الأمن يحذر السكان من الحديث للإعلام..لماذا يهدم السيسي “الحي السادس”؟

تلقى سكان الحيين السادس والسابع في منطقة مدينة نصر، شرقي العاصمة المصرية القاهرة، تحذيرات مشددة من ضباط المباحث في قسم شرطة مدينة نصر (ثان)، وآخرين من جهاز “الأمن الوطني” بوزارة الداخلية، من الحديث في وسائل الإعلام عن قرار محافظة القاهرة إزالة منازلهم في إطار مخطط تطوير المنطقة، باعتبار ذلك يمثل “تحريضاً ضد الدولة” يُعاقب عليه القانون.

وقال أحد سكان “عمارات التعاونيات” المهددة بالإزالة في الحي السادس لـ”العربي الجديد”، إن ضباطاً في قسم الشرطة يرتدون الزي الرسمي تحدثوا ميدانياً مع الأهالي أكثر من مرة خلال الأيام القليلة الماضية، لمطالبتهم بعدم إجراء مداخلات هاتفية مع أي قنوات فضائية بشأن الأزمة، أو الكتابة عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما عبر غروب “أهالي الحي السادس والسابع نرفض الإزالة (مع التطوير)” بموقع “فيسبوك”، لأن ذلك يضعهم تحت طائلة القانون.

وأكد الضباط عدم تراجع الحكومة عن قرار الإزالة، حتى في حالة رفض الأهالي للبدائل التي قدمتها المحافظة لهم، لأن قرار الإزالة صادر عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، استناداً إلى تعديلات قانون “نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة”، الذي يمنحه الحق في تقرير المنفعة العامة، وتقدير التعويض بواسطة لجنة تابعة للمحافظة المختصة، مع إمكانية لجوء المتضرر إلى القضاء.

صدمة عارمة يعيشها آلاف المصريين من أهالي الحي السادس بمنطقة مدينة نصر شرقي القاهرة، على وقع قرار بـ”إعادة تطوير المنطقة”، ما يمهد لإزالتها وتهجير المواطنين منها، ما أشاع حالة من الغضب مع محاولات لوقف هذه العملية التي تعتبر غير دستورية.

فبحسب المادة 33 بالدستور المصري “تحمي الدولة الملكية العامة، والخاصة، والتعاونية”.

ودوليا، نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 17 على مبدأ “كل فرد له الحق في الملكية الخاصة، بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين، ولا يجوز حرمان أي فرد مما يملكه بصورة تعسفية”.

في 6 يناير/ كانون الثاني 2022، كشفت الحكومة المصرية عن خطة تسعى بموجبها إلى إزالة الحي السادس وجزء من السابع في مدينة نصر شرقي العاصمة المصرية القاهرة.

وزعم إبراهيم صابر، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشرقية أن هذه الخطوة تهدف لإعادة تخطيط المنطقة بالكامل، من أجل التطوير وإزالة المباني العشوائية.

فيما تحدثت صحف محلية أن عبد الفتاح السيسي أمر الحكومة بإزالة الحي السادس بالكامل من منطقة مدينة نصر، وبناء أبراج سكنية جديدة محل العقارات المقررة إزالتها على مراحل عدة، تبدأ بـ125 عقارا بإجمالي 4500 وحدة سكنية ومحل تجاري تقريبا في المنطقة المعروفة باسم “عمارات التعاونيات”، الواقعة بداية من قسم شرطة مدينة نصر (ثان)، مرورا بشارع الخليفة الظافر، وصولا إلى محور جيهان السادات.

وذكرت صحيفة “الوطن” المصرية المؤيدة للنظام، في تقرير بتاريخ 12 يناير أن حي غرب مدينة نصر يتباحث مع أهالي وسكان الحي السادس والسابع، لتعويض أصحاب العقارات، للوصول لصيغة نهائية تمهيدا لبدء مرحلة التطوير المقررة.

وتتضمن هذه المرحلة إزالة نحو ثلاثة آلاف و500 وحدة سكنية بهذه المنطقة، على أساس الخطة الموضوعة.

الأمر الذي تسبب في غضب السكان الذين فوجئوا بإخطارهم بقرار إزالة عقاراتهم من دون مقدمات، رغم حيازتهم جميع مستندات ملكية وحداتهم السكنية التي يقطنون فيها منذ عشرات السنين، وعدم مخالفتها لأي من قوانين البناء في الدولة.وأكدوا أنها ليست منطقة عشوائية أو خطرة، كما أنها ليست من المباني القديمة الآيلة للسقوط كما تدعي الحكومة.

ويصف الباحث السياسي المصري محمد ماهر، قرار تهجير الأهالي وإخراجهم من بيوتهم في الحيين السادس والسابع بمدينة نصر في القاهرة بأنه “غير دستوري” و”غير قانوني” وقائم على إلحاق الأذى بقطاع عريض من المواطنين يعيشون في هذه المنطقة منذ زمن طويل، ومتملكين بحكم القانون وعن طريق الدولة.

ويقول لـ”الاستقلال”: “لا يمكن أن يخرج هذا العدد من المواطنين تحت حجة المنفعة العامة، لأننا سنكون أمام ضرر عام، فهذه المناطق ليست عشوائية ولم توجد من رحم التمدد العشوائي للعاصمة، بل هي كانت ضمن دائرة التخطيط الحكومية منذ زمن طويل، فمثلها مثل الأحياء الكبرى في مدينة نصر ومصر الجديدة والنزهة وغيرها”.

ويضيف: “هناك كثير من دول العالم كانت تعاني من المناطق القديمة التي بحاجة إلى تطوير، أبرزها الصين وماليزيا وتركيا، وبالفعل قدموا نموذجهم الخاص في تطوير العشوائيات والمناطق القديمة دون إلحاق الضرر بالمواطنين، لأن الإنسان أولا ومقدم على العمران، ولا نهضة حقيقية بدونه، وذلك ما يغفله النظام المصري، الذي يسحق مواطنيه دون رحمة”.

ويلفت الباحث السياسي إلى أن سياسة السيسي اختلفت عن سياسة الرؤساء السابقين، الذين حرصوا على إنشاء مدن جديدة لمحدودي الدخل، مثل العاشر من رمضان و6 أكتوبر وناصر، لكن السيسي أغفل محدودي الدخل وأسس عاصمته الإدارية للطبقات العليا.

و”لم يكتف السيسي بذلك بل زاد بالسعي إلى تهجير قطاع كبير من المواطنين، ما ساهم في تردي أحوال الطبقة المتوسطة التي تتلاشى في مصر حاليا”، يوضح ماهر.

المصدر: العربي الجديد+ الاستقلال