزمت مؤسسة الرئاسة الصمت.

وقد جاءت واقعة اللقاء الرياضي بعد أيام قليلة من مشاركة لاعب تنس يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والفرنسية في دورة أقيمت في تونس، وطلب الرئيس قيس سعيد وقتذاك، فتح تحقيق رسمي في ذلك، لم ير النور إلى الآن .

*المشهد السورى

  • – سوريا ملتهبة: إدلب بين قصف النظام ودرع أنقرة:

ما زالت العمليات العسكرية للنظام تتواصل على مناطق إدلب، رغم أنها منطقة خفض تصعيد، وذلك في الوقت الذي تدعو فيه أنقرة لحماية أسس اتفاق أستانة الخاص بتهدئة الأوضاع، ورغم محاولات أنقرة تهديد النظام من خلال زيادة نقاط المراقبة الخاصة بها في إدلب؛ لمنع سقوط سراقب، إلا أن هجمات النظام التي لا تتوقف، أدت إلى توسيع الجيش التركي هجومه؛ ليسقط عشرات من عناصر النظام السوري، وتهديده بالمزيد من العمليات، إذا لم تتوقف عمليات النظام ضد مناطق خفض التصعيد. وأوضح وزير الدفاع التركي “أكار” أن الجيش التركي يرسل وحدات عسكرية إضافية إلى إدلب؛ بهدف تحقيق وقف إطلاق النار، وجعله مستدامًا، وأن أنقرة ستقوم بمراقبة المنطقة. وشدد على سعي بلاده لتحقيق الهدنة، ووقف إراقة الدماء، والحد من عمليات التهجير والنزوح، مضيفا أن نظام الأسد يواصل هجماته على المنطقة جوًّا وبرًّا، بالرغم من التوصل للهدنة 4 مرات.

من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، روسيا للضغط على النظام السوري؛ من أجل إيقاف الأخير هجماته على “المدنيين العزّل”، وأشار في تصريحات صحافية أدلى بها، إلى تصاعد التوتر بشكل كارثي يرتقي إلى مستوى المأساة الإنسانية في منطقة إدلب شمال غربي سورية، داعيًا إلى إنهاء العنف والهجمات على المنطقة. ولفت إلى توصل تركيا وروسيا سابقًا، لاتفاق حول خفض التصعيد، مضيفًا: “إلا أن ما يحدث الآن هو عكس ذلك تمامًا”.

*المشهد اليمنى وألاعيب الإمارات

  • – الإمارات ولعبة الانسحابات المتكررة في اليمن:

ما زالت ألاعيب دولة الإمارات في اليمن لا تتوقف، فمؤخرًا أعلنت انسحابها من العملية العسكرية التي تقودها السعودية؛ من أجل إسقاط الانقلاب العسكري الذي شنته ميليشات الحوثي ضد الحكومة الشرعية.

تتزايد الانتقادات التي تُوجَّه للإمارات تحديدًا؛ نتيجة تأثيرها في الحرب، وفداحة الأوضاع الانسانية والمعيشية في اليمن، من نقص حاد في الدواء والعلاج، وتوقف عمل الكهرباء، ونقص الغذاء. وقد توجهت الحكومة الشرعية للأمم المتحدة، وطالبت مجلس الأمن بالقيام بدوره في وقف الهجمات الإماراتية ضد الجيش اليمني.

الأهم من كل ذلك، أن الحرب فشلت في تحقيق أهدافها، أو على الأقل ما أعلنته من أهداف، ولكن في الحقيقة فإن السياسة الإماراتية سعت لتمزيق اليمن إلى كتل داخلية أهلية متحاربة، بما يضمن التفوق السعودي والإماراتي على الفضاء اليمني؛ ولذلك لا يتوقع حدوث انسحاب إماراتي حقيقي من المشهد.